IMLebanon

الخوف من المجهول يشل حركة العقارات في العراق

IraqRealEstate
تشهد حركة سوق العقارات في العراق توقفاً شبه تام، ملقية بظلالها السلبية على المهن المرتبطة بها، لتحيل عشرات الآلاف من الحرفيين إلى عاطلين عن العمل، وهو ما يراه مراقبون “أمراً مسلَّماً به”، كون البلاد تمر بمرحلة قلقة ومستقبل غير آمن. مختصون في العقارات أكدوا، لـ “العربي الجديد”، أن قطاع الأراضي السكنية أصابه خمول لم يعرف مثيله في السابق، لافتين إلى أن أسعار العقارات تراجعت تدريجياً منذ أكثر من عام، بالإضافة إلى توقف عمليات البيع والشراء. حول ذلك، بيّن سليم عبد الرحمن، وهو مستثمر في قطاع البناء، وجود قراءات تؤكد أن الحفاظ على السيولة المالية خير من المجازفة بها في قطاع العقارات. وأوضح، في مقابلة مع “العربي الجديد”، أن هذه القراءات تتعلق بـ “عدم تمكن الحكومة العراقية من استعادة المدن، التي سيطر عليها تنظيم داعش، ووجود مليشيات مسلحة تعمل بحرية على الأرض، وتراجع الاقتصاد العراقي بسبب تدهور أسعار النفط، والفساد الحكومي، وتحول العراق إلى منطقة صراع بين عدد من الدول”. ووفقاً لما ذكره عبد الجبار بريسم، صاحب مكتب للعقارات في بغداد، فإن بيع العقارات من عمارات ومساكن وقطع أراضي توقف بشكل شبه كامل، موضحاً أن “الكثير من المواطنين خفضوا أسعار عقاراتهم المعروضة للبيع، حتى وصلت أسعار بعضها إلى نصف قيمتها الحقيقية، وفي بعض المناطق إلى ما دون نصف القيمة، بالقياس إلى ما كانت عليه قبل نحو أكثر من عام”. وأشار بريسم، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن غاية البعض تحويل العقارات إلى سيولة قد يحتاجها في وقت قادم “للهرب من العراق، أو لتسيير حياتهم اليومية، إذا ما تدهورت الأوضاع الأمنية بشكل أكبر”، بحسب قوله. الأمر ذاته ذهب إليه عدد من أصحاب مكاتب للمقاولات، بينهم غالب النجار، الذي أكد أن “لا أحد يرى في الأفق القريب سوى الكوارث”، لافتاً إلى أن العمل في سوق العقارات يتطلب مجازفة كبيرة. وأضاف النجار، لـ “العربي الجديد”، أن “الكثير من المقاولات توقفت بسبب توقف أصحابها عن إتمامها، إنهم يرون في توفير سيولة مالية تحت تصرفهم قد تنفعهم في قادم الأيام، التي لا يستطيع أحد التكهن بما ستحمله، لكنها لا تبدو طيبة”. من جهة أخرى، يُعرف قطاع العقارات بأنه يوفر مصدر رزق لمئات الآلاف من المهرة والكسبة في عدد من المجالات، سواء في البناء أو ما يتعلق به، الأمر الذي ألقى بظلاله على هذه القطاعات.

صهيب الكروي، أحد تجار مستلزمات وأدوات صحية، يقول، لـ “العربي الجديد”، إنه يبحث عن طريقة ما لبيع بضاعة له قيمتها الشرائية 800 ألف دولار، ليتمكن من التوجه إلى مهنة أخرى، بعد أن تعرض قطاع الصحيات إلى التوقف.
ويملك الكروي، وهو تاجر مواد صحية، مخازن مملوءة بالبضاعة المستوردة خصيصاً لقطاع البناء، الذي قال عنه إنه “كان مربحاً حتى قبل حوالى عام ونصف العام”، مشيراً إلى أن عمله مرتبط بقطاع البناء، “الذي تسبب بخسارة كبيرة لي، وصرت أبحث عن بيع بضاعتي من دون أرباح، بل لا أمانع إن خسرت فيها. همي فقط إعادة بعض رأس المال لأجد عملاً آخر”.

معامل وورش عديدة ببغداد معروضة للبيع، كانت تشهد حتى وقت قريب حركة لا تهدأ، وعملاً يمتد حتى ساعات متأخرة من الليل أحياناً، توفر فرص عمل لعدد كبير من الشباب.
ومن بين أهم الأماكن، التي تنتشر يافطات تعلن عن بيع الورش فيها، سوق الألمنيوم وسوق الحديد وسوق الخشب وسوق الكهربائيات، وجميعها توجد في مناطق صناعية مختصة، بوسط العاصمة العراقية.
مختصون أكدوا إن لم يطرأ أي تحسن على سوق العقارات، فإن “البلد سائر إلى مشاكل تعقد أمنه بشكل أكبر مما هو عليه” وهو ما يعتقده الخبير الاقتصادي حسن العامري، الذي يؤكد على “حساسية العلاقة بين الاقتصاد والأمن” منبهاً في حديثه مع “العربي الجديد” من “انحراف بعض الشباب وانخراطهم في عصابات تعتمد السرقة والخطف، لتأمين مصدر قوت عوائلهم بعد أن فقدوا أعمالهم في هذه الأسواق”.
وكان المدير التنفيذي لرابطة المصارف الخاصة العراقية، علي طارق، قد نوه في تصريحات سابقة، إلى أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه قطاع المصارف في تحريك السوق العقارية، إذا ما توافرت الظروف الملائمة لجهة والتشريعات المساعدة، موضحا أن “لدى المصارف الإمكانات لرفد قطاع العقارات بالقروض والتمويل، إذ يصب ذلك في مصلحة تنشيط السوق العقارية، رغم التحديات التي تواجه البلد حالياً”.