IMLebanon

آلان حكيم: النمو إيجابي في العام 2015

AlainHakim2
آلان حكيم
يعيش الاقتصاد اللبناني تحت وطأة الجمود السياسي والشلل في مؤسسات الدولة الناتج من شغور منصب الرئاسة الأولى، وإستيراد الأزمة السورية إلى الشارع اللبناني. هذا الواقع الأليم لم يمنع الاقتصاد اللبناني من تحقيق نمو في العام 2015 بنسبة 0.8 في المئة. يمتلك الاقتصاد اللبناني ميزة لا تمتلكها الإقتصادات الأخرى وتأتي من السلوك الإستهلاكي للمواطن اللبناني. نعم، بفضل المواطن اللبناني، إستطاع الاقتصاد الصمود في ظروف كانت لتقضي على أهم الاقتصادات وأكثرها صلابة (لبننة الإقتصاد). العام 2015 تميّز بالعديد من الأحداث التي عصفت بالساحة السياسية والأمنية وخصوصاً في المنتصف الثاني من العام 2015 حيث أن التجاذبات السياسية عطلت المسار الحكومي والعمل النيابي.

تميز النصف الأول من العام 2015 بإستمرارية الوضع الاقتصادي مع زيادة في الإستهلاك كما يُظهره مؤشر الثقة الخاص بالمُستهلك. وكان لفصل الصيف نكهته الممزوجة بالإحتجاجات المدنية مع زيادة في عدد السواح اللبنانيين الذين إرتفع عددهم إلى أكثر من 15%. في هذا الوقت إستمر القطاع الرقمي بالتطور مع زيادة ملحوظة في نمو هذا القطاع الذي أصبح يحوي أكثر من 300 شركة ويُوظّف 7000 عامل بكفاءات عالية.

وإذا كانت الفترة التي إمتدت من أيلول إلى كانون الأول 2015 تميزت بجمود سياسي كبير، إلا أن مبدأ الإنيرثيا في الاقتصاد سمح للإقتصاد اللبناني بالإستمرار في النمو الذي سجله في الأشهر التسعة الأولى من العام 2015.

وبالتالي، فإن تجارة الجملة والتجزئة ساهمت بـ 0.7% من النمو، العقارات -1.7%، الإدارة العامة 0.1%، الخدمات المالية 0.6%، التعليم 0.6%، إنشاءات -0.7%، الخدمات الإحترافية 0.1%، الخدمات الشخصية 0.1%، المواصلات 0.2%، الفنادق والمطاعم -0.1%، الصحة والرعاية الاجتماعية 0.1%، المعلومات والاتصالات 0.4%، القطاعات الأخرى 0.9%. وبذلك فإننا نرى أن نمو العام 2015 سيكون في حدود الـ 0.8% مع هامش ثقة 0.1% إلى 1% (90%).

وبذلك أثبت المواطن اللبناني أنه قادر على لبننة الاقتصاد على الرغم من كل التحديات التي تعترض نمو الاقتصاد اللبناني. هذا النمو سيستمر على حاله في العام 2016 مع إفتراض ستاتيكو في الوضع السياسي الحالي.

وبفرضية أن السلطات اللبنانية عمدت إلى إقرار مشروع قانون الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، كان يُمكن للإقتصاد اللبناني أن يُسجل نموا يتجاوز الـ 3% في العام 2017. لكن بحساب المسؤولين هذا المشروع ليس من الأولويات.

أيضاً كان على السلطات إقرار المراسيم التطبيقية للصندوق السيادي الذي من المُفترض أن يستوعب مداخيل النفط. هذا الصندوق يجب أن يحتوي على مجلس إدارة يتألّف من شخصيات من القطاع العام والقطاع الخاص بالتساوي كما وأن إدارته يجب أن تُعهد إلى أحد المصارف الإستثمارية العالمية.

هذا الأمر كان لدفع القطاع النفطي والقطاعات الداعمة له إلى النمو وبالتالي، لكنا بدأنا حصد ثمار النمو إبتدءاً من العام 2017 (لا يجب مزج النمو الأتي من نمو القطاعات مع مداخيل النفط التي تحتاج من 7 إلى 10 سنوات للظهور).

لكن كما وفي حال الشراكة بين القطاع العام والخاص، لم يجد المسؤولون من ضرورة في إقراره، مع العلم أنه من المُستحيل، أقلّه أخلاقياً، إستخراج النفط والغاز من البحر و أو البر دون إقرار القوانين التطبيقية لهذا الصندوق.

إن تحفيز النمو ضرورة قصوى وإقرار المشاريع التي تُحفّز النمو هو تشريع ضرورة سواسية مع القوانين المالية التي أقرّها مجلس النواب في جلسته الشهيرة. هذا التشريع يأتي بعد إنتخاب رئيس للجمهورية لأنه وبحسب الدستور لا صلاحية لمجلس النواب في التشريع خلال الشغور الرئاسي بل يتحول المجلس إلى هيئة إنتخابية فقط.

من هذا المُنطلق نؤكد على الثقة في الاقتصاد اللبناني التي سيبعثها إنتخاب رئيس للجمهورية والثبات السياسي للأسواق والتي ستزيد حكماً الإستثمارات في لبنان. هذه الأخيرة هي عصب النمو الاقتصادي وكل إجراء إقتصادي رسمي يجب أن يذهب في هذا الإتجاه خصوصاً في إتجاه إعادة الإستثمارات الخليجية إلى حالها ما قبل الأزمة السورية لأن هذه الإستثمارات حيوية للبنان وللخليجيين الذين سيقطفون ثمارها عند عودة النمو إلى معدلاته في الأعوام 2007-2010.

في الختام، نُشدد على وعي المواطن اللبناني الذي بإستهلاكه إستطاع إنقاذ الاقتصاد من الإنهيار، كما نُعوّل على وعي الطبقة السياسية لإنتخاب رئيس للجمهورية لما في ذلك من تدعيم للثقة بلبنان وبإقتصاده.