IMLebanon

مشكلات مواسم الزيتون وأعباؤها متشابهة!

OliveOil
عدنان حمدان

تختلف مواسم الزيتون هذا العام بين منطقة وأخرى، من حيث الكلفة وحجم المواسم، التي تختلف بين المناطق، وتتراوح هذه المواسم بين جيدة في إقليم التفاح وحاصبيا والسيئة في النبطية وبعض نواحي البترون والكورة. لكن هذه المواسم يجمع في ما بينها الطقس الحار المبكر، والرياح التي رافقته وقضت على جزء من الزهر قبل أن يعقد، وجرّت معها اليباس، وهذا احد اهم اسباب انخفاض موسم الزيتون، في أكثر من منطقة، خصوصاً في الاراضي المزروعة زيتوناً ومكشوفة للرياح. كما يمكن القول إن ما يجمع بين مواسم الزيتون هو الإهمال الرسمي لهذا النوع من الاشجار التي تصاب بمرض عين الطاووس. ويتلاقى هذا الإهمال مع غياب الارشاد الزراعي قبل المواسم، وخلالها، وما بعدها، ومن ثم ازمة التصريف التي تتساوى فيها كل المنتجات الزراعية.

الى ذلك، تجتمع الأسباب مع بعضها، لتجعل من شجرة الزيتون عبئاً على الكثير من المزارعين، اولاً للفترة الطويلة التي تمضي قبل حمل الزيتون، والبدء بالعطاء، مما دفع مزارعين الى قطع أشجار الزيتون وحوّلوا البساتين الى مساحات بمتناول المستثمرين في القطاع العقاري. أما القسم الآخر من المزارعين فبدأ بالتحوّل الى زراعات اخرى، تقيه تقلبات الطقس، وتساعده على تأمين لقمة العيش الكريم.

بالنسبة لاسعار الزيت والزيتون هذا العام، فتختلف بين منطقة واخرى، ففي حاصبيا تباع صفيحة الزيت زنة 16 كيلو بمئتي الف ليرة، او بـ 150 دولاراً، لكن اذا ما قسنا هذه الاسعار، بالتكلفة لكل صفيحة تبدو ضئيلة امام ايجار الحراثة الذي يبلغ 30 دولاراً للدونم، عدا الرش بالمبيدات. يُضاف الى ذلك أجور العمال التي تتراوح بين 40 و50 الف ليرة للعامل يومياً وبين 25 و35 للعاملة، و4 آلاف ليرة ثمن الصفيحة فارغة، وحوالي 10 دولارات بدل العصر، علماً ان الموسم اذا اقبل فتعطي كل 50 الى 52 كيلو غراماً من الزيتون 16 كيلو غرام من الزيت، واذا ساء الموسم، تحتاج الصفيحة الى اكثر من 75 كيلوغراماً من الزيتون.

أخشى ما يخشاه المزارعون هو تكرار ما حصل في موسم العام الماضي، حيث أقدم بعض التجار على استيراد الزيت التونسي (ثمن الصفيحة فقط 50 دولاراً) ومزجه بالزيت الحاصباني ومن ثم بيعه على انه بلدي. ويحذر المزارعون الصائدين في الماء العكر من تكرار فعلتهم هذا العام والسعي الى الربح السريع على حساب كساد الموسم وتعب المزارعين.
وفي السياق ذاته، يؤكد مزارعو اقليم التفاح على جودة الموسم هذا العام، لكن تبرز امامهم مشكلتان: الاولى تتمثل بعدم توفر عمال سوريين للقطاف، ما يدعو اصحاب البساتين الى تقاسم المحصول مع أحد المزارعين الذي يعمل وعائلته كلها في القطاف، فيوفر إيجار العمال. وهناك مزارعون يؤمنون بصعوبة عمالاً لبنانيين تتراوح اجور الرجل والمرأة بين 70 الف ليرة او خمسين دولاراً.

بالنسبة الى الاسعار، يتراوح سعر الصفيحة زنة 14 كيلوغراماً، او «غالون» بلاستيك ثمنه 5 آلاف ليرة، يضاف مع اجور العصر للصفيحة بين 15 و20 الف ليرة او بدل زيت عُشر الكمية المنتجة لصاحب المعصرة، وبشكل عام تباع الصفيحة او «الغالون» بين 200 و225 الف ليرة. على الرغم من تشابه المشكلات والأزمات بين حاصبيا واقليم التفاح، لكنهما يختلفان في كميات الإنتاج الكبيرة في حاصبيا وتعثّر تصريفها في المنطقة، الا من كميات لا بأس بها تشتريها الدولة للجيش وقوى الأمن الداخلي، فيما زيت اقليم التفاح يكفي فقط حاجة المنطقة.

لا تختلف الاكلاف في المناطق اللبنانية فكلها متشابهة، ولا يعني الفارق في السعر بين 25 الف ليرة بين منطقة وأخرى مشكلة، او حائلاً أمام تصريف الإنتاج، او عدم الإقدام على قطاف الموسم. ففي الكورة والبترون بدأ القطاف هذا العام باكراً، وشارف الموسم على نهايته، وبيعت الصفيحة بمئتي الف ليرة، على الرغم من أن العامل اللبناني يتقاضى 50 الف ليرة يومياً والسوري 30 الف ليرة.

يبقى ان مواسم الزيتون تحتاج الى لفتة من قبل وزارة الزراعة لجهة الإرشاد الزراعي، وتأمين الأدوية الزراعية للمزارعين، وتشجيعهم على إنشاء التعاونيات الزراعية، ومكننة القطاف التي ما زالت في بداياتها، وتحتاج الى تطوير، وأخيراً وقف المنافسة الخارجية للزيت اللبناني، وإنشاء صندوق تعويض عن الخسائر التي تحدثها العواصف. والأهم من كل ذلك احتضان زراعة الزيتون ودعمها وشمول مناطقها بالإنماء المتوازن، ليبقى المزارع في أرضه.