IMLebanon

بناء معمل جديد للكهرباء في الجية على نار حامية والنواب يرفضون تمويله من الخزينة

electricity-jiye-plant

سلوى بعلبكي

مع تفاقم مشكلة معمل الجية الحراري انتاجياً وبيئياً، بات التفكير في بناء معمل جديد يراعي الشروط البيئية جدياً، وهو ما لحظته اللجنة الفرعية المنبثقة من لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه فقررت استبدال معمل الجية بآخر جديد وصديق للبيئة، وفق ما قال رئيس اللجنة محمد حجار اثر ترؤسه اجتماع اللجنة الاسبوع الماضي.
يبدو واضحاً للعيان الدخان الأسود الذي ينفثه معمل الجية والناتج من إنبعاثات المجموعات الخمس للمعمل بسبب عدم خضوعها للصيانة الدورية المطلوبة ونوعية الفيول المستورد الذي لا يطابق المواصفات نتيجة ارتفاع نسبة الكبريت فيه بمعدلات عالية للتيار. يضاف الى هذه الامور عمر هذه المولدات الذي يناهز الـ 40 عاما، بما جعلها عاجزة عن تلبية الحاجات المتزايدة للتيار الكهربائي، والتي تتسبّب بدخان اسود كثيف نتيجة ارتفاع نسبة الكبريت في الفيول.
ما هي مواصفات المعمل الجديد؟ وما هو المسار الذي ستسلكه توصية اللجنة لتنفذ؟ ومن اين ستتوافر مصادر تمويله؟
أكد النائب محمد قباني لـ “النهار” أنه من المفترض “أن تكون قدرة المعمل الانتاجية نحو 450 ميغاواط، على أن يعمل على الغاز كونه صديقاً للبيئة نسبياً أكثر من انواع الوقود الاحفوري الاخرى. ولكن هذا الامر برأيه مرتبط بتوفير الغاز بما يستدعي ان يكون هناك خطة متكاملة وليس كما يجري حالياً على نحو عشوائي”. واشار الى انه “اضافة الى حاجتنا الى خطة استراتيجية لقطاع الكهرباء، ثمة حاجة أكبر الى وضع خطة استراتيجية ايضاً لقطاع المحروقات”.
وعن مشكلة التمويل، رفض قباني ومعه النواب أن يتم تمويله من خزينة الدولة، واصر على أن يكون عبر القطاع الخاص أو قروض ميسرة، لافتاً الى أن الفكرة التي تتداول حالياً هي الاقتراض بفائدة صفر في المئة من الصندوق الذي أنشىء لتمويل الدول التي تستضيف اللاجئين السوريين، على اعتبار ان اللاجئين يتقاسمون اللبنانيين بالماء والكهرباء والنقل وغيرهم بما يزيد من الضغط على هذه الموارد.
وفيما سأل عن مدى قدرة الشبكة الحالية على استيعاب الانتاج الاضافي سواء في معمل الجية أو في غيره من المعامل، أضاء قباني على مشكلة قطاع الكهرباء عموماً، معتبراً ان الحل الجذري للمشكلة يكمن في تطبيق قانون الكهرباء رقم 462 سنة 2002 الذي يلحظ خصخصة الانتاج وانشاء الهيئة الناظمة. ولم يتردد في هذا الاطار عن اتهام الوزراء الذين تسلموا وزارة الطاقة أخيراً بأنهم لا يريدون السير بهذا القانون، معتبراً في الوقت عينه أن خطة الكهرباء التي أعدها الوزير جبران باسيل هي ضد هذا القانون ووضعت على مبدأ “الانفاق للانفاق”، مؤكداً أهمية “التلزيم عبر الصناديق المقرضة التي تعمل على مراقبة عملية الانفاق بما يمنع الفساد والسمسرات”. وأوضح أن باسيل طلب في العام 2010، 1200 مليون دولار لخطة الكهرباء. وبعد نقاش طويل وافقنا على المبلغ شرط تنفيذ القانون 462 وتعيين الهيئة الناظمة خلال 3 أشهر ومجلس ادارة الكهرباء خلال شهرين، وأن يلجأ الى القروض الميسرة. إلا أنه لم ينفذ اي شيء من هذه الشروط، واقتصر الامر على استئجار بواخر الكهرباء والمحركات العكسية، 18 ميغاواط لمعمل الزوق و90 ميغاواط لمعمل الجية. وكان يفترض انجاز عملية تأهيل المعملين في الجية والزوق، إلا أن هذه العملية لم تنجح لأن الارقام التي وضعت لإنجاز التأهيل قريبة من تشييد معامل جديدة، اضافة الى أن معمل الجية قديم الى درجة أن الاموال التي سترصد لتأهيله ستضيع سدى، لذا كان قرار تأهيل معمل الزوق وبناء معمل جديد في الجية وآخر في دير عمار”. أما عن المسار الذي ستسلكه هذه التوصية، فلفت قباني الى أن “اللجنة الفرعية ترفع توصية الى اللجنة الام التي تتبناها بدورها وترسلها الى الحكومة، وهذا المسار ليس من المفترض أن يستغرق أكثر من شهرين”.

ما هو دور مؤسسة الكهرباء؟
أكدت مصادر “مؤسسة كهرباء لبنان” لـ “النهار” أن المشروع لم ينضج بعد، وأن كل ما يمكن أن تفعله المؤسسة هو اتخاذ الاجراءات اللازمة لتنفيذ التوصية، ومنها تعديل المخطط التوجيهي للانتاج والنقل لسنة 2025 للمؤسسة الذي كانت أعدته مع كهرباء فرنسا ليشمل انشاء معمل في الجية.
وفيما لم تحدد اللجنة ما المقصود بإنشاء معمل صديق للبيئة، اعتبر الاستشاري في مجال الكهرباء أحمد الحبلي ان “كلمة صديق للبيئة غير دقيقة ولا تنطبق على معامل انتاج الكهرباء وهو كلام غير علمي وكلام انشاء فقط”، لافتاً الى انه من البديهي أنه عندما يكون مولدات المعمل جديدة تكون انبعاثات الدخان أقل. اما في حال كان المقصود انه يعمل على الغاز، اشار الحبلي الى ان الغاز غير صديق للبيئة، وان كانت انبعاثاته اقل من المازوت. فالمواد الصديقة للبيئة تعني صفر انبعاثات مثل انتاج الكهرباء على الماء او على الرياح، أو امواج البحر، أو الشمس.
اشراك القطاع الخاص أمر ضروري
مع اقراره بأن قرار تبديل المعمل هو قرار صائب، الاّ ان المدير السابق للدراسات في “مؤسسة كهرباء لبنان” شفيق ابي سعيد اعتبر ان المسألة تحتاج الى دراسة معمقة لانه ليس بهذه السهولة يمكن تغيير معمل قائم، اذ يجب توفير البديل والاموال له قبل التخلص من القديم. واقترح في هذا الصدد، اشراك القطاع الخاص في المشروع عبر بناء المعمل وبيع الانتاج لمؤسسة الكهرباء، وتجهيزه على غرار معملي الزهراني ودير عمار اللذين صمما ليعملا على الغاز الطبيعي، على اعتبار أنه صديق للبيئة أكثر من الفيول الذي يستخدم حالياً. واذ لفت الى أن بناء المعمل يحتاج الى 3 سنوات على الاقل ليكون جاهزاً”، سأل عن موقع المعمل الجديد: “هل سيبقى في مكانه بين المناطق السكنية أو سيتم نقله الى منطقة أخرى مثل معمل الزهراني حيث يبدو ان المساحات واسعة”. وفيما حدّد قباني قدرة المعمل الجديد بنحو 450 ميغاوط، قدّر ابي سعيد كلفته بنحو 350 مليون دولار، مشيراً الى ضرورة توفير “مصبّ للغاز الطبيعي المسال، لأننا سنحتاج الى استيراد الغاز المسال من الخارج ومن ثم تحويله الى غاز طبيعي لاستخدامه في المعمل الجديد”.
ويختم ابي سعيد “من المفترض أن ينتج معمل الجية نحو 300 ميغاواط لكنه لا ينتج حالياً نصف قدرته، لذا فان قرار شراء معمل جديد يعتبر صائباً، لكن المسألة تحتاج الى دراسة وخصوصاً حيال نوعية الوقود المستخدم فيه”.