IMLebanon

بري أكثر من مصمّم على فتح المجلس

nabih-berri-3

كتب رضوان عقيل في صحيفة “النهار”:

لا يتقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري مشهد التفرج على إقفال القاعة العامة من دون عقد جلسات تشريعية في العقد العادي، ولا سيما مع وجود رزمة من المشاريع والاقتراحات التي تدخل في باب تشريع الضرورة. ويعي جيدا خطورة عدم انتخاب رئيس للجمهورية الى اليوم، إلا أن هذا الامر لن يمنعه من المناداة بضرورة سلوك قطار التشريع، وسط موجة من الاعتراضات على هذا الخيار يقودها “الثنائي المسيحي” المتمثل في “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، فضلا عن حزب الكتائب المعترض في الاصل على التوجه الى ساحة النجمة قبل انتخاب رئيس للبلاد.

هذا الموضوع سيتصدر بالطبع جدول لقاء طاولة الحوار في 20 نيسان الجاري. وكان بري يريد التئام المتحاورين قبل هذا التاريخ، واضطر الى التأجيل بسبب سفر الرئيس فؤاد السنيورة وشخصيات أخرى. وينطلق رئيس المجلس من مسلمة هي أنه في مقدم الساعين والعاملين لانتخاب الرئيس، وان من غير المنطق الاستمرار في هذه المراوحة وتعطيل البرلمان وشله، على غرار ما هو حاصل في أكثر من مؤسسة. وثمة مشاريع لا تتحمل الانتظار، تتعلق بشؤون الدولة والحياة اليومية للمواطنين.

لم يشأ بري الحديث بإسهاب أمام زواره عن الاسباب التي يستند اليها المعترضون لفتح جلسات التشريع، إلا أنه يبدي تصميما على عدم السكوت عن شل السلطة التشريعية الاولى في البلد، لأن الابقاء على هذا المنوال يشبه من يطلق النار على نفسه. وسيثير هذا الموضوع من بابه الواسع في جلسة الحوار المقبلة، ولا سيما بعد تلقيه إشارات من كتل عدة تؤيد فتح المجلس. ولم يستبعد دعوة هيئة المكتب لهذه الغاية وطرح المشاريع الملحة التي لا تحتمل التأجيل، ولا سيما أن اعضاءها مع التشريع من دون شروط، ما عدا النائب انطوان زهرا.

وبسؤاله عن القوى المسيحية الرئيسية ولا سيما المارونية منها التي لا تلاقيه في الحماسة حيال التشريع، وعن التشكيك في ميثاقية أي جلسة من دون حضور هذه الأفرقاء، يرد: “أنا أبو الميثاقية، وأعرف جيدا أين ينبغي أن تتوافر”. ويبدو هنا كمن يقول إنه لا يريد دروساً من أحد.

ويعول على حضور عدد لا بأس به من النواب المسيحيين، مشيرا الى أنه كان تلقى تأكيدات من نواب في “تكتل التغيير والاصلاح” أنهم سيحضرون أي جلسة يدعو اليها. ويقصد هنا أعضاء كتلة النائب سليمان فرنجيه، ومن بينهم النائب إميل رحمة. ويرفض الخوض في تصنيف النواب الموارنة ودرجاتهم في طائفتهم.

ويسأل: “النائب بطرس حرب ورئيس لجنة الادارة والعدل النائب روبير غانم، ألا يمثلان الموارنة، اضافة الى نواب مسيحيين آخرين في كتلة المستقبل وكتل أخرى؟”. وينقل عنه زواره أيضا انه يتقن تطبيق الميثاقية في المواضيع المطلوبة، وان الاقتراحات المطروحة ليست في حجم مناقشة الموازنة والتصديق عليها.

ويبدو أن ليس من مصلحة بري التخلي عن المناداة بضرورة التشريع، ولو للحظة واحدة. ويستمر مقاتلا على هذه الجبهة ومصمما على فتح أبواب المجلس، مع بروز موجة من الاعتراضات على هذا الطرح في الشارع المسيحي الذي يشعر بوطأة أعداد اللاجئين السوريين، مثل سائر اللبنانيين، ومن دون ان ينسى في الوقت نفسه معاناة المسيحيين ومسلسل تهجيرهم من ديارهم واقتلاعهم من أرضهم في العراق ومناطق كثيرة في سوريا. ومن هنا برز الحديث عن ضجة التوطين في الايام الاخيرة، والردود التي طاولت “التيار الوطني الحر” من “تيار المستقبل”، واتهامة بتكبير هذا الملف. وثمة من يشبه هنا مشهد اليوم بالطريقة نفسها التي جرى فيها التعامل مع الوجود الفلسطيني أوائل السبعينات.

ولذلك لن تكون مهمة بري سهلة في تعبيد الطريق النيابية الى ساحة النجمة، في غياب المكونات المسيحية الرئيسية عن أي جلسة تشريعية يدعو اليها. ولم يتوان مراقبون عن القول إن رئيس المجلس سيكون “محشورا” في حال تغيب هؤلاء الأفرقاء عن الجلسة، وهذا ما سيحصل. وفي هذه الحال سيعطي مبررات أقوى لجمهوري العونيين و”القوات” في تعزيز حججهم لدى الرأي العام المسيحي، ولا سيما انهما لم يستطيعا بلورة ترشيحهما العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية. ولم يأت تلويحهما بالنزول الى الشارع في الايام الاخيرة من فراغ، رفضا لطريقة التعامل مع المسيحيين.

وثمة من يعتقد هنا ان نواب كتلة فرنجيه وآخرين من المسيحيين لن يستطيعوا تغطية أي جلسة تشريعية في حال تغيب “التيار الوطني الحر” و”القوات”، في وقت سيندفع حزب الكتائب الى التحرك أكثر اعتراضا على حصول جلسات تشريعية. وسيعمل الثلاثي المعارض المسيحي للحصول على مشروعية أوسع وأكبر، ولن تعارض بكركي خياره.