IMLebanon

الإقتصاد اللبناني وسياسة الصدام الأخير

lebanon-economy
طوني رزق
يقرأ كثيرون في التطورات النوعية في منطقة الشرق الاوسط وسوريا خصوصاً بداية النهاية للصورة الجديدة للمنطقة، ويترافق ذلك مع دخول الافرقاء اللبنانيين في مرحلة الصدام الاخير والاكبر، امّا الاقتصاديون فيقرأون في ذلك ضرورة بدء التحضير للمرحلة اللاحقة والتي بدأت ترتسم اقتصادياً في اتفاقات تجارية ومالية غير مسبوقة.
يبدو انّ التصادم اللبناني الداخلي بين الافرقاء المحليين والذي ما زال مستمراً منذ اكثر من 25 عاماً قد بلغ ذروته فباتَ في مراحله الاخيرة والأكثر دراماتيكية. كما انّ المخارج التي كانت ترتكز على التسويات تبدو وكأنها مستحيلة في الوقت الراهن.

وقد تشهد الساحة اللبنانية الصدام الاخير والأكثر قساوة اذا لم يتم الاتفاق على اعادة توزيع القوة بين الافرقاء اللبنانيين. وفي ظل هذه الاجواء التي تفتقد الى المرونة، والتي ظهرت من خلال التراشق الكلامي الكبير بين حزب الله والتيار الوطني الحر من جهة وبين تيار المستقبل واطراف اخرى من الجهة المقابلة.

اذاً، في ظل هذه الاجواء يبدو الاقتصاد اللبناني ملزماً مرة اخرى بالتأقلم والصمود والتعايش مع مرحلة جديدة مقبلة تبدو قاسية وغامضة. فما هي الآفاق التي قد يتمسّك بها الاقتصاديون لوضع الخطط والاستراتيجيات والبرامج للمواجهة ولمرحلة ما بعد التصادم الاخير والاكبر؟

وقد يرى الاقتصاديون في ذلك وضعاً افضل، اذ انّ نهاية المراوحة القاتلة قد تحمل معها بعض الايجابيات وظروفاً أفضل للعمل الاقتصادي.
انّ التدخل الروسي في سوريا من شأنه ان يسرّع التعاطي الدولي والاقليمي والمحلي مع الأزمات المستعصية أكانت اقليمية ام داخلية، ومع بدء الحديث عن اتفاقات تجارية اقتصادية ومالية كبرى على الصعيد الاقليمي بين جهات دولية واخرى اقليمية، او اقليمية في ما بينها، تفرض التحركات الاقتصادية والتجارية والمالية نفسها على جميع اللاعبين الكبار في لبنان والمنطقة وعالمياً، إذ انّ الجميع يتطلّع الى المشاركة الاقتصادية والمالية في مختلف أوجهها. لذلك، يتوقع ان تنطلق موجة واسعة وكبيرة من الاتفاقات التجارية والاستثمارات والمشاريع لا بد ان يكون للبنان حصة فيها.

وعليه، وفي موازاة الحسم على المستوى السياسي والذي قد يتبلور على مستوى الاستحقاقات الكبيرة في لبنان مع دور دولي وإقليمي كبير في ذلك، ومع توقّع إنتاج هذه التحركات لرابحين وخاسرين في لبنان، سوف يجد الاقتصاديون أنفسهم ملزمين البدء باتخاذ مبادرات جديدة استثنائية لركوب موجة الاتفاقات التجارية والاقتصادية والمالية التي بدأت بالتوجّه نحو المنطقة. ويستطيع اللبنانيون إثبات وجودهم فيها.

انّ الاتفاق النووي الغربي مع ايران والسماح لروسيا بالدخول الى منطقة الشرق الاوسط من الباب السوري الواسع يرسمان مرحلة جديدة في المنطقة ولبنان. كل ذلك ضمن استراتيجية اميركية – غربية للاحتفاظ بنوع من السيطرة والقدرة على التعاطي مع العملاق الصيني الذي بدأ يقف على قدميه وبدأ ظله يغطي اقساماً كبيرة من الكرة الارضية.

انّ اسباب التحركات الجديدة والمفاجئة للغرب، وفي مقدمه الولايات المتحدة الاميركية، مصدرها الاساسي الملف الصيني، وعلى أمل ان تنتصر لغة الحوار الحضاري والانساني على التموضع العالمي الجديد، ومع تدعيم موقع ايران وإشغال العرب مالياً بهبوط أسعار النفط وعسكرياً في مواجهة الاتفاقات الداخلية والنزاعات في الدول المجاورة ومن خلال إزكاء النزاع الطائفي والمذهبي فإنّ للسياسة العالمية مساحة واسعة في القدرة على المناورة لرسم واقع جديد يتناسب مع التموضع العالمي المقبل…

إستنفار عالمي اقتصادي

الى جانب التحركات الجديدة على الساحة السياسية العالمية ما زالت كبريات الدول تعمل جاهدة لتحسين ظروفها الاقتصادية. فالجميع الآن فريسة الرعب من الركود الاقتصادي، وها هي الصين تخفّض اسعار الفائدة للمرة السادسة في غضون عام واحد.

ويتجه البنك المركزي الاوروبي لإقرار المزيد من سياسات تعزيز الاقتصاد العالمي في عمليات تسريح واسعة لأعداد كبيرة من الموظفين وإغلاق شركات إنتاج على نطاق واسع في مختلف دول العالم.

وفي حين تنخفض اسعار أسهم سوليدير مؤكدة تموضعها الجديد دون مستوى العشرة دولارات في لبنان والخارج، تشهد اسواق الصرف العالمية عودة اليورو الى مستوى 1,10 دولار بعدما قارب مؤخراً مستوى 1,14 دولار.

ومع خفض اسعار الفائدة في الصين ارتفعت بورصات الاسهم العالمية في مختلف القارات، في وقت ما زالت اسعار الذهب تعكس تردد الاسواق في منح المعدن الاصفر الكثير من الثقة ليتراوح حول مستوى 1164 دولاراً للأونصة والفضة عند 15,81 دولاراً. ومع المخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي تبقى اسعار النفط تحت ضغوط قوية لتبلغ في نيويورك في نهاية الاسبوع 44,73 دولاراً للبرميل.