IMLebanon

عمر ميقاتي..”القاتل المتسلسل” و”المطاوع” في طرابلس وعرسال!

 

omar-bilal-mikati

 

كتبت لينا فخر الدين في صحيفة “السفير”:

هو عمر أحمد ميقاتي.. صيته لا يعود لكونه ابن أحمد سليم ميقاتي أو أنّه مصوّر لعمليّة ذبح الشهيد عباس مدلج أو أنّه من مبايعي تنظيم «داعش» الذين حاربوا إلى جانبه في عرسال وتلّة الحمرا وفي الدّاخل السوري، وإنّما لـ «أبو هريرة» تاريخ طويل في القتل والإجرام.

ويمكن أن يكون ابن الـ19 عاماً، واحداً من أصغر السفاحين والقاتلين المتسلسلين الذين مروا في لبنان. القاصر الذي بلغ سنّه القانونيّة في سجن رومية، ارتكب أكثر من 10 عمليّات قتل في طرابلس.

كان الشاب ينتقي ضحاياه بعناية: كلّ من يرتدي البزّة العسكريّة أو ليس مسلماً سنياً أو يرتكب «المعاصي» هو هدف «طبيعي».

هو أكثر من سفاح، كما يعرّف المعجم كلمة سفاح (قتل أكثر من 3 أشخاص بثلاثة جرائم قتل منفصلة)، بل كان يحمل مسدسيه (واحد من نوع غلوك وآخر عيار 7 ملم مع كاتم للصوت) ورمانته اليدويّة، ثم يجد لنفسه صديقاً ليبحث عن ضحاياه كلّ ليلة في شوارع طرابلس وأزقّتها بغية قتلهم أو إصابتهم قبل أن «يغنم» أموالهم وهواتفهم.

يتجرأ ميقاتي على أن يجلس على طاولة محقّق داخل وزارة الدّفاع وأن يجاهر بأنّه نصّب نفسه «مطاوع طرابلس». يشير إلى أنّه كان يقوم دوريّا بتنفيذ دوريات ليليّة برفقة فايز عثمان و«أبو أنس الفلسطيني» في عدّة محال في طرابلس «بغية إطلاق النّار على سوريين يؤيدون النّظام السوري، أو أعرف أنهم يكفرون بالعزّة الإلهيّة، أو أراهم يشربون الكحول ويتناولون المخدرات، أو يمارسون الجنس. إن كانوا لبنانيين فكنتُ إمّا أطلق النّار عليهم أو أضربهم ضرباً مبرحاً، وإذا كانوا سوريين فإنني أطلق النار عليهم أو أطعنهم»!

الكثير من الروايات التي ينطق بها «أبو هريرة» من دون أن يرفّ له جفن. يروي مثلاً أنّه خلال وجوده في محلّة السرايا العتيقة وهو برفقة فايز عثمان وأحمد كسحة منذ أكثر من سنة ونصف، شاهدوا «بيك اب» مركونا على جانب الطريق فيما يقوم شخصان بإنزال ملبوسات لأحد المحال المجاورة، فسألهما عن طائفتهما. ولما لم يجيبا، أخذ منهما هاتفيهما ليجد عليهما صوراً لـ «حزب الله». عندها طلب منهما الركوع قبل أن يقوم وعثمان بإطلاق 10 طلقات على أرجلهما وأخذا منهما مبلغ 1000 دولار أميركي بالإضافة إلى الهواتف.

ويروي ميقاتي أيضاً أنّه توجّه مع «أبو خليل المقلعط» إلى إحدى المكتبات الدينيّة التي كان يعمل فيها خوري على مقربة من الجامع الكبير، ولمّا لم يجداه قررا أن يطلقا النار على الموظّف، قبل أن يحرق بعد يومين عبدالله الجغبير ومحمّد العتر المكتبة.

لم يكن ميقاتي يقوم بمسلسل القتل عشوائياً، بل يقوم في كثير من الأحيان بتحريات مكثفة عن ضحاياه. هذا ما حصل فعلاً حينما تحرى عن شخص شيعي يسكن في جبل محسن ويعمل سائق أجرة.

وبتاريخ كانون الأوّل 2014 قام مع محمود عبد الرحيم الملقّب بـ«أبو عبيدة» بملاحقة سائق التاكسي عبر دراجة نارية إلى أن اقترب من حاجز دير عمار، حيث خفف سرعته، فتقدّما إلى جانب شباك السائق وأطلق «أبو عبيدة» حوالي خمس طلقات ليرديه قتيلاً.

وبعدها بثلاثة أشهر تقريباً، خرج ميقاتي من منزل أبو عمر منصور حوالي الساعة السادسة صباحاً مع «المقلعط»، و «كنّا نريد قتل أي عنصر أمني، وكان بحوزتي دراجة نارية. وعلى الطريق شاهدنا عسكرياً يسير مقابل محطة مكيّة للمحروقات، وما إن وصلنا على مقربة منه حتى أطلقت ست طلقات باتجاه ظهر العسكري ثم استدرنا لناحيته وأصبته بصدره ليسقط قتيلاً (المؤهل أوّل الجبيلي)».

وقبلها، وتحديداً في بداية تشرين الأوّل 2013، قرر ميقاتي و «ابو أسامة» أن ينتقما لشقيقيهما اللذين قتلا خلال معارك الجبل والتبانة. واظبا على صلاة الفجر ثمّ خرجا. اختارا منطقة جاذبة: طريق السرايا العتيقة بالقرب من «الحلاب» كون المنطقة مسلكا أساسيا للعسكريين لأنهم يتّجهون منذ الصباح الباكر إلى ساحة التلّ بغية الانطلاق إلى وظائفهم. حينها، «قررنا إطلاق النّار على أوّل عسكريّ. وبوصولنا إلى هناك شاهدنا عسكرياً متجهاً سيراً على الأقدام من موقف لسيارات الأجرة، وما إن وصلنا إلى أمامه وجهاً لوجه حتى أطلقت عليه النّار فأصبته بفخذه ثم أطلقت رصاصة ثانية باتجاه رأسه لكنني لم أصبه لأنه سقط أرضاً بعد الطلقة الأولى. فأعدت الكرّة قبل أن أصيب الجدران ونلوذ الفرار رغم أنني كنت أريد قتله».

هذه بعض من عشرات الروايات التي قالها ميقاتي على مسامع المحققين بالإضافة إلى ضرب عدد من العسكريين ورمي القنابل والرمانات عليهم أو على آلياتهم وسياراتهم. «خفافيش الليل» الذين كانوا يقتلون أبناء طرابلس لم يكونوا إلا واحداً.. وقاصراً!

وربّما القتل الفردي لم يعد يجدي نفعاً. لذلك، قرّر «أبو هريرة» أن ينتقل إلى «حرفة جديدة»: تصنيع العبوات مع أسامة منصور، ومنها تلك التي وضعها ميقاتي في سوق الخضار من دون أن تنفجر.

ولكنّ الشاب لم يشبع من القتل، بل انتقل بتاريخ 21 تموز 2014 إلى الرقّة للقتال إلى جانب «داعش» للمرّة الثانية. فكان له ما أراد بالقتال في عرسال، حيث هاجم حاجز عقبة الجرد وفشل مع المجموعة باقتحامه، ثم انتقل ومعه عدد من المقاتلين (بعضهم لبناني أمثال الصيداوي أبو دجانة اللبناني وبلال العتر وبلال ميقاتي) إلى وادي الحصن.

وقد شاركت المجموعة التي قاتل معها ميقاتي في أسر عدد من العسكريين واغتنام آلياتهم العسكرية وأسلحة وذخائر، وانتشر له فيديو وهو يقوم بشتم الجيش والعسكر الأسرى لدى عمليّة احتجازهم عند حواجز عرسال ونقلهم إلى الجرود.

وبرغم ولعه بالقتل، إلا أن «أبو هريرة» لم يستطع أن يقنع «أبو عبد السلام الشامي» (كان مكلّفاً في المراحل الأولى بعمليّة التفاوض) بأن يقوم بذبح العسكري عباس مدلج، بعدما وعده الأخير بذبح أي عسكري يتمّ أخذ الأمر بقتله من أبو أيوب العراقي.

ومع ذلك، نفّذ ميقاتي جزءاً من مطلبه، إذ كان موجوداً حينما تمّ اقتياد مدلج إلى محلّة الرهوة (حيث تمّ قتل الشهيد علي السيّد خنقاً) وقام بتصوير عمليّة الذبح التي قام بها السوريّ «أبو الورد»، قبل أن يعطي الفيديو إلى «أبو عبد السلام» وينشره عبد الرحمن بازرباشي الملقّب بـ «حفيد البغدادي» على مواقع التواصل الاجتماعي.

فيما تكفّل هو باستخراج جثّة السيّد من مكان دفنها لدى صدور قرار تسليم الجثّة إلى أهله. وشارك أيضاً بالتحقيق مع العسكريين المخطوفين لدى «داعش» لأنّ «دوري كان ضربهم وتعذيبهم»، بالإضافة إلى مشاركته في إطلاق صواريخ على الأراضي اللبنانيّة.

ولكنّ بعد أيّام، نفّذ «أبو عبد السلام» ما وعده للشاب، إذ قام ميقاتي بتنفيذ حكم الإعدام الذي صدر بحقّ «المقنّع» (اليد اليمنى لعرابة إدريس) عبر ذبحه بسكين في منطقة الزبداني. وأشار إلى أنّ الأخير شارك في معارك عرسال وكان لديه أسير أو أسيران للجيش اللبناني تمّ تسليمهما لاحقاً إلى «داعش» قبل أن يصدر الحكم بقتله بسبب وجود نيّة لدى «المقنّع» لقتال «داعش».

«والد الخلفاء الراشدين»

خلال استجواب عمر أحمد ميقاتي، لفت نظر رئيس المحكمة العسكريّة العميد خليل ابراهيم أنّ «أبو الهدى» سمّى أسماء أبنائه على اسم الخلفاء الراشدين: أبو بكر وعمر وعلي وعثمان، بالإضافة إلى أسامة، قائد جيشهم، وأم المؤمنين عائشة وفق ما أضاف ميقاتي الأب، الذي أكّد رغبته بأن يكمل في إنجاب الأولاد بعد خروجه من السّجن.

وفيما رفض أن يقال له إنه «والد الخلفاء الراشدين»، روى أن صديقه المصري كان يناديه بهذا اللقب قبل أن ينهاه عن هذا الأمر: «هذه الكلمة لا تجوز، معاذ الله أن أكون والد الخلفاء، أنا إنسان حقير أمام الخلفاء الراشدين».