IMLebanon

سياسات المصارف المركزية تزداد أهمِّية

FederalReserve2

طوني رزق

يزداد دور المصارف المركزية في مختلف أنحاء العالم أهمية بعد أن أصبحت الدائن الأكبر للحكومات والوسيط الرئيس بين الدائنين الآخرين والحكومات، وباتت سياسة الإسكان من ضمن صلاحياتها. وتبقى تدخلاتها في الاسواق أضمن وأسرع من تحرّك السلطات السياسية.

اتّسع دور المصارف المركزية في مختلف أنحاء العالم وباتت سياساتها المعتمدة تؤدي دوراً خطيراً جداً في الاسواق المالية وعلى مستوى الاقتصاديات الوطنية والعالمية.

وفي أحدث مِثال على ذلك يتداوَل الخبراء والمراقبون موضوع الاضطرابات الحادّة التي سجّلت في الاسبوع الماضي على أثر التدهور الدراماتيكي في اسعار الأسهم في الصين، والذي كادت تداعياته الكبيرة في البورصات العالمية تكبّد المستثمرين خسائر فادحة تجاوزت قيمتها التريليون دولار اميركي.

امّا عودة هذه الاسهم في نهاية الاسبوع الى نوع من الهدوء والاستقرار فلم تكن نتيجة حركة العرض والطلب او الشراء والبيع، بل يؤكد المراقبون انّ ذلك كان نتيجة تدخّل المصارف المركزية لإعادة نوع من التوازن والاستقرار الى البورصات العالمية لتجَنّب انهيارات الاسهم والشركات والمؤسسات المالية، وبالتالي تجنّب أزمة مالية عالمية قد تخرج عن سيطرة مختلف المسؤولين في مختلف أنحاء العالم.

وهنا تكمن الخطورة، إذ اعتبر كثيرون هذا التدخّل من قبل المصارف المركزية وجهاً من الادوار التي تؤديها هذه المصارف، الأمر الذي يحجب الحقيقة والواقع في بورصات الاسهم ويدعم الاستقرار والاقتصاديات على نحو مصطنع قد لا تكون عواقبه سليمة.

ومن الأوجه الحسّاسة الاخرى يذكر المحللون سياسات التحفيز الاقتصادي التي اقتضَت ضَخ تريليونات الدولارات في كل من الولايات المتحدة الاميركية واوروبا واليابان وغيرها. هذه الاموال التي ذهبت بشكل غير مباشر الى المصارف والمؤسسات المالية ولم تبلغ أبداً القوى البشرية العاملة.

ويعكس ذلك مدى خروج السياسات الاقتصادية عن إرادة السلطات وتركيزها على مؤسسات مستقلة مثل المصارف المركزية، وباتت القدرة على اعادة توزيع الثروات في المجتمعات في يد المصارف المركزية وليس في يد السلطات السياسية. على انّ البعض يقول انّ قدرة هذه المصارف على اتخاذ القرارات في حينها تبقى اكثر إفادة من احتمالات تأخّر القرارات السياسية بشأن أمور تتعلق بالأزمات المالية الحادة.

على انّ المصارف المركزية باتت حالياً الدائن الاكبر للحكومات والضامن الرئيسي للاسواق المالية، وهي تؤدي دور الوسيط بين الدائنين المختلفين وبين الحكومات، كما تؤدي دوراً أساسياً في تمويل قطاع الإسكان. إنّ دور المصارف يكبر ليصبح أكثر أهمية من السابق.