IMLebanon

طريق الحرير من الصين الإقتصادية

Hangzhou-China
ماجد منيمنة

يلاحظ المتابع لإجتماعات قمة العشرين والتي تضم إلى جانب المملكة العربية السعودية، الأرجنتين، وأستراليا، والبرازيل، وكندا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، والهند، وإندونيسيا، وإيطاليا، واليابان، والمكسيك، وروسيا، وجنوب إفريقيا، وكوريا الجنوبية، وتركيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية، ثم الاتحاد الأوروبي المكمل لمجموعة العشرين، إضافة إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، القلق والاهتزاز بالآراء لدى معظم قادة العالم. فروسيا في وضع لا تحسد عليه، بسبب الانخفاضات المتتابعة في أسعار النفط، وزعماء الدول الأوروبية قلقون من دخول منطقتهم في ركود جديد، أما اليابان فتجد نفسها في وضع أسوأ من أوروبا، بسبب ركود اقتصادها بالإضافة إلى تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني. هذا المشهد هو مغاير من الجانب الأطلسي، فالعالم كله بات يعول على النمو الاقتصادي الأميركي، والذي أكد وزير خزانتها أنه لن يكون كافياً لانتشال الاقتصاد العالمي.
على الجانب الشرقي للأطلسي، نجد أن الصين تخطو واثقة نحو تبوؤ مكانتها كزعامة اقتصادية وسياسية إلى جانب الولايات المتحدة. فهي على الرغم من تباطؤ نمو اقتصادها الذي انخفض تحت الـ 10%، إلا أنها تحاول إعادة رسم العلاقات الإقليمية في محيطها الآسيوي، لتدور تلك البلدان في فلكها الاقتصادي. ورغم أن الصين تحاول الحد من تدفق رؤوس الاموال الاجنبية اليها بمعدلات تفوق المعقول، الا أن المسؤولين الصينيين ينظرون بشك عميق تجاه النصائح الغربية بفتح نظامهم المالي وتعويم عملتهم اعتقادا منهم «أنها وسيلة جديدة لنهب الدول النامية.» كما ان حكومة بكين لم تستطع على عكس ما تتخيل السيطرة بشكل كامل على دخول المليارات الى السوق الصينى بسبب تسلل هذه المليارات من بوابة هونغ كونغ وشينزين المتاخمة.
ان وضع الصين الاقتصادي يقترب الى حد كبير من الوضع الاقتصادي لدول جنوب شرق اسيا وهونغ كونغ عشية الازمة الاقتصادية الكبرى للعام 1997، حيث أن المؤشرات تؤكد بأن الصين بدأت تتعرض بالفعل لضربة مدمرة لاقتصادها الصاعد وبسبب الارتفاع المتواصل لسعر الدولار مقابل اليوان. لقد وعت الصين بأن ازدهارها الاقتصادي لن يكون كافيا لتثبيت أركان زعامتها، فبدأت بتحويل منافع اقتصادها ليشمل المنطقة الآسيوية كاملة. فهي بدأت تؤسس البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية برأس مال يصل إلى 100 مليار دولار، كما ستقوم الصين بالمساهمة بنصف رأس المال في حين تسهم 20 دولة أخرى بالنصف الآخر. قائمة الدول المساهمة تمتد من الصين شرقا، مرورا بدول جنوب شرق آسيا، لتشمل النمور الآسيوية المزدهرة، بالإضافة إلى شبه القارة الهندية، صاحبة أكبر كثافة سكانية في العالم، ودول آسيا الوسطى الغنية بالموارد الطبيعية، انتهاء بالكويت وقطر اللتين ستكونان نافذتي هذا الصرح الاقتصادي على أسواق الطاقة والشرق الأوسط. كما ترى الصين بأن بامكانها لعب دور بارز، بهدف تعزيز الحوار البناء بين هذه الدول، والعمل على تنسيق السياسات المالية والنقدية والتصدي للتحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، كما كان تأسيس هذا المصرف اعترافاً بتصاعد أهمية وتعاظم دورها في الاقتصاد والسياسات العالمية، وضرورة إشراكها في صنع القرارات الاقتصادية الدولية. ومن أهداف هذه منظمة التعاون الاقتصادي المتعدد الجنسيات تمويل البنية التحتية لدول المنطقة. وبحسب جغرافية الدول المشاركة، فإن إنشاء شبكة متكاملة من البنى التحتية بين هذه المناطق؛ سيخلق طريقاً اقتصادية جديدة، هي طريق الحرير الجديد، للاستثمار في البنى التحتية من بناء الطرق والسكك الحديدية والموانئ والمطارات في جميع أنحاء آسيا الوسطى وجنوب آسيا، الأمر الذي سيعمق ويزيد من حجم المشاركة الاقتصادية بين دول هذه المنطقة.
لقد فهمت الصين ان تفتت القوة العظمى الى جانب الانهيارات التي تعرضت لها دول جنوب شرق اسيا واليابان لم تكن على الاطلاق وليدة الصدفة بل هي انهيارات خطط لها بعناية من قبل النظام العالمي ومن يسيطر عليه لذلك فهي واعية بأن قيادتها للمنطقة لا يمكن أن تفرض عن طريق العضلات العسكرية، إنما عن طريق القوة الناعمة للمشاركة وإنشاء شبكة من المصالح الموحدة الأهداف فالازدهار الاقتصادي لا يأتي إلا عن طريق حماية وسائل الإنتاج وبيئة الأعمال وإبقائها في حالة آمنة مستقرة. ولكن الحاجة إلى القوة العسكرية ستبقى دائما محورا مركزيا لإنجاح تعبيد طريق الحرير الجديد.
إنها قوى آسياوية بدفع صيني تمديد العون لانتشال مناطق ذات معوقات اقتصادية جمة مثل وسط وجنوب آسيا من الفقر. فهل تنجح الصين في خلق نهضة وحدوية آسيوية قادرة على منافسة المصالح الأميركية؟ هكذا سيرسم طريق الحرير الجديد مستقبل زعامة الصين الاقتصادية!!.