IMLebanon

مؤتمر “الإدارة العامة والإندماج الوطني شراكة وتحديث” واصل جلساته

Association-maronite
واصل مؤتمر “الإدارة العامة والإندماج الوطني شراكة وتحديث”، الذي نظمته “الرابطة المارونية” بالتعاون مع مؤسسة “كونراد اديناور” في جامعة الحكمة، أعماله بسلسلة من جلسات العمل التي تطرقت إلى شؤون الإدارة وشجونها.

الجلسة الأولى

التأمت الجلسة الأولى تحت عنوان “الإدارة العامة وانظمة الحكم”، التي ادارها رئيس المعهد الوطني للادارة جورج لبكي، الذي اعتبر في مداخلة له “ان الادارة العامة تمثل الذراع التنفيذية للسلطة السياسية، وتتحكم بنجاح خطط ادارة القطاع العام وتنفيذ خطط التنمية، وتحسين مستوى الخدمات الاجتماعية والاصلاح الاداري”.

ورأى أن “تحديث الادارة العامة في لبنان يتوقف على اعتماد بعض مبادىء الادارة الحديثة كالتخطيط الاستراتيجي والقيادة بالنتائج والاهداف والتقييم المستمر للموظف وللسياسات العامة وللتوظيف على اساس المهارات والكفاية”، مشددا على أن “من مبادىء الادارة الحديثة اعتماد اللامركزية التي تبنتها كل الدول المعاصرة، وقد نصت عليها وثيقة الوفاق الوطني على اعتماد اللامركزية الادارية”، ومعتبرا أن “اصلاح الادارة هو الشرط الاول لاصلاح الوطن”.

وكانت المداخلة الاولى للنائب الاول لحاكم مصرف لبنان المركزي رائد شرف الدين، الذي تحدث عن “الفساد كآفة اجتماعية وانحراف سلوكي لتحقيق منفعة خاصة على حساب المجتمع”، معددا الاضرار التي يسببها الفساد.

ولفت الى “تقرير للبنك الدولي يتحدث عن أن نظام المحاصصة التوافقية المعتمد في لبنان يخفض الناتج القومي بنسبة 9 في المئة سنويا، والى ان كل لبناني يخسر سنويا اكثر من 23500 دولار من دخله بسبب سياسات التقاسم الطائفي”.

ورأى ان “الاصلاح مسؤولية مشتركة بين المواطن والدولة”، مشددا على “ضرورة بث الوعي وعدم التسامح مع الفساد، ودعم برامج مكافحة الفساد التي تعزز حقوق الانسان وانشاء نظام ديمقراطي حديث وضمان تطوره”.

ثم تناول الاستاذ الجامعي والمستشار في التنمية الادارية اسكندر بشير، “التطورات الجذرية المتسارعة التي تشهدها الدولة المعاصرة”، لافتا الى “استحالة الفصل بين عنصري السياسة والادارة وترابطهما، خصوصا في المجالات التي تتطلب احداث تغيير في النفوس والنصوص”.

وتحدث عن تجارب عالمية وعربية في “اعادة طرح هيكلية جديدة للادارة تؤدي الى الحكومة الالكترونية، وصولا الى الحكومة الذكية”، مشددا على “أولوية ان يحظى تحديث الادارة وتطويرها باهتمام خاص لتتمكن من القيام بدورها القيادي الفاعل في تعزيز عمليات الاندماج الوطني والشراكة”.

بدوره، تحدث مدير وحدة التعاون الفني ومدير مشروع الامم المتحدة الانمائي في وزارة التنمية الادارية ناصر عسراوي عن “الانجازات التي حققها لبنان على صعيد تطوير التشريعات المتعلقة بالادارة العامة والاستراتيجيات والسياسات والخطط طويلة الاجل، والانجازات المحققة على صعيد تقنيات المعلومات والاتصالات وعلى الصعيد الاداري”.

وعرض للبرامج التي ينفذها مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية وفقا لاستراتيجية تنمية الادارة وتطويرها، فاعتبر أن “التحدي يكمن في التوفيق بين برامج متعددة من برامج دعم الحوكمة الى برنامج تحسين كفاءة الخدمات وتعزيز علاقة الادارة بالمواطن وبرنامج بناء قدرات الادارة العامة، وتطوير ادارة الموارد البشرية وتنميتها، وبرنامج تفعيل استخدام المعلوماتية، وانشاء بوابة الحكومة الالكترونية”.

ثم تحدث الخبير الاقتصادي غسان حاصباني، فعرض واقع الادارة العامة و”عدم قدرتها على مواكبة حاجات المجتمع لخدمة نوعية وشفافة”، واصفا “دور الدولة والادارة بالنقاط الاتية: الدور المحفز أو الموجه، حفز المجتمع من خلال تشجيع الادارات المحلية على حل مشاكلها بدلا من فرض حلول مركزية، تنافسية لا احتكارية باعطاء القطاع الخاص المهمات التي يمكن ان يقوم بها بدلا من القطاع العام، التركيز على تحقيق الاهداف، الاستثمار بالنتائج بدلا من المدخلات، تأمين حاجة المواطنين بدلا من التركيز على الاجراءات، التركيز على تعظيم العائدات من خلال النمو بدلا من الانفاق من دخل الضرائب، تطبيق سياسات استباقية لمنع حصول المشاكل، لا مركزية في الادارة والاعتماد على المنافسة بدلا من البرامج الحكومية لحل المشاكل الاقتصادية”.

الجلسة الثانية

تناولت الجلسة الثانية موضوع اللامركزية والوظيفة العامة، وادارها عضو المجلس التنفيذي في الرابطة المارونية جهاد طربيه، الذي سأل: “هل راعت السلطة التنفيذية القوانين والأنظمة النافذة في طريقة اختيار متولي الوظيفة العامة وفي عمل مجلس الخدمة المدنية كما في دور التفتيش المركزي؟، وما هي الإجراءات الواجب اتباعها لمعالجة وجود فئتين من العاملين في الوظيفة العامة؟”.

واعتبر النائب فريد الخازن، ان “موضوع اللامركزية الإدارية من المواضيع الأقل خلافية نسبيا والأكثر صوابية سياسيا، وهو من الأمور التي نص عليها اتفاق الطائف، وأن مشروع القانون الذي اعدته لجنة خاصة برئاسة الوزير السابق زياد بارود قد وضع القطار على السكة الصحيحة، ولا يزال ينتظر الركاب ووجهة سير الرحلة.

وأشار الى “اللغط الخاصل بين اللامركزية واللاحصرية والفدرالية مع ان الفارق كبير بين الحالات الثلاث. فثمة رابط بين اللامركزية الإدارية والإنماء المتوازن الوارد في مقدمة الدستور، اما التجربة الأسوأ فكانت ارتباط اللامركزية بالمحاصصة في ذهن الناس جراء ممارسة السلطة بلا ضوابط قانونية خصوصا في مرحلة الوصاية التي انتجت الترويكا ومعها المخاصصة المحصنة بالفساد والإفساد. ولعل آخر تجليات المحاصصة والفوضى المنظمة في ادارة الشأن العام طريقة تعامل الحكومة مع ملف النفايات، بعدما “طلعت ريحة” الصفقات منه”.

من جهته، تناول الوزير السابق خالد قباني “اللامركزية” في ابعادها الثلاثة: الإدارية، الديموقراطية والإنمائية. فقال: “ان هناك مبدأين او قاعدتين تحكم البعد التنظيمي الإداري للامركزية، اولاهما الإستقلال الذاتي للجماعات المحلية لإدارة شؤونها الذاتية بنفسها، وثانيهما احتفاظ السلطة المركزية بحق الرقابة”.

وعدد المشاكل “التي يصطدم بها هذا التنظيم الإداري ويقتضي حلها من خلال اعتماد تقسيمات ادارية مناسبة لأغراض الإدارة المحلية”، معتبرا أن “اللامركزية تقوم على مشاركة المواطن في ادارة الشأن العام، وبالتالي، هي ترتكز الى قاعدة ديموقراطية تقوم على مشاركة الأهالي في القرار وادارة شؤونهم الذاتية بنفسهم من خلال الإنتخابات، وقيام الدولة بتعزيز المناخ الديموقراطي في البلاد، وتوفير مناخ الحرية، وتناول الدور الإنمائي الإقتصادي للامركزية”، داعيا الى “تحييد الإدارة عن السياسة، وفهم معنى الخدمة العامة والتزام الحكام باحترام القانون”.

ثم أشار الوزير السابق زياد بارود إلى انه “عمل على مشروع اللامركزية الذي بات موجودا، وهو وجد ليناقش، ومن المفيد الدخول في نقاش حتى نستجمع كل الآراء والملاحظات قبل الذهاب الى المجلس النيابي، وان احدا لم يقدم رأيه باستثناء حزب “الكتائب اللبنانية” الذي ابدى ملاحظاته، وكذلك النائب فريد الخازن، وعلينا ان نستفيد من الملاحظات”.

ورأى أن “اللامركزية لا تتعارض مع دور المركزية ولا دور البلديات وصلاحياتها، ولا يجوز اغلاق البلديات وسحب مواردها”، مضيفا: “ان مركزية النفايات في الناعمة عممت الفوضى والرائحة على كل المناطق باستثناء صيدا وجبيل والمناطق التي استطاعت من خلال تدابيرها اللامركزية التصدي لهذه المشكلة”.

ورأى أن “التخصص يعطي نتائج افضل”، مشيرا إلى “أهمية الحوكمة والمساءلة”، وداعيا إلى “سلسلة رتب ورواتب تنافسية مع القطاع الخاص والتدريب المستمر”.

وتناول سامي عطالله من “المركز اللبناني للدراسات السياسية”، موضوع البلديات ومدى اعتبارها اداة للتنمية، متسائلا: “هل ان قدراتها تصنع الإنماء”، ومشيرا الى أن “في لبنان الف بلدية في حين ان اوكرانيا التي تبلغ مساحتها عشرة اضعاف مساحة بلدنا لديها 428 بلدية”.

ولفت إلى أن “70 في المئة من هذه البلديات تمثل بلدات لا يتخطى المسجلون فيها 400، ما يبين ان لا قاعدة مالية لديها”، مشيرا الى ان “400 بلدية لديها موظف واحد”.

وقال: “معظم البلديات تتكل على موظفين مؤقتين”، واصفا الصندوق البلدي بـ”مغارة علي بابا”، وان احدا لا يعرف كم هو المبلغ الموجود فيه”.

الجلسة الثالثة

ثم عقدت الجلسة الثالثة بعنوان “الإصلاح الإداري واقع وآفاق”، فأدارها المفتش العام مطانيوس الحلبي، الذي اورد عبارة يرددها جميع الناس: “لو كانت لنا ادارة عامة صالحة لكنا بالف خير”، معتبرا ان “الفساد قد استشرى وتوسعت رقعته كأن المحارب في استراحة طويلة ان لم نقل انه قد استسلم، وقد اورد مقولة معروفة لشكسبير، ان افضل الحكومات هي افضلها ادارة”.

وأضاف: “اننا اصبحنا امام معادلة جديدة، هي إما ادارة فاسدة ومتخلفة واما ادارة نظيفة ومتطورة تحفظ الوطن والمواطن والمال العام بالتكافل والتضامن مع شركائهم خارج القطاع العام”.

ثم استعرض النائب غسان مخيبر واقع الفساد، فقال: ان “الفساد البنيوي موجود في النظام، يزيده سوءا نظام الطائفية الحامي لهذا الفساد. اما مكافحة الفساد والوقاية منه فهو امر ممكن، شرط ارادة سياسية واضحة وجادة ومؤسسات فاعلة”.

وعرض للخطة الإستراتيجية “لمكافحة الفساد الواجب اعتمادها في لبنان، والجهود التشريعية التي تعمل عليها لجنة الإدارة والعدل في مجلس النواب، لا سيما لتطوير مؤسسات الرقابة والمساءلة والمحاسبة وتجريم ضروب الفساد تجريما صحيحا، خصوصا عبر تعديل قانون الإثراء غير المشروع، وانجاز قانون مكافحة الفساد وقانون الحق في الوصول الى المعلومات.

بعد ذلك، تحدث مدير عام العدلية سابقا حسان رفعت عن “موضوع الضغط الإداري”، الذي يفضل اعتماده بدلا من الإصلاح الإداري، وقسم بحثه الى محورين: الرقابة الخارجية والداخلية”.

وأكد الحاجة إلى قوانين حديثة، داعيا الى “اصدار قانون بعدم سريان مرور الزمن على هدر المال العام، لاسيما التلزيمات وسائر الأعمال الإقتصادية والضرائبية والأملاك العامة. وان يتم الاعداد لتعديل الدستور لتكون ملاحقة هدر المال العام من صلاحية المحاكم العادية ايا تكن صفة الشخص الملاحق”.

بدوره، اعتبر الوزير السابق ابراهيم شمس الدين، ان “صلاح الإدارة يكون برفع فساد السياسة عنها وتحريرها منها”، مشيرا إلى فراغ رئاسة الجمهورية بالقول: “ان رئيس الجمهورية صار منتظرا، غائبا ومغيبا”.

وأشار إلى أن “تدخل السياسة يعطل الرقابة والمحاسبة، فتصبح اجهزة الرقابة عاجزة او اسيرة”، معتبرا أن “فساد الإدارة يمنع المواطنين من حقوقهم ولا تعود لهم حقوق واضحة مع الزمن”.

وقال: “الوزير المسؤول الأول عن حسن ادارته وانتظامها وتقيدها بالقوانين، لكن يحصل للأسف ان الوزير احيانا يستبدل كل الإدارة بنفسه، ولا يقبل فيها علاقة لأحد او مع احد فيها”.

من جهته، اعتبر رئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عواد، أن “الإدارة مرآة للدولة وان تفعيلها يأتي عبر تبسيط المعاملات وتعزيز التدابير التي تؤمن الشفافية، ومتى يأمن ذلك تصبح محاسبة افضل. وهو حق شرعي ودستوري للشعب ومحاسبة حكامه من خلال الإنتخابات التشريعية، ما يعني ان الديموقراطية هي الضامنة لأي اصلاح من اجل وصول البلاد الى الحوكمة الرشيدة”.

وختم: “ان الإصلاح الإداري غير قابل للتحقيق، الا متى انتظمت الحياة السياسية في البلاد، لكونه لا يمكن تحسين الإدارة والمؤسسات الدستورية في البلاد معطلة، وما نشهده اليوم على ساحتنا الوطنية لا يعكس الديموقراطية، بل هو مجرد فوضى وفلتان”.

الجلسة الرابعة

ثم التأمت الجلسة الرابعة تحت عنوان “الدخول الى الوظيفة العامة، واقع وحلول، دراسات مقارنة”، فادارها الدكتور ايلي مخايل، الذي اعتبر ان “الوظيفة العامة هي فعل ايمان والتزام بالدولة الدامجة والراعية لكل مواطنيها على اساس العدالة والإنصاف والمساواة”.

وسأل: “لماذا احجام المسيحيين عن الإقبال الى المواقع الإدارية بمختلف فئاتها وتفضيلهم القطاع الخاص او الهجرة؟، وما هي السبل لإستعادة ثقتهم بالدولة ومؤسساتها؟”.

وعدد الباحث في المؤسسة “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين أسباب الخلل وانعدام التوازن في الوظيفة العامة، ومنها “التعديل الدستوري للمادة 95 من الدستور الذي الغى النص القديم بتمثيل الطوائف بصورة عادلة في الوظائف العامة. والخلل الديموغرافي نتيجة زيادة اعداد المسلمين بشكل كبير يفوق اعداد المسيحيين، بسبب عوامل دينية ثقافية واجتماعية وبسبب قانون التجنيس”.

وقال: “وصل عدد اللبنانيين عام 2015 الى نحو 5,2 ملايين نسمة موزعين بنسبة 34 في المئة منهم مسيحيون و 66 في المئة مسلمون”، وعرض لواقع الوظيفة العامة في لبنان.

واوضح أن “عدد وظائف الفئة الأولى هي 150 موزعة بشكل متساو ما بين 75 وظيفة للمسلمين و72 وظيفة للمسيحيين، اما وظائف الفئة الثانية فتبلغ نحو 568 وظيفة، 60 في المئة منها يشغلها المسلمون، و40 في المئة المسيحيون، اما وظائف الفئة الثالثة فيبلغ عددها 4165 يشغل المسلمون نسبة 66 في المئة منها، والمسيحيون 34 في المئة”.

واقترح العودة الى “التوازن الطائفي في الفئات الوظيفية الثانية والثالثة كمرحلة انتقالية لحين الغاء كافة الأنظمة والقوانين التي تميز بين اللبنانيين على اساس طائفي”.

ثم تحدث مدير مكتب رئيس الإدارة الإقليمية لمقاطعة ساكسونيا المانيا توبيا شنال عن نظام الجدارة المعمول به في المانيا لتبوأ الوظيفة العامة، “والذي يرتكز على المعرفة وعلى اختيار افضل المرشحين وفقا للمهارات والمؤهلات والإنجازات”.

وأوضح أن “لكل مواطن الحق والأهلية للتوظيف في القطاع العام، وليس هناك سلطة مركزية مسؤولة عن التوظيف انما هناك الاف الوكالات تقوم بالتوظيف في الإدارة المركزية والولايات والمقاطعات والبلدية”، مضيفا: “التوظيف يتم عبر الإعلان عن المنصب والمعرفة والمؤهلات الشخصية المناسبة، وتبليغ نتائج اجراءات التوظيف. اما الترقية فتتم وفقا لنتائج تقييم الأداء”.

بعد ذلك، عرضت رئيسة “ادارة الإبحاث والتوجيه” في مجلس الخدمة المدنية نتالي يارد، كيفية استقطاب الموارد البشرية الى وظائف القطاع العام، وتحدثت عن مجلس الخدمة المدنية “الذي انيط به شؤون الوظيفة العامة في كل مراحلها من اجراء المباريات للدخول الى الوظيفة وطيلة الحياة الوظيفية، وهو يتألف من ادارة الموظفين وادارة الأبحاث والتوجيه. واناط المشترع بادارة المباريات اجراء المباريات للدخول الى الوظيفة العامة، والمباراة تؤمن وصول الموارد البشرية التي تتمتع بكفاءة عالية”.

ثم أعلن رئيس مركز الإعداد والتدريب في مؤسسة “لابورا” مارون نجم، “ان 70 في المئة من وظائف الدول هي بالتعاقد والفاتورة، ما يسبب عدم استقرار في عمل الإدارات والمؤسسات ويبعد بعض الفئات عنها وذلك لعدم استقرار الوظيفة، وعدم وضع آلية تنفيذية شفافة وعلمية للمادة 49 من الدستور التي نصت على الغاء المناصفة في الفئة الثانية وما دون، واصبح التوظيف استنسابي في لبنان”.

وعرض للوضع عند الطوائف المسيحية، “حيث يتقدم 20 في المئة فقط مسيحيين من مجمل المتقدمين للوظيفة العامة والمستوى العلمي متقارب بين المسيحيين والمسلمين”، وقال: “الوجود المسيحي مهدد بالتقلص في الدولة لأسباب عديدة منها: جهل الوظائف وعدم توفر المعلومات، غياب قضية موحدة تحفزهم الحفاظ على وجودهم الوطني من خلال انخراطهم في الدولة، غياب الثقة بصدقية ونزاهة آلية التوظيف”.

أما أمين عام المجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك، فشدد على “ضرورة تغيير مفهوم الدولة لدى الشباب المسيحي من اجل استقطابهم اليها”. وقال: “يجب تعريف الشباب على استقرار وظيفة الدولة حيث يحصل الموظفون على اجازات تعليمية من سنة الى ثلاث سنوات، واجازة امومة اطول من تلك التي يعطيها القطاع الخاص”، وسأل: “هل يعرفون ان الطبابة متوفرة لهم ولعائلاتهم ولديهم تعويضات غير موجودة في القطاع الخاص، اضافة الى عملهم على قضايا كبيرة مهمة والمساهمة في السياسات العامة للدولة. كل هذه الأفكار لا بد من زرعها في رأس شبابنا ليكون طموحهم اعلى من الراتب والمساهمة في بناء الوطن”.

الجلسة الخامسة

ثم عقدت الجلسة الخامسة بعنوان “الشراكة في الوظيفة العامة وضمان استقرار الحكم وثباته”، فادارها نائب رئيس جامعة سيدة اللويزة لشؤون الثقافة والعلاقات العامة سهيل مطر، الذي قال: “نحن في غياب وشلل ولا مسؤولية ولا محاسبة ولا دولة بالمعنى الحقيقي، ومن خلال نظرتنا الى الإدارة العامة ننظر فقط الى المدير العام انه ربما العلامة الوحيدة المضيئة في عالم المسؤولية شرط توافر المواصفات الأساسية”.

ثم تحدث النائب روبير غانم، فقال: “الشراكة المطلوبة في لبنان، شراكة المسؤولية الوطنية، فالمناصب المسيحية عامة والمارونية تحديدا لم تعط ضمانة ولم تمنع الحيف والغبن عن المسيحيين”، متسائلا: “هل من ضمانة للمواطنين في غير الحق والعدالة والقانون؟”.

واعتبر ان “الوظيفة العامة فقدت كل مقوماتها بفضل الممارسة الخاطئة وفقدان المسؤولية وعدم تطبيق مبدأ الثواب والعقاب. فدستور الطائف بتطبيقه الإستنسابي لم يبن دولة الحق والقانون، بل اخذنا الى دولة المذاهب وتمذهبت المؤسسات وتشخصنت، فاللبناني المسيحي والمسلم فقد ثقته بدولته ومؤسساتها، والكلام عن الشراكة في الوظيفة العامة اصبح دون محتوى”.

واوجز بعض “ما قامت به لجنة الإدارة في مجلس النواب خلال السنوات الماضية لتحديث الإدارة العامة وتطوير عملها من اقرار اقتراح قانون مكافحة الفساد في القطاع العام، اقرار اقتراح قانون حماية كاشفي الفساد، اقتراح تحديث قانون مجلس الخدمة المدنية، اعادة النظر بقانوني التفتيش المركزي وديوان المحاسبة”.

وتابع: “لبنان عاش فترات تسويات وفترات تكاذب، مثل لبنان غني بتنوعه ومصطلحات مثل ستة وستة مكرر، ولكن مبرر الوجود الكياني يتلخص بأن لبنان موجود لأن اللبناني المسيحي موجود واللبناني المسلم موجود. والمسلم ليس قطعا في سباق مع المسيحي عبر كمية توالده الديموغرافي والذي سينتهي حكما باذابة المسيحي اللبناني الا انه عندها ينتهي معه المسلم اللبناني ايضا وينتهي لبنان وينتفي مبرر وجوده الكياني”.

واعتبر رئيس المجلس الدستوري عصام سليمان في مداخلته ان “للوظيفة العامة في مجتمع تعددي دور اساسي هو استقرار الحكم وثباته وبلوغ الأهداف المتوخاة من العيش المشترك الذي هو وسيلة لتعزير وجود الفرد والحفاظ على خصوصية الجماعة”.

وتناول العلاقة بين الدولة والطائفة والديموقراطية التوافقية. وقال: “لقد اتبعت الممارسة السياسية في اداء المؤسسات الدستورية وادارة الشأن العام نهجا خرجت فيه عن روحية الميثاق ونصوص الدستور، فالمشاركة تحولت الى مشاركة في تقاسم الدولة باسم الطوائف، وادت الى تعطيل المؤسسات الدستورية واصابة الدولة بالعجز، ما ادى الى تقوية الإنتماءات الضيقة على حساب الإنتماء الوطني فازدادت الإنقسامات الطائفية والمذهبية عمقا وتحولت الإدارة العامة الى اقطاعات تتحكم بها المحسوبيات ويحكمها الفساد المحصن بالطائفية”.

وراى أن “لبنان ليس بحاجة الى مؤتمر تأسيسي، فالمشكلة ليست في الأسس التي قام عليها الميثاق والنظام انما في سوء فهم هذه الأسس والتنكر لها، لذلك المطلوب عقد مؤتمر وطني بهدف تحديد مفهوم واضح للعيش المشترك وللوفاق الوطني والمشاركة في السلطة وللديموقراطية التوافقية والخروج بوثيقة توضح هذه المفاهيم، وتصبح لها قيمة دستورية وقوة الزام دستوري”.

اما نائب حاكم مصرف لبنان سابقا غسان عياش، فرأى ان “مشاركة المسيحيين الفاعلة في حياة لبنان السياسية والإقتصادية والإدارية هي هم اسلامي بقدر ما هي موضوع قلق مسيحي عموما وماروني على وجه الخصوص. وبعد مخاض طويل باتت الطوائف الإسلامية مؤمنة بمزايا لبنان الأساسية، الحرية والإنفتاح الثقافي والإقتصادي، وهي تدرك ان التنوع الديني والوجود المسيحي الفاعل هما ضمانة استمرار لبنان والحفاظ على مزاياه الثمينة النادرة في الشرق العربي”.

وتابع: “ان اللبنانيين بجميع طوائفهم يرغبون بدور مسيحي رائد في الإدارة والنظام السياسي ما دامت الشراكة الوطنية والمساواة في الحقوق والواجبات هي قاعدة العيش المشترك بين اللبنانيين”.