IMLebanon

واشنطن تُعاقب «فولكسفاجن» الألمانية المفضوحة بقسوة

Volkswagen-US-VW

ريتشارد ميلن وجينا تشون وأندي شارمان

تماما قبل عيد الميلاد، تجرأ البعض في شركة فولكسفاجن للتحلّي بالإيمان.

قال أحد المسؤولين التنفيذيين بعد سلسلة من الأنباء الجيدة نسبيا وارتفاع سعر السهم: “يبدو كأن الأمور تُصبح أفضل ببطء”.

الإعلان من قِبل الحكومة الأمريكية بأنها ستُقاضي شركة فولكسفاجن على الغش في انبعاثاتها – وتطالب بتعويضات وغرامات مقدارها 45 مليار دولار على الأقل – جعل شركة صناعة السيارات الألمانية والمساهمين فيها يواجهون الواقع بقسوة.

انخفضت أسهمها بنسبة 10 في المائة في هذا الأسبوع وحده.

الدعوى القضائية التي رفعتها وزارة العدل هي تذكرة صارخة أنه على الرغم من كل التقدّم الذي حقته شركة فولكسفاجن في إزالة فضيحة انبعاثات الشركة في الأسواق الأوروبية، إلا أن أكبر مشاكلها هي عبر المحيط الأطلسي.

يقول أحد أكبر المساهمين في شركة فولكسفاجن: “إن الولايات المتحدة ستكون المكان الذي ستتطور فيه مراحل هذه الدراما، ومستقبل شركة فولكسفاجن. والمشكلة هي أن “فولكسفاجن” لا تنصت للطريقة التي يتصرّف بها الأمريكيون”.

“فولكسفاجن” لا تتنازع فقط مع الدعوى القضائية الأمريكية التي رفعتها وزارة العدل بالنيابة عن وكالة حماية البيئة، التي كانت أول من كشف غش الشركة في الانبعاثات في الثامن عشر من أيلول (سبتمبر) الماضي، هناك أيضا إجراءات قانونية من قِبل الزبائن الساخطين، وتكلفة استرداد السيارات وربما إعادة شراء بعض أو جميع السيارات البالغة 584 ألف سيارة في البلد الذي تضرر من الفضيحة، وخطر المُلاحقة الجنائية.

يقول أشخاص مُطّلعون على الوضع إن وزارة العدل قد لا تزال سترفع قضية جنائية ضد شركة فولكسفاجن، مع التركيز على ما إذا كانت الشركة قد ضلّلت الهيئات التنظيمية البيئية والمستهلكين، لكن جمع ما يكفي من الأدلة لرفع قضية جنائية يستغرق وقتا طويلا والتحقيق ما يزال مستمرا.

السؤال سيكون إلى أي مدى ستتعامل الشركة بحكمة مع الإجراءات القانونية في الولايات المتحدة، الناجمة عن وضع ما يُسمّى أجهزة غش سمحت لسيارات مختلفة من طرازات فولكسفاجن وأودي وبورش التي تعمل على الديزل بالتقليل من انبعاثات أكاسيد النيتروجين في الاختبارات الرسمية.

يشعر بعض المساهمين بالقلق من أن شركة فولكسفاجن لديها تاريخ طويل في إساءة الحكم على الولايات المتحدة، منذ مغادرة أمريكا في عام 1987 إلى العثرات المتعددة منذ عودتها.

يقول مسؤول تنفيذي سابق في شركة فولكسفاجن: “الولايات المتحدة هي بمثابة صُداع بالنسبة لشركة فولكسفاجن على مدى عقود كثيرة. لست متأكدا من أننا فهمنا الأمريكيين حقا”.

ستيوارت بيرسون، المحلل في وكالة إكسان بي إن بي باريبا، يتوقّع أن تواجه “فولكسفاجن” نحو 2.5 مليار يورو لكل نوع من الغرامات: المدنية والجنائية في الولايات المتحدة، وخمسة مليارات يورو أخرى بسبب المزيد من القضايا الجماعية. ويعتقد أن “فولكسفاجن” سوف تتحرك بسرعة لإصلاح الأمور في الولايات المتحدة، لأن لديها عددا من إطلاقات المنتجات الكبيرة القادمة هناك.

أحد الأمور المجهولة بالنسبة للمستثمرين ينبع من الخلافات المستمرة بين وكالة حماية البيئة و”فولكسفاجن” حول كيف ينبغي أن تُصلح سياراتها التي لحقت بها الفضيحة في الولايات المتحدة. نالت شركة فولكسفاجن الموافقة في أوروبا على حلول رخيصة لسياراتها المُتضررة البالغة 8.5 مليون، لكن معايير الانبعاثات هي أكثر صرامة في الولايات المتحدة.

وأدّى ذلك إلى قيام بعض المحللين بدعوة شركة فولكسفاجن لتقديم عرض لإعادة شراء جميع السيارات الـ 584 ألف سيارة في الولايات المتحدة، مقابل علاوة صغيرة فوق قيمة إعادة بيعها قبل اندلاع الفضيحة في أيلول (سبتمبر) الماضي.

يقول مسؤولون في “فولكسفاجن” في محافلهم الخاصة إن الشركة تدرس عملية إعادة الشراء على الأقل لبعض السيارات.

تماما قبل عيد الميلاد، “عيّنت فولكسفاجن” كينيث فينبيرج، المحامي الذي يُدير برامج التعويضات لشركة جنرال موتوز وبريتش بتروليوم، لتشغيل برنامج مماثل في شركة صناعة السيارات الألمانية.

من المستحسن بالنسبة إلى شركة فولكسفاجن أن تدرس سلوك شركة جنرال موتورز.

في السابع عشر من أيلول (سبتمبر) الماضي، توصلت شركة جنرال موتورز إلى تسويات بقيمة 1.5 مليار دولار مع جهة الادّعاء والمُدّعين بالحق المدني في الولايات المتحدة، على مشاكل الاشتعال التي أدّت إلى 124 حالة وفاة.

إجراءات شركة جنرال موتورز نالت ثناء غير عادي من بريت برارا، المُدّعي العام الفيدرالي في مانهاتن، الذي قال إن تعاون شركة صناعة السيارات الأمريكية مع مكتبه كان “رائعا إلى حد لا بأس به”.

شركة جنرال موتورز، التي تورّطت في المشاكل أساسا لأنها انتظرت 20 شهرا لتنبيه السلطات الأمريكية إلى خطورة قضايا الاشتعال، كانت قادرة على نيل معاملة متساهلة نسبيا بسبب فصل مجموعة كبيرة من العاملين المُشاركين في سوء السلوك، وبسبب وضع برنامج للتعويضات الكاملة.

في المقابل، فإن شركة بريتش بتروليوم توفّر حكاية تحذيرية لشركة فولكسفاجن.

الدعوى القضائية التي رفعتها وزارة العدل في عام 2010 ضد شركة بريتش بتروليوم بسبب كارثة حقل ديب ووتر هورايزون التي قتلت 11 شخصا، كانت آخر تسوية بيئية كبيرة حصلت عليها السلطات الفيدرالية. اعترضت شركة الطاقة البريطانية بشدة على القضية المدنية، بحجة أن تسرّب النفط كان “حادثا مأساويا”.

في عام 2012، أقرّت شركة بريتش بتروليوم بالذنب على الاتهامات الجنائية المُتعلّقة بوفاة 11 عاملا، بينما استمرت الدعوى المدنية. استغرق الأمر حتى العام الماضي لتتوصل الشركة إلى تسوية بقيمة 20.8 مليار دولار على الدعاوى المدنية مع الحكومة الأمريكية وخمس ولايات. يقول دانيال جيكوبس، المحامي السابق في وزارة العدل الذي عمل على القضايا البيئية: “[فولكسفاجن] ربما ليست قضية من النوع الذي يحتاج إلى التقاضي بقوة. الأسباب في وجود خلافات واسعة بين الجانبين في قضية شركة بريتش بتروليوم، لا يبدو أنها تنطبق على قضية شركة فولكسفاجن”.

كانت وزارة العدل قادرة على المضي قُدما بدعوى مدنية ضد “فولكسفاجن” بسرعة أكبر من الدعوى الجنائية، إلى حد كبير بسبب المقدار الذي كانت الشركة قد اعترفت به بشأن فضيحة الانبعاثات.

شركة فولكسفاجن تواجه عقوبات بقيمة لا تقل عن 45 مليار دولار، وذلك وفقا للدعوى القضائية.

اثنان من الانتهاكات تحملان عقوبة بقيمة 37500 دولار للسيارة الواحدة لما مجموعه 584 ألف سيارة، بينما الثالثة هي غرامة بقيمة 3750 دولارا على وضع جهاز الغش.

على الرغم من أن الجانبين لم يتمكّنا من التوصّل إلى تسوية قبل رفع وزارة العدل للشكوى، إلا أن بعض المحللين يتوقّعون أن تحاول شركة فولكسفاجن التوصّل إلى اتفاق قبل المحاكمة، لتجنّب المواجهة العلنية مع الحكومة.

مع ذلك، فإن فولكسفاجن من المرجح أن تحصل على ذلك، في الدعاوى القضائية الخاصة التي رفعها بعض المساهمين ومالكي السيارات والتجّار.

وكانت لجنة من القُضاة قد قرّرت أن الدعاوى القضائية ينبغي أن تُنظَر في كاليفورنيا، وليس كما طلبت شركة فولكسفاجن في ديترويت، مركز صناعة السيارات الأمريكية.

بشكل منفصل، هناك 47 ممثلا عن النائب العام في 47 ولاية، فضلا عن العاصمة واشنطن، اجتمعوا معا للتحقيق في قضية شركة فولكسفاجن.

وتُشير الدعاوى القضائية، عند أخذها معا، إلى أن شركة فولكسفاجن أمامها طريق طويل قبل الخلاص. ستيفان بيرجستولر، المحلل في بنك جولدمان ساكس، يقول: “الإعلان [من قِبل وزارة العدل] يُعتبر بمثابة تذكرة وتنبيه للواقع لقضايا الانبعاثات التي لم تُحسم بعد في شركة فولكسفاجن”.