IMLebanon

التدخل الروسي مغطّى دولياً.. من سيحكم سوريا؟ (محسن المختفي)

strike-russia

 

تقرير محسن المختفي

 

منذ دخول روسيا جبهات الحرب في سوريا، كثرت الأسئلة بشأنها، لجهة السبب والتوقيت والهدف الاستراتيجي لهذه الخطوة، وما يمكن ان ترتّبه من متغيّرات في مجرى الأحداث في المنطقة، جيوسياسياً، وعلى الأمد البعيد.

العميد المتقاعد وهبي قاطيشا رأى في حديث لموقع “IMLebanon”، أن ثمة تكليفاً من الأسرة الدولية لروسيا لإعادة التوازن إلى الوضع السوري، بعدما رأت أن الوضع كان يسير بإتجاه إنهيار نظام بشار الأسد، وهذا الإنهيار لا تريده لا روسيا ولا أميركا ولا أيّ دولة عربية. من هنا، الكلّ مصرّون على أن يكون هناك عملية إنتقالية، الأمر الذي يحتّم إستنهاض نظام بشار الأسد والمعارضة المعتدلة في آن معاً من أجل التوصل إلى حل للوضع السوري. لذلك نرى أن روسيا هي المكلفة بهذا الموضوع، لأنّ روسيا جهزت الجيش السوري على مدى عشرات السنين وهي حليفة سوريا منذ زمن طويل.

لروسيل مصالح عدة في سوريا، هذا ما اكده رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات العميد الركن هشام جابر لموقع “IMLebanon”، وهذه المصالح تتخلص بالتالي: أولاً، سوريا هي موطىء القدم الوحيد المتبقي لروسيا بعد الإتحاد السوفياتي في المنطقة. ثانياً، ثمة ما يسمى بالمياه الدافئة أيّ البحر الأبيض المتوسط وهو بمثابة حلم لروسيا منذ أيام القياصرة، والرئيس فلاديمير بوتين يمثل المصالح الروسية وهو شخصية تختلف عن الذين حكموا روسيا قبله لذلك هو حازم. والسبب الثالث والمعلن هو أن ثمة خطراً على الإتحاد الروسي من وجود أكثر من 3000 جهادي أتوا من جمهوريات الإتحاد السوفياتي السابق مثل الشيشان وغيرها.

هذا الواقع قد يفرز معادلات جديدة على المستوى الجيوبوليتيكي والسياسي الاستراتيجي، وهو ما عبّر عنه قاطيشا بتأكيده أن لا تقسيم جغرافياً للمنطقة، إنما تغيير في الأنظمة حيث ستتطور من ديكتاتورية الى انظمة اقل ديكتاتورية وصولا إلى الديمقراطية، والوضع السوري يتجه بهذا الاتجاه، معتبرا أن ثمة إستحالة لتقسيم المنطقة الى دويلات وخاصة بالنسبة الى سوريا التي قد يكون فيها لامركزية موسعة او فيدراليات متوسطة، من دون فرض منطق التقسيم في سوريا.

واعتبر قاطيشا أن الأسرة الدولية نسقت مع روسيا بشأن الضربات والدليل، زيارة ولي العهد السعودي الى روسيا والرئيس التركي رجب طيب اردوغان ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل بدء العمليات العسكرية، فيما وزير الخارجية الاميركي جون كيري على تواصل دائم مع نظيره الروسي. وهذا يدل على أنّ هذا الموضوع تم الاتفاق عليه سابقاً.

جابر أعرب عن اعتقاده بأنّ بوتين إتفق مع الولايات المتحدة على أنّ ثمة خلافاً على من يحكم سوريا، ولكن البنى التحتية للدولة السورية وأوّلها الجيش السوري يجب أن لا يتفكك.

وإنطلاقاً من هنا، إعتبر بوتين أنّ كل التصرفات الأميركية تنم على أن ثمة خطة لإضعاف وتدمير الجيش السوري. فتدخلت روسيا في سوريا تحت شعار محاربة الإرهاب أيّ جميع التنظيمات الإرهابية بإستثناء الجيش السوري الحر، إلى جانب دعم النظام السوري ومنع إنهياره من الناحية الإستراتيجية.

وأوضح جابر أنّه على الصعيد التكتيكي، بدأت الضربات الروسية بالتركيز على إستهداف المنطقة الوسطى أيّ حمص وحلب وحماه وإدلب لأنّ هذه المنطقة هي الخطر الداهم. أما اللاذقية فهي مهدّدة بعدما إستطاع “جيش الفتح” أن يحقق إنجازاً عسكرياً ضخماً في منطقة إدلب ووصل إلى جسر الشغور وإحتل مطار أبو الظهور وبالتالي أصبح يهدد الساحل السوري بشكل جدي.

وأشار إلى أنّ قدوم روسيا الى الساحل السوري وسيطرتها على مطار حميميم وإنشاء قاعدة جوية لها وليس للسوريين، عزز وجودها على الساحل السوري، وبما أنّ جسر الشغور هو بوابة الساحل السوري وبقاء هذه المجموعات المسلحة على جسر الشغور يهدّد في أيّ وقت بإختراق يمكن أن يؤدي بالوصول إلى اللاذقية خلال ساعات، بدأ الطيران الروسي بتركيز قصفه على هذه المنطقة لينتقل لاحقاً إلى ضرب “داعش” في الرقة وغيرها.

ردّات فعل الغرب بشأن الضربات الروسية بالنسبة لقاطيشا هي لمنع روسيا من التمادي، معتبراً أن موسكو غير راغبة في التمادي اصلاً لأنّ ايّ تمادي روسي خصوصاً على الصعيد البري، يعكس القضية سلباً عليها. وأكد أنه لو أراد حلف شمال الأطلسي الدخول الى سوريا لما كان قد تم تكليف روسيا بذلك.

جابر لفت إلى أنّ الخريطة في المنطقة ستعدل بشكل جزئي، وأنّ الهدف التكتيكي للتدخل الروسي حالياً هو تقوية الجيش السوري على الأرض تمهيداً لتوسيع الرقعة الجغرافية التي يسيطر عليها النظام. فالمنطقة الوسطى ايّ حمص وحماه وإدلب، هذه المنطقة التي تقع بين دمشق والساحل السوري، ليست تحت سيطرة النظام وبالتالي هي أولوية مطلقة. لذلك نرى أنّ القصف الروسي بدأ في حماه بالتزامن مع تدخل للجيش السوري على الأرض لأنّها نقطة إستراتيجية تربط بين دمشق والساحل السوري.

إذا، وفيما تكثر القراءات بشأن الوضع الروسي الجديد، وبشأن الجهة التي تذهب إليها المنطقة، على ضوء الأزمة السورية، لابدّ من فترة انتظار، التطورات الميدانية، وإلى أين ستوجه البوارج الروسية والطائرات الروسية صواريخها، ليتبلور مشهد واضح وصريح، هل نحن ذاهبون إلى تقسيم سوريا، ومنها إلى المنطقة ككل، أم باتت الفيدرالية هي الحلّ للمنطقة بأكملها؟.