IMLebanon

التوقعات لم تتغيَّر: دولار أقوى ونفط أرخص

2016
طوني رزق
يؤكد خبراء عالميون انّ زمن الاقتراض والانفاق على حساب المستقبل شارف على نهايته، وانّ اعتماد الفائدة السلبية هو اولى الاشارات الى ذلك كما التوقف عن سياسات التسيير الكمي. غير انّ ذلك لم يمنع توقعاً منذ عام، خلافاً للجميع، بهبوط النفط الى 30 دولاراً، من التأكيد مجدداً انّ الاسعار الى انخفاض وانّ الدولار الى أقوى وانّ الاحتياطي الفدرالي سوف يرفع مجدداً أسعار الفائدة ومن ناحية أخرى تتجه المصارف المركزية لتقليص دورها مستقبلاً.

لم يغيّر مارك يوسكو، وهو مستثمر بارز ونشيط في الاسواق المالية العالمية، توقعاته بالنسبة لسعر النفط لا بل زاد تشاؤماً وهو يرى الأسوأ بالنسبة لأسعار النفط العالمية.

وكان هذا المستثمر الوحيد الذي توقع منذ عام تراجع سعر النفط الى 30 دولاراً في وقت اعتبر كلامه وتوقعاته من نسيج الخيال، كما كان توقع انّ تراجع الاقتصاد والاسعار سيكونان الهاجس الجديد في العالم الغربي.

وفي أثناء إعلانه عن توقعاته الكبرى للمرحلة المقبلة، وذلك يوم الاثنين الماضي في محاضرة له في فلوريدا، قال انه يستبعد ايّ تحوّل لتحسن اسعار النفط، خصوصاً مع استمرار الفائض في الاسواق وتمسّك المنتجين بعدم خفض الانتاج يضاف الى ذلك رفع العقوبات عن ايران بعودتها الى اسواق النفط.

وفي أسوأ ما توقعه ايضاً انّ الركود الاقتصادي سوف يضرب بقوة في الاقتصاديات الكبرى في العالم. وفي حين لم يحدد ايّ اقتصاديات، فهو لم يستبعد ذلك بالنسبة لأوروبا وبالنسبة للولايات المتحدة الاميركية. وحدّد ان تتراجع ارباح الشركات الاميركية وقطاع الصناعة.

وانتقد يوسكو ايضاً إقدام الاحتياطي الفدرالي الاميركي على رفع اسعار الفائدة، واعتبر انّ الاحتياطي فقد السيطرة في المرحلة الراهنة وأبدى تشاؤماً نتيجة اعتماد البنك المركزي الاوروبي أسعار الفائدة السلبية.

واعتبر انّ اليابان سوف تذهب الى المزيد من تحفيز الاقتصاد واضعة الدولار الى 135 يناً مقارنة مع 120 حالياً، وسوف تعزز اوضاع الاسهم اليابانية، امّا بالنسبة للأسواق الناشئة فسيتميز الاقتصاد الهندي عن بقية الاسواق. وكان البنك الدولي توقع نمواً اقتصادياً للهند عند 7,8 % في 2016 مقارنة مع 6,7 % للصين.

وعلى مستوى آخر ووسط التقلبات الحادة في الاسواق عقب الرفع الاول لأسعار الفائدة الاميركية، ترتفع أصوات التوقعات لتؤكد أنّ الاحتياطي الفدرالي الاميركي لن يقوم بعد الآن بأي رفع آخر لأسعار الفائدة لا بل بالعكس سوف يذهب الى التيسير الائتماني مجدداً.

وقال الخبير العالمي محمد العريان، وهو من الاكثر شهرة في الاسواق العالمية، انّ الاحتياطي الفدرالي سوف يقرر رفعين لأسعار الفائدة الاميركية في العام 2016 بدلاً من الاربعة المتوقعة سابقاً.

لكن أبرز ما قاله هو انّ العالم بلغ نهاية زمن الاستدانة والاستفادة على حساب المستقبل (أي اقترِض وأنفِق اليوم وادفع في المستقبل). اي انها نهاية زمن التسيير الكمي التي ضخّت بموجبه الولايات المتحدة الاميركية واوروبا واليابان تريليونات الدولارات، وسوف تتوقف البنوك المركزية عن التحكم وحدها في الاقتصاد والاسواق وتترك الاقتصاد يقرر المستقبل.

وأوصى عريان المستثمرين بالاحتفاظ بنحو 25 % من أموالهم نقداً (كاش) للاحتفاظ بحرية الخيار التي يوفرها المال النقدي، وحذّر من تقلّبات في الاسواق في البورصات وفي سوق العملات.

إعادة النظر بالمعايير الاقتصادية

وأصبح القاسم المشترك لدى غالبية الفعاليات والمراجع الاقتصادية في العالم في القطاعين الخاص والعام ضد إعادة النظر بالمقاييس الاقتصادية وفي مقدمتها المؤشرات المعتمدة لقياس وتقييم الاقتصاد الوطني والعالمي.

ويبدو انّ الشكوك تتركز حول اعتماد نسبة النمو الاقتصادي والتي لا تعكس الواقع. ويأتي ذلك بعدما عكست نسبة البطالة والتضخم والنمو اتجاهات غير متجانسة، وخصوصاً بعدما سارت الاوضاع في الاسواق المالية ضد ارادة الاحتياطي الفدرالي عقب إقراره أوّل رفع لأسعار الفائدة.

ودفع ذلك الكثيرين للقول للاحتياطي الفدرالي انّ الدولار القوي وهبوط اسعار النفط الى المستويات الراهنة هو أمر جيد، لكن هذا أقبح اكثر من كاف ويجب التوقف عند هذا الحد، وانّ الاستمرار في رفع الفائدة سوف يضرّ الاقتصاد.