IMLebanon

“مؤشر تجار بيروت – فرنسَبنك” للفصل الرابع من 2015: التراجـع العـام مستمـرّ

Retail Sales
واصل مؤشر غلاء المعيشة تراجعه، مسجّلاً المزيد من النسب السلبية، وطرأت طفرة ظرفية على الحركة الإستهلاكية في بعض قطاعات تجارة التجزئة في خلال النصف الأول من كانون الأول 2015، فتفاقمت آمال التجار خيراً مع نهاية السنة، آملين أن “تكون الظروف باتت مؤاتية لاسترجاع بعض العافية في النشاط في مناسبة أواخر موسم الأعياد ورأس السنة، إنما ما لبثت أن تلاشت تلك الآمال، وساد الكساد في الأسواق، وأنهى معظم التجار السنة مسجّلين أرقام مبيعات أضعف مما حققوه في الفترة نفسها من العام الماضي، أي في الفصل الرابع من 2014”.

جاء ذلك في “مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة” للفصل الرابع من سنة 2015 (Q4 – 2015)، الذي أشار إلى أن “أرقام الأعمال المجمّعة لقطاعات تجارة التجزئة التى تشهد منطقياً تحسّناً ملموساً في الفصل الرابع من كل سنة، وتحديداً في الفصل الرابع من العام 2015 بسبب العوامل الموسمية المعروفة، وبسبب زيادة أعداد الزوّار الأجانب والمغتربين اللبنانيين الى لبنان في خلال هذه الفترة، سجلت هي الأخرى تراجعاً أيضاً في الكثير من القطاعات مقارنة بأرقام أعمال الفصل الثالث من العام ذاته”.

وأضاف: بالرغم من التراجع المؤثر في الأسعار والحسومات والتنزيلات والتسهيلات السخيّة التي بادر اليها التجار بهدف تشجيع الإستهلاك ولو نسبياً، كان سوء الظروف السياسية والأمنية والإقتصادية، وانعدام أي رؤية مستقبلية، أكثر تأثيرأً مما جعل التجار يتحمّلون استمرار التباطؤ في المبيعات للفصل الرابع على التوالي هذه السنة، ومواجهة مضاعفات الركود المتواصل حفاظاً على ديمومة مؤسساتهم.

مؤشر غلاء المعيشة: يواصل مؤشر غلاء المعيشة تراجعه للفصل الخامس على التوالي، وإن بوتيرة أبطأ من فصل إلى آخر بالنسبة إلى سنة 2015، “علماً أن هذه الوتيرة تعتبر أسرع إذا ما قارنا الفصلين بسنة 2014، وبلغ المؤشر مستوى – 3.40%”، وأضاف المؤشر: إن استمرار تزامن التباطؤ في العجلة الإستهلاكية مع تراجع مؤشر غلاء المعيشة هو ظاهرة غير صحية ومقلقة للغاية، حيث أن المنطق الإقتصادي البحت يفرض إنتعاش النشاط في الأسواق نتيجة لتراجع الأسعار، حتى ولو بعد فارق زمني بسيط. أما عكس هذه الظاهرة – كما هو الحال في أسواقنا منذ فترة، ما هو إلا مؤشر أزمة معيشية متفاقمة ترخي بثقلها على الاقتصاد الكلي والتي تحتم على الأفرقاء السياسيين كافة في البلد، المبادرة الى إضافة التدابير اللازمة لإعادة الثقة وضمانة المداخيل واستحداث فرص العمل للبنانيين وتيسير حركة البضائع من لبنان وإليه، وضخّ السيولة وترسيخ الأمن والأمان لاستقطاب الرساميل الخارجية… إلخ.

وسجلت أرقام أعمال معظم قطاعات تجارة التجزئة في خلال الفصل الرابع لسنة 2015 إزاء هذا الواقع، تراجعاً مقارنة بمثيلاتها في الفصل الرابع لسنة 2014، وبلغ الإنخفاض الإسمي المجمّع لتلك الأرقام نسبة – 4.23% إذا ما استثنينا الزيادة في مبيعات الوقود (من حيث الكمية) جرّاء بدء انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية ومن ثم في السوق المحلية.

وتابع: أما الأرقام الحقيقية المجمّعة بعد تطبيق مؤشر غلاء المعيشة السلبي لهذه الفترة، فلامس انخفاضها نسبة – 1.00%، وهي نسبة لا تزال في الشطر السلبي بالرغم من انخفاض مؤشر غلاء المعيشة المتتالي. إنما تلك الأرقام الحقيقية لا تعكس هذه المرة الواقع الحقيقي في القطاعات كافة على تنوّعها، حيث أن التراجع كان حادّاً جداً في البعض منها، إنما البعض الآخر شهد تحسناً، فجاءت النتيجة المجمّعة معتدلة السلبية.

وعند التدقيق في نتائج كل قطاع على حدة، يتبيّن أن هناك تراجعاً ملحوظاً نسبياً في أرقام الأعمال الحقيقية (أي المثقلة بمؤشر غلاء المعيشة) للقطاعات الآتية (مقارنة بمستويات أرقام أعمالها في الفصل الرابع لسنة 2014): أجهزة الهاتف الخليوية وقطع الغيار العائدة لها (- 26.24%)، معدات البناء والهندسة والزراعة (- 26.03%)، منتجات المخابز، الحلويات والحلويات السكرية (- 24.54%)، الأثاث والمفروشات (- 23.87%)، الأحذية والسلع الجلدية (- 23.53%)، الثريات وأدوات التزيين (- 12.65%)، الساعات والمجوهرات (- 11.17%)، التبغ ومنتجاته (- 10.91%)، العطور ومستحضرات التجميل (- 8.92%)، الملابس والفراء (- 6.01%)، المشروبات الروحية (- 4.65%)، المجمّعات التجارية (- 3.00%).

وتؤشر تلك النسب إلى تقليص حاد نسبياً بالنسبة إلى الفترة نفسها من العام الماضي في استهلاك السلع الشخصية كالأحذية أو الساعات أو العطور أو الملبوسات أو حتى التبغ والمشروبات الروحية، في فترة عادة ما تزداد فيها المشتريات من تلك السلع بشكل ملحوظ، كما وهبوط في استهلاك منتجات المخابز والحلويات مع أن تلك هي سلع معيشية أساسية.

أضاف المؤشر: من جهة أخرى، نلاحظ أيضاً تباطؤاً في الحركة في المجمّعات التجارية من جهة، وهذا مؤشر على تراجع في منسوب التسوّق الذي اعتادت عليه في الأسَر في السابق، وكذلك هبوط متواصل في مبيعات معدات البناء، ما يؤشر الى استمرار تباطؤ النشاط في الأسواق العقارية. وفي الوقت ذاته نلاحظ أن، مع بداية تدهور أسعار النفط وتدني تسعيرة الوقود التدريجية في الأسواق اللبنانية، ارتفع استهلاك وقود المركبات بشكل ملفت حيث زادت كميات الوقود المباعة في خلال الفصل الرابع لسنة 2015 بمعدل 8.45% عن الكميات المُباعة في الفصل الأخير لسنة 2014. وكان هناك تحسن أيضاً في أداء بعض القطاعات، وتحديداً: السلع الرياضية وأدوات التسلية (+ 16.28%)، المطاعم والسناك بار (+ 12.13%)، الأجهزة الطبية (+ 11.34%)، السلع البصرية والسمعية (+ 7.91%)، اللعب والألعاب (+ 6.33%)، السلع الصيدلانية (+ 3.97%).

وتابع: هنا نرى بوضوح التحسن في أرقام مبيعات القطاعات المتعلقة بالترفيه الشخصي والألعاب من جهة، وفي القطاعات التى تمت الى الصحة من جهة أخرى (بلغ مؤشر غلاء المعيشة الخاص بقطاع الصحة – 7.19% ما بين الفصلين الأخيرين لعام 2015 و 2014 وهو يعكس تدنٍّ كبير في مستوى الأسعار). والملفت أيضاً هو التحسّن النسبي الذى شهده قطاع المطاعم والتغذية، بالرغم من شبه ثبات الأسعار في هذا القطاع. في حين أن مبيعات السوبرماركت والأغذية استقرّت عند المستويات ذاتها للفصل الأخير للسنة الماضية، حيث كان التراجع في الأرقام (- 0.74%) شبه موازٍ لتراجع مؤشر غلاء المعيشة ما بين الفصلين الأخيرين لعام 2015 و2014 الذى بلغ – 0.64%، وذلك بالرغم من الإزدياد الواضح في أعداد المقيمين في لبنان مع استمرار النزوح السوري وخلافاً للتوقعات المنطقية بزيادة ملحوظة في مبيعات السلع الأساسية والضرورات اليومية.

أخيراً، أشار الى أن “مبيعات التجهيزات والأجهزة المنزلية تراوحت مبيعاتها تقريباً حول المستويات التى كانت شهدتها في الفصل الأخير لعام 2014. أما المقارنة بين أرقام الفصل الرابع لسنة 2015 وأرقام الفصل السابق له، فهي بالطبع تعكس العوامل الموسمية في بعض القطاعات المعنية، إنما ليس كلها، وعليه شهد البعض من تلك القطاعات ارتفاعاً في أرقام الأعمال، مثل المشروبات الروحية (+ 28.67%) والمجوهرات والساعات (+ 20.72%) واللعب والألعاب (+ 19.12%) المجمـّـعات التجارية (+ 11.00%) والأحذية (+ 10.18%) والسوبرماركت والأغذية (+ 5.44%).

إنما هناك أيضاً قطاعات شهدت مزيداً من التراجع في مبيعاتها، وأهمها التبغ ومنتجاته (- 14.14%)، وأجهزة الهواتف الخلوية (- 9.58%)، ومنتجات المخابز والحلويات (- 9.42%)، والمطاعم والسناك بار (- 8.66%)، وأيضاً الملابس (- 5.73%).

وأضاف: نتيجة لكل ما سبق، وبعد الإشارة الى أن المؤشر الأساس (100) الذى قد تم تبنيه، هو للفصل الرابع لسنة 2011، وأن تضخم الأسعار في خلال الفصل الرابع من سنة 2015، وفقاً لإدارة الإحصاء المركزي، بلغ – 0.16%، نعلن اليوم عن أن “مؤشر جمعية تجار بيروت- فرنسَبنك لتجارة التجزئة” هو: 55.56 للفصل الرابع من سنة 2015.

وختم: مرة أخرى، نشهد اليوم إرتفاعاً ضئيلاً جداً يكاد يلامس الصفر (0.24 نقطة) في مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسبنك لتجارة التجزئة خلال الفصل الرابع لسنة 2015 ، مقارنة بمستواه في الفصل السابق له، وذلك بالرغم من متابعة انخفاض مؤشر غلاء المعيشة وبالرغم من العوامل الموسمية المعهودة. إذاً وفي المحصلة، ان الاطار المايكرو للحالة اللبنانية بكل مكوّناته، ازداد حرجاً وأصبح أكثر دقة وأشد تهديداً وأعظم إلحاحاً على جميع الأفرقاء اللبنانيين، لفتح النوافذ الضرورية التي من شأنها أن تساعد لبنان في تجاوز هذه المرحلة من تاريخه بأقل ضرر ممكن من الخسائر الإقتصادية والإجتماعية.