IMLebanon

رعد يؤكد المؤكد: تعطيل الإنتخاب وتغيير النظام

mohammad-raed

 

كتب علي الحسيني في “المستقبل”:

في كل مرّة يتجه فيها البلد نحو الإنفراج الاجتماعي والسياسي والأمني، يخرج فيها قادة “حزب الله” ليُعيدوا بكلامهم وتهديداتهم المشهد برمّته إلى المربّع الأوّل، وهو فعل ونهج دأب عليهما الحزب منذ أن استفرد بالقرار اللبناني يوم أنهك البلد بحرب عبثية دمّرت مقوماته ومؤسساته ثم تبعها بانقلاب أسود أفرغ من خلاله موقع رئاسة الحكومة تماماً كما هو حاله اليوم مع الرئاسة الأولى حيث يُكرّس سياسة التعطيل من خلال منعه انتخاب رئيس يملأ الفراغ في السلطة الأولى.

جرياً على عادته وعند كل استحقاق يعمل “حزب الله” على التهويل وعلى الاستخفاف بعقول اللبنانيين، مرّة من خلال تحويره وتزويره الوقائع وتضييعهم في متاهات لغته التخوينية والتحريضية والتهجمية، ومرّات تحت إدعاءات حرصه على البلد ومؤسساته، مع العلم أنه وبمجرّد استعادة عقارب السنين القليلة الماضية، يتبيّن أن الحزب ارتكب مئات المحرمّات والمعصيات بحق لبنان واللبنانيين منها التدمير والتخريب والقتل وحماية اللصوص والمطلوبين وتجار المخدرات وسارقي السيارات، وفي النهاية يطل بضعة من قادته ليعطوا الشعب دروساً في الوطنية و”أنشطة” متنوعة مفتوحة، لتعلّم كيفية الحفاظ على الدولة مؤسساتها.

بعد مداورة بين قادته كان اعتمدها الحزب طيلة الفترة الماضية لتوجيه سهامه ضد أبناء الوطن ودول جارة وصديقة، استعاد أمس الأول النغمة ذاتها وذلك من خلال تكليف رئيس كتلته النيابية محمد رعد للمهمة ذاتها حيث أشهر سلاح الحقد والتعطيل وليُطلق من خلاله رصاصة الرحمة على مبادرة كان يُمكن أن توصل البلد إلى بر الأمان وأن تُفضي إلى انتخاب رئيس تحت حجّة “نريد شخصاً نسلمه موقع رئاسة الجمهورية شرط أن يتمتع بصلاحيات يستطيع أن يحكم من خلالها البلاد”. وكأن الصلاحيات التي كان يتمتع بها الرئيس السابق، سمحت له حكم البلاد بعيداً عن مناكفات الحزب وابتزازاته وتهديداته.

 

كلام رعد قابلته كتلة “المستقبل” أمس، برد خلال اجتماعها الأسبوعي بالقول “الكلام يعبر عن توجه مستجد للإطاحة بما تبقى من آمال اللبنانيين في تحقيق الاستقرار الوطني والأمني والاقتصادي والمعيشي”. وقد وضعته “بتصرف الكثرة الكاثرة من اللبنانيين الذين عبروا، وفي أكثر من مناسبة، عن تمسكهم بلبنان السيد الحر والمستقل وبالدولة المدنية الواحدة صاحبة السلطة الحصرية على كامل الأراضي اللبنانية، وبالعيش المشترك والحفاظ على السلم الأهلي بين جميع اللبنانيين”.

من الواضح أنه يُمكن لـ”حزب الله” أن يتحوّل بين ليلة وضُحاها إلى “ملاك” يحرس مؤسسات الدولة، وفي طليعتها موقع رئاسة الجمهورية المؤسسة التي كان له الفضل في تفريغها من قوتها بعدما حوّلها إلى مُجرّد بازار يسعى من خلاله إلى تحقيق بعض المكتسبات في معاركه السياسية والتي يمكن تحويلها الى عسكرية في حال وجد نفسه مضطراً لذلك على غرار انقلابه في أيار العام 2008، ومن لا يعرف سياسة “حزب الله” جيّداً، فهو مستعد لأن يحرق البلد ويُدمره على رؤوس أبنائه من أجل مصالح إقليمية يقودها “الولي الفقيه” ولو كان فيها مجرّد عنصر أو حتّى ساعي بريد.

وفي المحصلة يبدو جليّاً أن الفراغ أو الشغور الرئاسي هو أفضل ما يُمكن أن يحصل عليه “حزب الله” كهدية في هذه الفترة، فلا مراقبة لدور سلاحه الذي تخطى بُعده الاستراتيجي المُفترض وتحوّل من راصد على الحدود الجنوبية إلى عابر يومي باتجاه الأراضي السورية وعلى عينك يا دولة”. وأيضاً غياب أي مُحاسبة يُمكن أن تُعيد هذا السلاح إلى وجهته الفعلية تحت سلطة الدولة. وانطلاقاً من هذا المعطى يُدرك الحزب جيّداً أن تعطيله حلم اللبنانيين في الوصول إلى بلد سيادي صاحب قرار مستقل، هو الأمل الوحيد له للاستمرار في تكريس سياسة التفلّت من الضوابط وجعل البلد رهينة بيد النظام الإيراني على عكس إدعاء السيد حسن نصرالله في أحد خطاباته السابقة عندما قال “نحن مع اتفاق الطائف وتطويره ونؤمن بالشراكة الوطنية والمناصفة الحقيقية”.