IMLebanon

هل سيتمكن شهيب من تمرير خطته شعبياً و”مدنياً”؟

akram-chehayeb
حنان حمدان
مع مرور الوقت تبدو خطة الحكومة لمعالجة أزمة النفايات والتي باتت تعرف بـ”خطة (النائب أكرم) شهيب”، بمثابة خطة “الأمر الواقع”، إذ أنّ الاعتراضات عليها لم تكن “متينة” إلى حد يمكن معه الحديث عن بدائل منها، لاسيما لجهة تحديد مواقع بديلة للمعالجة. لذلك، وفي ظل عمل الحكومة الحثيث على “تمرير” الخطة عبر الاتصالات السياسية واللقاءات المكثفة التي يجريها شهيب مع جهات أهلية و”مدنية”، وفي ظل ما يمكن تسميته ليونة في مواقف بعض المعنيين في المناطق المنوي إقامة مطامر فيها، يمكن القول إن الحكومة تشق الطريق نحو تطبيق الخطة “مع بعض التعديلات”. وقد كان كلام الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط عن تطبيق الخطة “بالقوة” مؤشراً إلى عدم إمكان التراجع عن الخطة وأن ما يمكن القبول به هو تعديل بعض بنودها، من دون السماح باعادة الأمور إلى نقطة الصفر، خصوصاً أننا اقتربنا من موعد المطر.
وهذا ما بدا واضحاً أيضاَ في كلام رئيس لجنة البيئة النيابية النائب مروان حمادة، اليوم الإثنين، عقب إجتماع اللجنة بحضور شهيب، إذ قال يجب “الانتقال من الكلام النظري إلى التطبيق الفعلي لخطة النائب شهيب، وذلك، بموافقة ودعم القوى الموجودة كافة، بما فيها الحراك الشعبي”.
يتفق حمادة في كلامه، مع تصريحات رئيس لجنة الخبراء الموكلة إيجاد حلول لأزمة النفايات، أكرم شهيب، والذي يبدي في كلامه منذ تشكيل اللجنة، حرصاً على إشراك الخبراء البيئيين في وضع خطتها، خصوصاً أن غياب ثقة الشعب بالسلطة السياسية بعد فشلها في إدارة هذا الملف على مدى أعوام، جعل من التوافق على هذه الخطة أمراً صعباً ويتطلب ايجاد أرضية “شعبية” مؤاتية.
والحال أنه وفور إعلان “خطة شهيب” ظهرت العديد من الإنتقادات لمضمونها، إذ بدأت تنظم التظاهرات الرافضة لهذه الخطة في المناطق المنوي طمر النفايات فيها، وتم إصدار بيانات تعارض تنفيذها من الحركات البيئية، ومنظمات المجتمع المدني إضافة الى “الحراك الشعبي”.
وفي السياق أعلنت لجنة متابعة “حراك 29 آب” يوم السبت الفائت رفضها خطة شهيب التي أقرت أخيراً في مجلس الوزراء. ورأت أن هذه الخطة “لا تمثل إلا عملية مراوغة لمعالجة الملف النفايات، وتدابير الفترة الإنتقالية جاءت مخالفة عن الخطة المعلن عنها”. كما جاء في بيان “الإئتلاف المدني الرافض للخطة الحكومية للنفايات” أن “هيئات المجتمع المدني قد أبدت تحفظها على هذه الخطة، وأبدت إعتراضها بكل وضوح، إلا أنه تبين أن اللجنة لم تأخذ برأي المعترضين”. وعليه فقد اعتبرت الهيئات أن “إقرار خطة معالجة النفايات في لبنان على هذا النحو، إنما يشكل خطوة ناقصة تماما في مجال الدقة والشفافية”.
إعلان البيانات الرافضة، تبعته خطوات إيجابية من قبل اللجنة والمعنيين لاحتواء هذا الرفض، من خلال إعلان الوزير شهيب في لقاء مع هيئات المجتمع المدني في مقر غرفة بيروت وجبل لبنان أمس الأحد، أن خطة النفايات “ليست قرآناً أو إنجيلاً، وهناك إستعداد لتعديلها وقبول أي فكرة إيجابية، وذلك إستجابة لأي رأي علمي أو فكرة تخدم الخطة والأهداف المرجوة منها”. وخلال اللقاء تم الإعلان عن إنضمام جمعية “لا فساد” لمتابعة هذا الملف لجهة مراقبة تنفيذ الخطة. عقب ذلك طلبت لجنة الخبراء من الحراك المدني المعترض على تنفيذ الخطة “تسمية موقع لنقل النفايات إليه، وفرزها” مشيرة إلى “إستعداد اللجنة لاستخدامه كنموذج خلال المرحلة الإنتقالية”.

إلا أن وسيلة الإقناع والتفاهم التي إعتمدتها اللجنة لم تحدث تغييراً “جذرياً” في مواقف المعترضين حتى الآن. أو أقله لم تحد، إلى الحد المطلوب، من تصاعد موجة “الرفض الشعبي” للخطة. على الرغم من اعتراف البعض بإيجابية تعاطي اللجنة مع المعترضين على خطتها، خصوصاً أنّ الإعتراض جاء على ثغرات محددة في مضمون الخطة لا على الخطة ككل.

يلفت الخبير في كيمياء التلوث والسموم، والعضو في لجنة متابعة “حراك 29 آب” ناجي قديح في حديث لـ”المدن”، إلى أن “الحوار يصبح ذا قيمة فعلية عندما يظهر المعنيون الإستعداد لتعديل قرار مجلس الوزراء الرقم 1-79 الصادر في تاريخ 9 أيلول 2015 (خطة شهيب) وغير ذلك يبقى بلا قيمة”، فيما ينتقد “الغموض الذي يعتري الخطة، التي لم يتم التطرق فيها إلى آليات المعالجة والمواصفات المتبعة، وعادت لتعتمد في المرحلة الأولى على المطامر من دون الفرز”. ويردف قائلاً: “العملية المتكاملة تتطلب إستراتيجية موحدة تكون سليمة بيئياً، وقد قمنا مراراً بتقديم إقتراحات سليمة بيئياً وبكلفة منخفضة، فلماذا يسعون إلى أخذ موافقتنا على سياسات غير صحيحة، في الوقت الذي قمنا بتقديم حلول بسيطة وبيئية وتم تجاهلها؟ وما توصلنا إليه اليوم من كوارث بيئية بفضل خيارات من في السلطة تتحمل مسؤوليته هي وحدها، وعليها تنفيذ الحلول البعيدة عن الهدر والتي تؤمن السلامة البيئية والصحية، ونحن على استعداد للمضي معها في تطبيق هذه الحلول”. يضيف قديح، “الخلاف مع اللجنة هو على كيفية معالجة النفايات العضوية، والحل البديل يكون بالفرز أولاً وإنشاء معامل من أجل تسبيخ هذه النفايات ثانياً”.
فيما يرى رئيس “التيار النقابي المستقل” حنا غريب في حديث لـ “المدن” أن “جميع محاولات الحكومة ليست إلا للمماطلة والتسويف، ومن المعيب تحميل أزمة النفايات للحراك الشعبي والناس، وهذا ما تحاول السلطة القيام به”. وفيما يعتبر أن الخطوة الأهم حالياً تبدأ بإزالة النفايات المتراكمة في الشوارع، يقول أن تحديد مواقع لمعالجة النفايات ليس مهمة الحراك الشعبي. “السلطة فشلت وهي من عليها تحمل هذا الفشل”.

إلى ذلك يتخوف بعض المعارضين للخطة من أن تفتح موافقة مجلس الوزراء على العناوين العريضة للخطة، باباً أمام السلطة السياسية لتنفيذ “تفاصيل” الخطة “كيفما اتفق”. إلا أن مصادر في لجنة الخبراء أكدت أن قرارات متتالية ستتبع قرار اقرار “خطة شهيب” في مجلس الوزراء، ما يعني أن القرار لن يبقى يتيماً وستصدر عن الحكومة قرارات تكمله وتكون أكثر دقة ووضوحاً منه.

والجدير ذكره أن النائب شهيب يلتقي بعد الظهر اليوم الإثنين، مع جمعيات بيئية ومجموعات من الحراك المدني، وسيعقد غداً في “البيال” لقاء موسعاً مع فعاليات منطقة عكار.