IMLebanon

موسم قطاف الزيتون يتعثر في لبنان

OliveHarvest
تضفي شجرة الزيتون على لبنان لوحة طبيعية خضراء كما انها تساهم في دعم الاقتصاد اللبناني الا انها تواجه تحديات تؤثر سلبا على جودتها ومكانتها ومردوديتها.

ويعاني قطاع زيت الزيتون في لبنان من منافسة خارجية شرسة وانتشار مافيات الزيت المغشوش، واستفحال امراض طفيلية تؤثر سلبا على جودته.

وينطلق موسم قطاف الزيتون في مثل هذه الأيام من كل عام في لبنان.

ويشكل موسم قطاف الزيتون مصدر عيش ورزق لعائلات لبنانية في ظل تدهور الوضع الاقتصادي.

ويعتبر من المواسم التراثية التي حافظ عليها البعض، كما انه بمثابة عيد يجمع أفراد العائلة.

ويكاد يتحول موعد قطاف الزيتون الى عيد قروي، يلتقي فيه الجميع كل صباح، للشروع في عملية حصاده.

ويتم حفظ الزيتون على مدار العام حيث يوضع صحن الزيتون على مائدة الطعام كطبق رئيسي، كما يحوّل جزء من حصاده الى المعاصر لإستخراج زيت الزيتون منه.

ويشكّل زيتون المائدة 30 بالمئة من إنتاج الزيتون اللبناني، ويتحوّل الباقي إلى زيت زيتون في معاصر.

وتستغرق عملية العصر 15 دقيقة وتباع التنكة ما بين 200-225 الف ليرة لبنانية.

وتبدأ الطقوس المرتبطة بقطاف الزيتون باجتماع أفراد الأسرة في منتصف سبتمبر/أيلول لجنيه مروراً بانتظار الشتوة الأولى في أكتوبر/تشرين الاول، وصولاً إلى قيام المزارعين بقطف ثماره.

ويستخدم البعض الطريقة الكلاسيكية في قطف الزيتون بهز الشجرة أو ضرب الغصون المثمرة بعصا، فتتساقط حبات الزيتون أرضا على مفرش من القماش أو النايلون حيث يسهل تجميعها.

وتجلس النسوة تحت الشجرة ينظفن الحبات من الاوراق والاغصان العالقة فيها ومن التراب الذي قد يخالطها ثم يعبئنها في أكياس بيضاء.

ويعتمد البعض الاخر على طريقة حديثة في القطف تتمثل باستخدام قطافات بلاستيكية لجني الزيتون، وتفرز بعد ذلك حبات الزيتون حسب جودتها ونوعيتها.

ويعتبر قطاع زراعة الزيتون من أهم القطاعات الزراعية في لبنان، كما انه يشكل 25 بالمئة من المساحات المزروعة.

وتنتشر كروم الزيتون على مساحة تتخطى السبعين الف هكتار وتحتوي ما يزيد عن 14 مليون شجرة اكثر من نصفها من الاشجار التاريخية التراثية المعمرّة.

ووفق إحصاءات وزارة الزراعة، تتوزّع كروم الزيتون في المناطق اللبنانية بـ40 بالمئة في الشمال، 39 في المئة بالجنوب، 15 بالمئة في جبل لبنان، وحوالي 6 بالمئة في البقاع.

والزيتون البلدي اكثر أشجار الزيتون اللبنانية شهرة ووفرة، الى جانب وجود أشجار زيتون أجنبية على غرار “الطلياني” و”اليساني”.

ويطلق على الزيتون في لبنان “شجرة البقاء”.

ويعمل في القطاع ما يقارب 30 الى 40 بالمئة من اللبنانين.

ويعد قطاف الزيتون مصدر عيش اساسي لمئات العائلات سواء التي تمتلكها او التي تعمل فيها بالأجرة. كما يعد موسم الزيتون من المواسم التراثية، ومن عوامل الإنتاج المهمة في لبنان.

ويقول احد المزارعين ان شجرة الزيتون بركة العائلة، كما تعلم اولادنا الارتباط والتعلق بالارض.

واستاء المزارع من قيام البعض باقتلاع اشجار الزيتون المعمرة من مكانها ونقلها الى حدائق القصور والفيلات لزرعها هناك للتباهي بها، وشبههم بمن “من يقتلع انسانا من ارضه”.

وتنتظر العائلات اللبنانية في القرى موسم القطاف لدفع اقساط ابنائهم المدرسية.

ويعتبر الاجداد ان موسم القطاف لا يستقر على حال، ويمكن ان يتهاوى الانتاج بعد ان بلغ ذروته في السابق.

ويشكو المزارعون من تراجع نسبة الإنتاج في السنوات الثلاث الماضية.

وتكبد المزارعون في موسم الزيتون خسائر مادية اثقلت كاهلهم.

ويعجز بعضهم عن بيع إنتاجهم من الزيت بسبب “مافيات الزيت المستورد والمغشوش”، التي تقوم بإغراق السوق اللبناني بكميات من الزيت المستورد او غير المطابق للمواصفات بأسعار بخسة.

ويتسببون بالتالي في تكديس زيت الزيتون المحلي في خوابيه.

وأشارت احصائيات غير رسمية إلى وجود ما يقارب من مليوني صفيحة زيت لم يتم تصريفها منذ العام الماضي.

وافاد جورج قسطنطين العيناتي رئيس الفرع الزراعي في الاتحاد الوطني العام للجمعيات التعاونية اللبنانية ومنسق تجمّع الهيئات الممثلة لقطاع الزيتون في لبنان ان زيت الزيتون المحلي يواجه منافسة شرسة من المنتج الأجنبي.

وتساءل العيناتي “كيف يمكن للمزارعين تصريف انتاجهم من الزيتون مع فتح الاسواق وعدم تغيير المواصفات المطلوبة للمنتجات المستوردة، خصوصاً وان لبنان يعتبر البلد الوحيد الذي يسمح باستيراد زيت الزيتون رغم ان جميع دول الجوار تمنع استيراده”.

ورأى أن “المشكلة لا تقتصر على الزيت المستورد فحسب، بل تطال الزيت المزور”.

وتذمر جورج قسطنطين العيناتي من انتشار امراض بكتيرية وفطرية واوبئة تنخر اشجار الزيتون.

ويستفحل مرض الطاووس الفطري (عين الطاووس) الذي تحوّل الى اسوأ كارثة وطنية تهدد بالقضاء على زيتون الكورة، ومرض ذبول الاغصان الفطري، الى جانب حشرات ازدادت خطورة نتيجة الخلل في التوازن الحيوي.

والقى العيناتي باللوم على سياسات عقيمة دمّرت المجتمع الزراعي وأجبرت المزارعين على بيع اراضيهم.