IMLebanon

أزمة «الزبالة» : جبل نفايات يتعاظم على مدارج مطار رفيق الحريري

beirut-international-airport-rafic-hariri

أحمد الأيوبي
قبل بضعة أيام فتح رئيس كتلة الوفاء للمقاومة باب سجال جديد، مستوحياً من أزمة النفايات لوحة سياسية تفضي إلى استنتاج واحد هو ما يعني النائب رعد وكتلته وحزبه: تأكيد عجز الدولة واستحقار دورها والاستهتار والاستهزاء بمؤسّساتها. فمن منبر تأبين قتلى الحزب في سوريا، واصل رعد هجاء الدولة، منزّلاً مرتبتها إلى سلطة «تعجز عن معالجة مشكلة صغيرة بحجم النفايات كيف يمكن أن نطمئن إلى أنه يمكنها أن تعالج الحرب والسلم في هذا البلد؟».

وقال رعد: «أزمة النفايات التي أصبحت أزمة سياسية وتكاد تتحوّل إلى أزمة دستورية وليس هناك في الأفق حل قريب» وأضاف: «أكثر الشعارات التي تُطرح لا نجد الصناديق التي تقدر على تنفيذها، وتتحمّل مسؤولية تلك الشعارات فأعلى سعر في العالم لكنس النفايات وجمعها وطمرها أو معالجتها هو 40 دولاراً للطن الواحد، لكن في لبنان المواطن مضطر لأن يدفع 170 دولارا عن الطن الواحد، لأن هناك سمسرات وعمولات ومحاصصات وتسويات، وأعجب العجائب أن كل ذلك يتم تحت غطاء القانون، الذي يفسّره أصحاب المصالح وفقا لمصالحهم الخاصة. تطرح المناقصة من أجل أن تأتي شركة لجمع النفايات فيقوم أصحاب النفوذ بوضع دفتر للشروط ويُتفق على الاسعار ويتقدم المتعهدون للمناقصات، لكن في مضمون المناقصة شرط بسيط لا ينتبه اليه أحد وهو أن على متعهد النفايات وجمعها أن يجد مطمرا ليضع فيه النفايات، يظن الناس أن هذا أمرا طبيعيا، لكن لماذا وضع هذا الشرط خلسة وتمريرا، ﻷن أصحاب النفوذ يعرفون أن المتعهد لا يستطيع أن يجد مطمرا في أي منطقة دون أن يكون هناك تأييدا وسكوتا شعبيا وحتى يتوافر له ذلك يجب أن يتقاسم اﻷرباح مع زعيم تلك المنطقة».

وتابع رعد: «الآن الكلفة التي يجنيها المتعهد لجمع النفايات وكنسها وطمرها 120 دولارا لكن الـ50 دولارا الباقية لمَنْ؟».

ولم ينس رعد فضيحة الكهرباء من دون أن يتذكّر أن حليفه جبران باسيل هو الملوم الحصري لهذه الكارثة، فقال: «أما مسألة الكهرباء أليس معيبا أننا في العام 2015 لا نحصل على الكهرباء ساعة في الـ24 ساعة، نستأجر البواخر ضمن خطة لتأهيل الكهرباء فإذا بنا بعد سنتين أو ثلاث نصبح بحاجة الى استبدال البواخر، أما المعامل التي استأجرنا البواخر من أجل أن نؤمن الصيانة المؤقتة لها حتى تعود إنتاجيتها  تبقى على حال ترهلها وضعفها وتآكلها فنصبح الآن بحاجة الى معامل جديدة وآستئجار بواخر جديدة».

وزعم رعد أن المسؤول هو المناكفات السياسية التي تحصل داخل أهل النفوذ  والسلطة.

تفنيد وتشريح

في الواقع، وضع النائب رعد مقاربة عجيبة لملف النفايات، حيث وقف هو وحزبه على رصيف النقاش، وكأنه غير معني ولا صاحب قرار، وكأنه ليس جزءا من هذه السلطة التي يتحدّث عنها ويرفض منحها مرتبة الدولة، ويتصرّف كأنه ليس مشاركا بالحكومة مباشرة وعبر حلفائه، وأنّه من صلب هذه السلطة وفي قلب موقع القرار، لكنه يرمي الأثقال على ما يسميه المناكفات السياسية، وهذه المناكفات تنبت في مطبخ «حزب الله» لتتحوّل إلى موجات وحملات تشهير سياسي وتحرّكات تفضي إلى اضطراب أمني..

لقد تجاهل النائب رعد حقيقة ما فعله الوزير جبران باسيل بأموال الكهرباء وبمشاريعه «الخنفشارية» التي أدّت إلى انهيار القطاع تماما، والسؤال: أين كانت المناكفات عندما استطاع باسيل الحصول على المليارات بقرار حكومي منحه حق التصرّف بأموال طائلة لصالح ما أسماه خطة الكهرباء 24/24، فكانت النتيجة أننا نكاد نصل إلى انقطاع على مدار الساعة.

يجهّل رعـد الفاعل ويرمي سهام التشكيك على خصومه السياسيين والاقتصاديين، ويمضي ضاربا صورة الدولة.

في موضوع النفايات: يقوم رعد بدور غرائبي، حيث يتحوّل محاضرا عن سعر كيلو النفايات وكيفية تدويرها، وسبل الافادة منها، لكنه في الحقيقة، هو وكتلته النيابية وحزبه، لم يكونوا جزءا من أي مبادرة أو حلٍ أو مسعى، بل إن «حزب الله» استعمل أزمة النفايات للضغط على تيار المستقبل لدفعه إلى تقديم التنازلات للنائب ميشال عون، ولتقويض صيغة اتخاذ القرار في الحكومة، في خطوة من شأنها الإطاحة بصلاحيات رئيس مجلس الوزراء.

يمنع «حزب الله» أي مناقشة جدية لاقتراح نقل النفايات إلى الجرود النائية لعرسال، إمعانا في فرض الحصار على مدينة يريد ميشال عون أنْ تكون مثلث الحصار والضغط من قبل الجيش ومعها طرابلس ووادي خالد..

ليس هذا فحسب، بل إنّ هناك أزمة صامتة حادّة يعاني منها مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي، وهي تتمثّل بإنشاء قوى الأمر الواقع المدفوعة من البلديات المرعية من «حزب الله» جبل نفايات على تخوم مدارج المطار، وهو أمر حذّر منه وزير الأشغال العامة غازي زعيتر، وصدرت الأصوات بضرورة وقف المراكمة فيه، وإزالته.. لكن كميات النفايات إلى ازدياد والمشكلة إلى تفاقم وتضخّم.

ومع تقدم الوقت، ستزداد نسبة الطيور المتزاحمة على أكوام نفايات مدارج المطار، وسيصبح الطيران المدني في مطار بيروت مهدّدا بالخطر، وحتى الساعة، فإنّ 7 شركات كبرى أعطت تحذيرات إلى إدارة المطار بأنّه إذا لم تقم الجهات المعنية خلال مدّة زمنية محدّدة بإزالة المكب الناشئ، فإنها ستمتنع عن تسيير رحلاتها إلى بيروت، ومن المرجح أنْ يتزايد عدد هذه الشركات.

فهل يتداعى المسؤولون إلى التحرّك وزيارة المطار؟، وهل تتداعى وسائل الإعلام لكشف حقيقة المخاطر المحدقة؟.. وهل يرسل وزير الداخلية جرّافات البلديات.. لإزالة جبل النفايات «الدولي»؟!