IMLebanon

العراق يقطع رواتب موظفيه في مناطق داعش

Iraq-Dinar-Stacks
تقطع الحكومة العراقية رواتب الموظفين والمتقاعدين المتواجدين في مناطق سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في محافظات نينوي وصلاح الدين والأنبار، عن شهر يوليو/تموز الماضي، ما عدّه مراقبون جريمة ضد الإنسانية في حق مئات آلاف المدنيين الذين يعتمدون في معيشتهم على رواتبهم فقط، في ظل توقف كافة الأعمال نتيجة العمليات العسكرية والقصف الجوي والبري على مدنهم.
في المقابل، يسعى المسؤولون العراقيون، في تلك المحافظات، إلى طمأنة الغاضبين والمتضررين من هذا القرار، عبر تأكيدات بالتوصل إلى صيغ تفاهم مع الحكومة لتسليم الرواتب، غير أن جديداً لم يطرأ إلى الآن.
وصرّح رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، مطلع يوليو/تموز الماضي، أنه لن يسمح أن تذهب أي رواتب إلى المناطق التي تخضع لسيطرة “داعش”، قائلاً إن “بعض تلك الرواتب تذهب إلى تنظيم “الدولة” وتموّل عملياته ضد العراق.
يأتي ذلك بعد مطالبة قادة المليشيات الموالية للحكومة وسياسيين وبرلمانيين بقطع الرواتب عن الموظفين والمتقاعدين ممن يتواجدون في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم “الدولة”.

وحذر تحالف القوى العراقية من هذه الخطوة، واصفاً إياها أنها “طعنة” تستهدف المواطنين العراقيين في تلك المناطق، محذراً من تداعياتها الخطيرة، قائلاً “إن قطع الرواتب عن الموظفين والمتقاعدين في المناطق الواقعة خارج سيطرة الحكومة سيدفعهم إلى اللجوء إلى تنظيم الدولة”.

ووجهت الأمانة العامة لمجلس الوزراء الوزارات المعنية ومجالس المحافظات بإعادة التدقيق في رواتب الموظفين في المناطق التي تقع خارج سيطرة الحكومة المركزية. وكشفت الأمانة، في بيان صحافي، قبل أيام، عن أن مجلس الوزراء وجه بإعادة تدقيق رواتب الموظفين وتشكيل لجنة مهمتها وضع آلية جديدة لتوزيع الرواتب مع تأكيد اعتبارها ادخاراً إجبارياً للذين لم يتسلموا رواتبهم، مؤكدة أن اللجنة المشكلة تتولى مهمة إيصال رواتب الموظفين النازحين من المباشرين بعملهم. وقال محللون، إن قرار الحكومة العراقية قطعَ رواتب الموظفين والمتقاعدين ممن يعيشون في مناطق سيطرة تنظيم الدولة، قرار كارثي وجريمة ضد الإنسانية. وقال المحلل السياسي، فاضل عبد الستار الدليمي، إن “الحكومة لا تزال تتخبط ولا تختلف عن حكومة المالكي في معاقبة الملايين من الشعب العراقي بدوافع طائفية واضحة”. وأضاف، في تصريحات لـ “العربي الجديد”، أن قطع رواتب موظفي الأنبار والموصل وصلاح الدين يعني الحكم عليهم بالموت البطيء، فهم لا يمتلكون أيّ وسيلة للعيش سوى رواتبهم.

وأوضح الخبير الاقتصادي، نمير العبيدي، أن الحكومة العراقية ترسل شهرياً نحو 6 مليارات دينار عراقي (5.2 ملايين دولار) كرواتب للموظفين والمتقاعدين القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، “لكن ضغوطاً كبيرة من أحزاب وكتل سياسية مقربة من إيران مورست على رئيس الوزراء، حيدر العبادي، لإيقاف صرف تلك المبالغ بحجة أنها تذهب إلى تنظيم “الدولة”. وكشف العبيدي لـ “العربي الجديد” أنَّ “الموظفين والمتقاعدين القاطنين في مناطق سيطرة “داعش” يعيشون على هذه الرواتب فقط، ولا يملكون موارد اقتصادية أخرى مطلقاً لشراء المستلزمات الحياتية لعائلاتهم من غذاء ودواء وغير ذلك، وقطع رواتبهم يعني كارثة اقتصادية بالنسبة لهم وهذا أكبر خطأ اقتصادي وإنساني فادح يمكن أن ترتكبه الحكومة العراقية في تاريخ العراق الحديث”. وكشف العبيدي أنَّ “رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، يعد من أكبر المعارضين لصرف تلك المبالغ وأشد المطالبين بإيقافها إضافةً إلى كتلته السياسية، فضلاً عن ضغوط أخرى من سياسيين وأحزاب مقربين جداً من إيران، طالبوا بوقف صرف هذه المبالغ مطالبين بوضعها تحت مسمى الادخار الإجباري، لكنهم لم يفكروا كيف سيعيش عشرات الآلاف من الموظفين والمتقاعدين بلا رواتب وهم غير قادرين على مغادرة مدنهم لضعف حالتهم المادية أصلاً”. من جانبه، حذر نائب رئيس الجمهورية، أسامة النجيفي، من خطورة قرار قطع رواتب الموظفين والمتقاعدين في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم “داعش” موضحاً أنَّ” الدولة تتحمل مسؤولية حماية المواطنين واستمرار حياتهم”.

وقال النجيفي: “الدولة تتحمل مسؤولية حماية المواطنين وإبعاد الفقر والعوز عنهم في ظل الظروف القاسية التي يعيشونها وأنَّ حياة المواطنين في حالة قطع رواتبهم ستكون في خطر”. ووصف النجيفي هذا القرار أنه “كارثة” بالنسبة للموظفين الذين لا يستطيعون الخروج من تلك المناطق ولا يملكون القدرة على مواجهة ظروف الحياة اليومية القاسية، مطالباً الحكومة المركزية بإيقاف هذا القرار وعدم تنفيذه. من جانبها، وافقت وزارة المالية على صرف رواتب الموظفين القاطنين خارج المناطق الخاضعة لتنظيم الدولة بعد موافقة وزير المالية، هوشيار زيباري. وأعلن مجلس محافظة الأنبار في بيان أنَّ “وزارة المالية وافقت على صرف رواتب الموظفين القاطنين، حالياً، خارج مناطق سيطرة “داعش”. وقال المتحدث باسم المجلس عيد الكربولي، في تصريح لـ “العربي الجديد”، إن محافظ الأنبار، صهيب الراوي، اتفق مع وزير المالية على صرف رواتب الموظفين خارج مناطق سيطرة داعش، “فيما يقضي الاتفاق على ادخار رواتب المتقاعدين والموظفين القاطنين في مناطق سيطرة التنظيم وتوزيعها عليهم بعد تحرير تلك المناطق وفق آلية معينة”. على حد وصفه. من جانبهم، وصف الموظفون والمتقاعدون في الأنبار وصلاح الدين والموصل، أنَّ هذا القرار بمثابة إعدام جماعي بطيء لعشرات الآلاف من المواطنين ممن يعيشون على رواتبهم بسبب توقف كافة الأعمال الأخرى في مناطقهم نتيجة العمليات العسكرية والقصف الجوي والبري.