IMLebanon

الرجوع عن خطأ النفايات…”فضيلة”

 

Bourj Hamoud Waste

 

 

كتبت مرلين وهبة في صحيفة “الجمهورية”:

في 25 آب 2015 قرَّر مجلس الوزراء عدم الموافقة على نتائج مناقصات النفايات الصلبة، مناقصات تمَّت للمرّة الأولى على الصعيد الوطني بمشاركة 17 مجموعة من شركات لبنانية ودولية، وبمواكبة استشاريّين دوليّين ثلاثة. ما زالت الأسباب الرسمية لهذا الرفض مجهولة.من 25 آب 2015 حتى 17 شباط 2016 مرّت ستة أشهر، مدّة كان بإمكان لبنان استخدامها لتشييد معامل فرز ومعالجة النفايات التي تضمّنتها هذه المناقصات على سائر الأراضي اللبنانية، والتي كانت ستؤمّن استرداد ما بين 60 في المئة و75 في المئة من هذه النفايات، أو بمعنى آخر طمر 25 في المئة إلى 40 في المئة منها فقط بكِلفة لا تتعدّى 120 دولاراً للطن الواحد حيث تشمل:

– جمع النفايات.

– تشييد معامل الفرز والمعالجة وتشغيلها.

– التخلّص النهائي من العوادم من خلال تأهيل مواقع عشوائية.

وذلك لفترة 7 سنوات تُعتبر منطقية للانتقال التدريجي إلى الإدارة المحلية المستدامة من البلديات (التوجّه الذي أقرّه مجلس الوزراء بموجب قراره الرقم 1 تاريخ 9/9/2015).

إلّا أنّ الأوان لم يفُت، وبحسب الخبراء الاقتصاديين فيُمكن، لا بل يجب، اليومَ قبل الغد، إعادة درس هذه المناقصات في مجلس الوزراء والموافقة على نتائجها وتوقيع العقود مع الفائزين، ثمّ التنفيذ، ليبدأ التشغيل في آب 2016، على أن يتمّ حتى هذا الموعد نقلُ النفايات المتراكمة في بيروت وجبل لبنان وتلك التي ستنتج لحينِه إلى مطمر الناعمة، على اعتبار أنّه المطمر الصحّي الوحيد في هذه المنطقة.

القرار قد يكون غير منصِف ربّما لأهالي الناعمة وضواحيها الذين تحمّلوا منفردين هذا العبء لفترة تقارب الـ 18 عاماً، لكنْ ما مِن حلّ آخَر، كون تأهيل أيّ مطمر جديد أو أيّ محاولة ترحيل جديدة ستستغرق 6 أشهر على الأقلّ من استدراجات عروض وغيرها.

ويمكن التعويض عن هذا العبء الإضافي بوسائل شتّى، مثل تقديم حوافز ماليّة إضافية وتوليد الكهرباء وتوزيعها مجّاناً على السكان (على غرار البندَين 1 و2 من قرار مجلس الوزراء الرقم 46 تاريخ 30/10/2014 المعدّل بموجب قرار مجلس الوزراء الرقم 1 تاريخ 12/1/2015)، خصوصاً أنّ المطمر بشهادة الاختصاصيّين المحليّين والدوليّين مصمَّم بأفضل الطرق الهندسية، ولن تتعدّى فترة إعادة استخدامه ستّة أشهر، بضمانة العقود التي ستوقّع مع الفائزين بهذه المناقصات.

أمّا عن هذه المناقصات وعن ضرورة موافقة مجلس الوزراء على نتائجها تمهيداً لتوقيع العقود، يَجدر التذكير بالمبادئ التي بُنيت على أساسها والتي سبقَ أن عدّدتها وزارة البيئة، وهي:

– أسُس دفاتر الشروط: وضعها مجلس الوزراء بعد مناقشة عدد من الاقتراحات تقدّمت بها وزارة البيئة.

– دفاتر الشروط: أعدّها استشاريّ دولي بالتعاون مع استشاريّ محلّي، ثمّ وافق عليها مجلس الوزراء.

– الإعلان عن المناقصات: نشر في مختلف الصُحف المحلية إلى جانب الموقع الإلكتروني لمجلس الإنماء والإعمار، علماً أنّ المناقصات أعيدَ إطلاقُها ثلاث مرّات في بعض المناطق.

– لجنة تقويم العروض: تألّفَت من الإدارات الستّ المعنية مباشرةً أو غيرَ مباشرة بالملف (وزارة البيئة، وزارة الداخلية والبلديات، وزارة المال، رئاسة مجلس الوزراء، مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية ومجلس الإنماء والإعمار)، واستعانت بثلاثة استشاريين دوليين في التقويم الفنّي والمالي.

– النتائج الفنّية للمناقصات: مرضية بدلالة نجاح 12 مجموعة لسِتّ مناطق على أساس دفاتر شروط صارمة لناحية نِسب استرداد النفايات (60 في المئة و75 في المئة، مقارنةً مع أقلّ مِن 10 في المئة في العقود التي كانت سائدة في بيروت وجبل لبنان قبل 17/7/2015).

– النتائج الماليّة للمناقصات: مرضية استناداً إلى تقارير الاستشاريين الدوليين، ومقارنة الأسعار التي كانت سائدة في بيروت وجبل لبنان قبل 17/7/2015 (نحو 25 في المئة أغلى من نتائج المناقصات، من دون احتساب كلفة الاستثمار) وتلك المتعلقة بالترحيل (ما يزيد عن 200 دولار للطنّ، أي 66 في المئة أغلى من نتائج المناقصات)، علماً أنّ فصول عملية الترحيل هذه لم تكتمل بعد.

واستناداً إلى هذه النتائج يؤكد الخبراء أن لا حلّ أفضل على المدى القصير أو المتوسط، للأسباب الآتية:

– أولاّ إنّ أيّ حلّ آخر يحتاج إلى وقتٍ لدرسه وتصميمه وتنفيذه، وبالتالي يقتضي خلال هذه الفترة تأمين البديل، والبديل هو السير في نتائج هذه المناقصات.

– ثانياً الجدوى التقنية من هذه المناقصات جيّدة جداً بدلالة نِسب استرداد النفايات، حيث من الصعب تأمين حلول تقنية أفضل جاهزة للتنفيذ، بالكلفة نفسها.

– ثالثاً، لا يجب التوقّف عند النسبة التي سيتمّ طمرُها أو مواقع هذا التخلّص النهائي، لأنّه في أسوأ الحالات يمكن ترحيل هذه النسبة (25%- 40%) وهي نسبة جدّ منطقية مقارنةً بالنِسب الحاليّة التي أقِرَّ ترحيلها بموجب قرار مجلس الوزراء الرقم 1 تاريخ 21/12/2015 (أكثر من 90 في المئة)، وبالتالي سيكون من الأسهل تأمين بلدان لاسيترادها، أمّا في أحسن الحالات فينجح الفائزون بالمناقصات في استخدام مواقع التخلّص النهائي التي اقترحوها، وهي كلّها مواقع مشوّهة، أساساً تمَّ اختيارها من بين المواقع المحددة في قرار مجلس الوزراء الرقم 1 وسيُصار إلى تأهيلها.

ما يَطرح السؤال: أليسَ هذا الحلّ أفضلَ من الاستمرار في استخدام هذه المواقع للكبِّ العشوائي، وبالتالي زيادة الخطر البيئي والصحّي، والاستمرار في القبول بالفساد المالي الذي يحيط بهذه العمليات العشوائية؟

ويبقى القول إنه خلال العام المنصرم، شهدنا 3 توجّهات مختلفة لمجلس الوزراء في موضوع إدارة النفايات الصلبة، بدءاً بالأنسب (المناقصات التي جرت عام 2015 تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الرقم 46 تاريخ 30/10/2014 المعدّل بالقرار الرقم 1 تاريخ 12/1/2015)، مروراً بحلول «يوتوبية» (إعادة الموضوع بطريقة فورية إلى البلديات – القرار الرقم 1 تاريخ 9 أيلول 2015)، وصولاً إلى حلول لا يَقبلها العقل ولا تتحمّلها الخزينة (الترحيل – القرار الرقم 1 تاريخ 21 كانون الأوّل 2015). لكنْ ألَا يكون من الأسلم العودة إلى الحلّ الأوّل… لأنّ الرجوع عن الخطأ فضيلة.