IMLebanon

“الكهرباء”.. سنتان إضافيتان لمقدمي الخدمات؟

Electricity4
خضر حسان

لم يشهد قطاعٌ خدماتي كمية وعود بالإصلاح والتغيير، كتلك التي شهدها قطاع الكهرباء. وعود دفعت المواطن اللبناني الى التيقّن ان العون لن يأتِ لهذا القطاع إلا بعد تغيير آلية إصلاحه وتغييره، خاصة وان الأموال التي يفترض ان تكون مرصودة لهذه المهمّة، تختفي هنا وهناك، في ظل غياب القرارات الحاسمة للتفتيش المركزي الذي أعدّ غير تقرير عن المخالفات التي تتضمنها مشاريع الشركات مقدمي الخدمات.

ومع إقتراب موعد إنتهاء عقد مقدمي الخدمات، تكثّف الدائرة المغلقة المستفيدة من الشركات، في مؤسسة الكهرباء وفي وزارة الطاقة، من نشاطها لفعل المستحيل بهدف التمديد للشركات. حتى ان هاجس التمديد دفع البعض الى قطع عطلتهم في الخارج، والعودة الى لبنان ليوم واحد، للتشاور مع المعنيين في ملف التمديد، ليعودوا بعدها الى إستكمال العطلة. وإن دل ذلك على شيء، فإنه يدل على الإستماتة في تأمين المصالح الخاصة على حساب مؤسسة الكهرباء وحقوق المواطنين.

التمديد لم تُحدد ملامحه بعد، إلا ان مصادر “المدن” في مؤسسة الكهرباء، تشير الى إحتمال التمديد “لمدة عامين”. ولضمان هذه الخطوة، “ينشغل المهتمون بالملف في وزارة الطاقة، وبعض المسؤولين الكبار في المؤسسة، بإيجاد الصيغة والطريقة المناسبة للتمديد”. لكن هذا الخيار ما يزال رهن تذليل عقبات كثيرة، أبرزها عقبة وزارة المال التي ترفض إعطاء أموال للشركات، بعد ان تبيّن لها عدم إنجاز الشركات للأهداف المنصوص عليها في العقود. كما ان الوزارة رفضت – بحسب المصادر – إعطاء الأموال لشركة “نيدز” الاستشارية، للسبب عينه. ما يعني ان تعقيدات التمديد ستزداد لأن التمديد لمقدمي الخدمات يعني التمديد لـ “نيدز”، وهو أمر مستحيل حتى الآن. وتستند وزارة المال في رفض التمويل، على فشل مشروع العدادات الذكية بعد ان كان من المفترض إنجازه منذ سنتين، على ان يسبقه إنجاز السنترال الأساسي الذي عليه استقبال وتخزين المعلومات المتعلقة بإستهلاك الكهرباء وبالمشتركين وما الى ذلك.
يضاف الى ذلك، وقوع مؤسسة الكهرباء في مأزق ملء الشواغر، وهذه هي الخطوة الأساسية التي تسمح للمؤسسة بالإنتهاء من ملف التوظيفات، وللمياومين بالراحة من مشقة التظاهر والضغط على المؤسسة والوزارة. وبالتالي يرتاح مقدمو الخدمات من ضغط إضافي موازٍ لضغط إحتمال عدم التمديد وخسارة مشروع العدادات الذكية. علماً ان المؤسسة لم تنهِ بعد ملف الترفيعات وإدخال كل المياومين الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية الى ملاكها. كما ان الإدارة “تماطل” في إرسال المستندات المطلوبة الى المجلس لإكمال المباريات في باقي الفئات الوظيفية، ومنها ملحق فئة الـ 4-1، الذي يحتاج مياوموه الى ورقة من المؤسسة تبيّن عدد الشواغر في هذه الفئة.

تذليل العقبات المالية يدفع أنصار التمديد الى البحث عن مصادر تمويل من خارج حدود وزارة المال. وهذا يستدعي إظهار مبالغ مالية كبيرة “إختفت” بعد ان كانت مرصودة في وقت سابق لإجراء إصلاحات وصيانة وشراء محولات كهربائية لبعض المحطات، فضلاً عن توسيع بعض المخارج التي أصبحت غير قادرة على تحمّل الضغط جراء تحميلها عدداً من المشتركين يفوق قدرتها. والأزمات التي تعرضت لها محطات الحرش والبسطة والأونيسكو، وغيرها، خير دليل على عدم قيام مقدمي الخدمات بأعمالهم المطلوبة، مع ان الأموال اللازمة موجودة، لكنها كانت تذهب الى أبواب غير أبواب الصيانة والتطوير، بعد إعتبارها “فائضاً”.

لكن إظهار هذه الأموال يضع المؤسسة في مأزق، فمن جهة يحق لوزارة المال السؤال عن مصدر هذه الأموال التي أُخذت أصلاً من المالية، ومن جهة ثانية يحق للمواطنين السؤال عن الخدمات التي يدفعون الفواتير لأجلها. وهذا ما يصعّب حتى الآن مهمة إيجاد التمويل اللازم.

في السياق عينه، تنتظر مؤسسة الكهرباء ووزارة الطاقة في حال التوافق على قرار التمديد، أزمة ملف مجلس إدارة المؤسسة الذي يفتقر الى الرئيس الذي يقوم بمهامه حالياً المدير العام للمؤسسة كمال حايك، والى 3 أعضاء. ومن المعروف انه من غير الممكن التمديد للشركات أو إتخاذ قرارات مهمة، دون إكمال نصاب المجلس، الا ان منطق التسويات، يسيّر كل الأمور دون الحاجة الى وجود مجلس إدارة، سواء مكتملا أو ناقصا.

عملية التحضير للتمديد في ظل الفراغات الكثيرة المنتشرة في جسم المؤسسة وجسم مشروع مقدمي الخدمات، يضع نقابة موظفي مؤسسة الكهرباء أمام مسؤولية الضغط الحثيث على الإدارة، مع العلم ان النقابة تعاني الكثير من الضغوطات التي تمارسها الإدارة بحقها في أكثر من ملف. الا ان الفصل بين الأمرين ضروري لتحقيق المطالب ولقطع الطريق أمام مشروعٍ أرهق المؤسسة والمياومين. كما ان التفتيش المركزي مطالب بالتحرك أيضاً، خاصة وانه كان من المفترض به إصدار قرار قبل نهاية العام 2015، حول بعض المشاريع التي ينجزها مقدمو الخدمات، كمشروع بعلبك وجزين.

والى حين الوصول الى ساعة الصفر في تحديد مصير مقدمي الخدمات، يبقى الخوف من تمرير صفقة في قطاع الكهرباء على قياس صفقة ترحيل النفايات، قائماً.