IMLebanon

أصحاب المؤهلات يهربون من «وول ستريت» إلى وادي السليكون

WallStreet
لورا نونان وإيما جيكوبس من لندن وبن ميكلاناهان من نيويورك

بدأت هانا فاليري جولتها في الجامعات البارزة في وقت أبكر من المعتاد بنحو ستة أشهر هذا العام. مديرة الموارد البشرية في بنك آي إن جي ING أرادت التقدم على المنافسين في محاولة لتعيين خريجين في البنك الهولندي من أجل برنامج القيادة الدولية فيه.

لجعل الوظيفة أكثر إغراء، نقل “آي إن جي” الذي عادة يوظف ما متوسطه أربعة من أصل 600 متقدم في الولايات المتحدة، الحدث النهائي الذي هو عبارة عن برنامج مدته ثلاثة أعوام، من المقر الرئيسي للمجموعة في أمستردام إلى معسكر تدريب بعيد في البرتغال. ووفقا لكليف بليزر، خريج جامعة هارفارد الذي انضم إلى برنامج “أورانج ليدرز” في أيلول (سبتمبر) 2011، البرنامج مليء بالأنشطة غير المنهجية “الممتعة”، مثل تعبئة شاحنات الأغذية وغرف الرسم.

جهود “آي إن جي” تأتي مع وصول الطلب على خريجي الدرجة الأولى من كليات الأعمال إلى ذروته لأنهم يهربون من الوظائف في المصارف من أجل وظائف بأجر جيد في مجال التكنولوجيا والهندسة والرعاية الصحية. أحد المرشحين الذي تلقى عرضا للحصول على مكان هذا العام في برنامج القيادة التابع لـ “آي إن جي”، رفض عرض البنك لمصلحة قبول وظيفة في جوجل.

قالت فاليري، مشيرة إلى أن هذه كانت المرة الأولى التي يخسر فيها “آي إن جي” مرشحا لمصلحة قطاع التكنولوجيا: “هذا كان بمنزلة مفاجئة حقيقية بالنسبة لنا. لذلك أجرينا بعض التغيرات بناء على تلك التجربة”.

مصارف أخرى، مثل جولدمان ساكس ومورجان ستانلي، زادت الأجر الأساسي للمصرفيين المبتدئين ـ بعضها بنسبة 20 في المائة. وكشف جولدمان الأسبوع الماضي عن تدابير من ضمنها ترقيات أسرع، ودوران مضمون، وأعمال عادية بشكل أقل لجذب المصرفيين المبتدئين. وأدخل كريدي سويس خطة سريعة المسار من أجل المحللين ذوي الأداء العالي ونظام توجيه لتقديم الدعم للمصرفيين المبتدئين وإبقائهم متحفزين.

يقول ديفيد سولومون، الرئيس المشارك للخدمات المصرفية الاستثمارية في جولدمان: “هناك ميل للتركيز على أمور معينة بدلا من العملية المستمرة. نحن نحاول التأكد من أننا نملك أفضل الممارسات في سياق الطريقة التي نعين بها الناس، وتدريبهم، وتطوير مهاراتهم”.

وقال سولومون إن هناك مصارف أخرى قد تتبع عددا من مبادرات جولدمان، لكن البنك يستطيع تقديم ما يكفي ليمنح نفسه ميزة مختلفة. “لا يتم الفوز بالسباقات بالسرعة القصوى، بل بالخطوات التدريجية. عليك أن تتأكد أن أداءك النسبي أفضل بقليل”.

مع ذلك، مثل هذه التدابير لم تفعل شيئا يذكر للحد من زيادة الرغبة في الوظائف في مجال التكنولوجيا بالنسبة إلى المصارف – كما تبين من دعوة كبار أصحاب العمل لخريجي درجة الماجستير في الإدارة من كلية سلون لإدارة الأعمال في معهد ماساتشيوستس للتكنولوجيا، الذي يعتبر من الجامعات الراقية.

وتم تصنيف جولدمان ساكس في المرتبة الرابعة كأكبر بنك يوظف الخريجين من معهد ماساتشيوستس للتكنولوجيا في عام 2008، في حين كان جيه بي مورجان وليمان أيضا ضمن المراتب العشر الأولى. وبحلول عام 2014 لم يكن هناك مصرف واحد ضمن قائمة أعلى المؤسسات التي توظف الخريجين، لكن شركة أبل انضمت إلى القائمة وأمازون ارتفعت بسرعة إلى المرتبة الثالثة. ونمت شعبية الشركات الاستشارية مع انضمام ديلويت وبرايس ووترهاوس كوبرز إلى القائمة بحلول عام 2014.

ووفقا لكلية هارفارد للأعمال، وظف قطاع التكنولوجيا 7 في المائة من خريجي الكلية في عام 2008. وبحلول عام 2014 زاد ذلك الرقم إلى 17 في المائة. و7 في المائة من الخريجين منها اتجهوا نحو خدمات الإنترنت، وهي فئة لم تكن حتى موجودة في عام 2008.

المصرفيون حرصاء على تبديد أسطورة أن الخريجين يمكن أن يصبحوا من أصحاب الملايين على الفور من خلال تفضيل وادي السليكون على وول ستريت.

تقول روس ستيفينسون، رئيسة وحدة الأمريكتين ورئيسة حلول عملاء الشركات في بنك يو بي إس: “كل من يذهب إلى وادي السليكون يعتقد أنه سيصبح ثريا”.

بول بارون، رئيس مبيعات المشتقات في بانك أوف أمريكا ميريل لينش، يقول إن المجالات المتخصصة في الخدمات المصرفية الاستثمارية لا تزال تثبت أنها جذابة بالنسبة لبعض الخريجين لأن “المنتج دقيق جدا فكريا، إنه مثير للاهتمام ومفصل ومبدع جدا”.

ويظهر تحليل أجرته “فاينانشيال تايمز” أن الخريجين من كليات درجة الماجستير في الإدارة العشر الأبرز في العالم من المرجح أن يذهبوا إلى مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية الآن أقل بنسبة 40 في المائة مما كانوا قبل الأزمة المالية.

الأجر ونمط الحياة هما أكبر الروادع. ألان جونسون، العضو المنتدب في شركة جونسون أسوشيتس للاستشارة في مجال الأجور في وول ستريت، يقدر أن إجمالي مجموع الأجور في مصارف وول ستريت سينخفض نحو 10 في المائة هذا العام. ويقول: “إنها ذات أجور أقل ومليئة بمتاعب أكثر”.

والتخفيضات أكبر بكثير في بعض المصارف – في أوروبا، يقال إن دويتشه بانك خفض المكافآت بنسبة 30 في المائة بعد خسارة بلغت ستة مليارات دولار في الربع الثالث. وتقول ليندا جراتون، أستاذة الممارسة الإدارية في كلية لندن للأعمال: “الصفقة مع القطاع المصرفي أنك تعمل بجد كبير لكنك تحصل على الكثير من المال في المقابل. الآن هذه الصفقة تحطمت وبالتالي يتطلع الناس إلى مسارات أخرى”.

وتضيف: “بالتأكيد في كلية لندن للأعمال لدينا العديد من الطلاب ممن كانوا في السابق مرشحين للقطاع المصرفي أصبحوا الآن يطلقون أعمالهم الخاصة”.

مصرفية مبتدئة سابقة في أحد المصارف الأمريكية الكبيرة تعتقد أن الصناعات الأخرى تقوم بعمل أفضل في ترويج قيمها الاجتماعية. لذلك استقالت من القطاع المصرفي وانتقلت إلى القطاع غير الربحي لأنها أرادت “إحداث تأثير في عملي”.

تقول شركات التوظيف إن هذه الرغبة في وجود “هدف” ما في العمل تعكس قيم هذا الجيل. جيل الألفية، أو جيل التكنولوجيا، الذي ولد في بداية الثمانينيات حتى العقد الأول من الألفية، يتميز أيضا بأنه يملك ولاء مؤسسيا أقل من الجيل الذي سبقه.

وكثير من أصحاب العمل يعتبرون أبناء هذا الجيل غير صبورين لتحمل المسؤولية ويشتاقون لبعض مظاهر التوازن بين العمل والحياة الشخصية.

هازيل هولهير، نائبة الرئيس في شركة كيا للمستشارين، التي تساعد في توظيف المصرفيين المبتدئين في شركات الخدمات المالية، تقول إن الشباب “لا يريدون أن دورا ثانويا في الشركة” ويشعرون بالإحباط من أداء عمل وضيع غير مميز في المصارف الكبيرة.

أحد المصرفيين العاملين في نيويورك، الذي يساعد في التوظيف، يقول إن خريجي اليوم “متحفزون من أشياء مختلفة”. ويضيف “لو أنهم بدأوا قبل عشرة أعوام، فإن المبتدئين كانوا سيقولون: نعم، أنا أريد العمل بجد لكنني أريد المزايا الإضافية للعمل بجد (…) الآن أصبح الأمر يتعلق بعطل نهاية الأسبوع المحمية ووقت الإجازة (…) يقولون إنهم يقدرون ذلك”.

ومع أن خريجي كليات إدارة الأعمال يمكن أن يديروا ظهورهم للخدمات المصرفية، إلا أن العاملين في هذا القطاع لا ينتقلون لما هو أبعد من ذلك.

أكثر من 60 في المائة من الموظفين الذين يغادرون القطاع المصرفي ينتهي بهم الحال في أجزاء أخرى من قطاع الخدمات المالية، وفقا لتحليل أجرته الشبكة العالمية المهنية “لينكد ـ إن” لمصلحة “فاينانشيال تايمز”.

وتبدد النتائج التصور المشترك بأن أعدادا كبيرة من المصرفيين ينسحبون إلى ما قد يعتبره بعضهم وظائف مجزية أكثر أخلاقيا، مثل التعليم، أو إلى فرص أكثر مغامرة، كما هي الحال في المشاريع الناشئة.

ودرست شبكة “لينكد ـ إن” وضع ما يقارب 24500 شخص غادروا وانضموا إلى مصارف في مراكز مالية رئيسية خلال أول ستة أشهر من هذا العام.

وتستند الأرقام إلى تحليل شمل 14500 شخص انضموا للقطاع المصرفي خلال أول ستة أشهر من العام، وتسعة آلاف غادروا، جميعهم في نيويورك ولندن وهونج كونج وباريس وفرانكفورت وزيورخ.

وعلى الرغم من أن البحث يشمل فقط أولئك الذين لديهم حساب على شبكة “لينكد ـ إن” وعملوا على تحديثه – وهم يمثلون جزءا صغيرا من القوة العاملة – يقدم التحليل لمحة عن تدفق المواهب داخل المصارف وخارجها.

رغم كونها أصغر بكثير من لندن ونيويورك، كانت باريس المكان الأكثر شعبية للمنضمين الجدد، جاذبة 34 في المائة من الزيادة الكلية في العاملين في المصارف.

وعانت مصارف فرنسا خلال المراحل الأولى من الأزمة المالية، لكنها نجت إلى حد كبير من آخر موجة من تخفيضات الوظائف التي تصدرتها مصارف المملكة المتحدة وألمانيا وسويسرا.

ويسلط البحث الضوء على مدى ضيق مجال التوظيف للمصارف، رغم جهودها لجلب المزيد من المواهب الأكثر تنوعا.

وقدم قطاع التمويل 52 في المائة من العاملين الذين التحقوا بالمصارف للمرة الأولى. ويشمل هذا العاملين الذين يدرجون صناعتهم السابقة باعتبارها “خدمات مالية”، مثل المحاسبة والاستشارات الإدارية وإدارة الاستثمار والتأمين.

وخارج القطاع المالي كانت صناعة تكنولوجيا المعلومات أكبر مزود للمواهب، حيث تقدم 7 في المائة من المنضمين الجدد.