IMLebanon

شخص من ثلاثة يعاني من الحساسية

allergy
الدكتور الياس خيرالله*

تحتفل الجمعية العلمية اللبنانية لأمراض الحساسية والمناعة بالأسبوع العالمي للحساسية، برعاية المنظمة العالمية للحساسية، وأطلقت حملة من أجل متابعة التثقيف والوقاية في لبنان.

أهداف الحملة:
تهدف هذه الحملة الى إبراز مدى تأثير التغيرات المناخية، وخاصة الاحتباس الحراري، على الحساسية الموسمية المتعلقة بحبوب اللقاح والأساليب اللازمة للتكيف، والتوعية على أهمية التشخيص والعلاج المبكر، كما الوقاية.

الحساسية وحجمها:
يكثر انتشار أمراض الحساسية في العقود الأخيرة، كالربو الشعبي والتهاب الأنف، بنسب «وبائية» في جميع أنحاء العالم، وخصوصاً في البلدان الصناعية (شخص من أصل ثلاثة أشخاص في العالم يعاني من حساسية ما)، وقد أدرجت منظمة الصحة العالمية الحساسية في المرتبة الرابعة بين الأمراض المزمنة. وأكثر من ذلك، فهي تتوقع أن يتحسس شخص من أصل اثنين في العام 2050. ووفقاً للدراسة الدولية لأمراض الربو والحساسية عند الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 13 و14 عاماً، يظهر أن 22.1% يعانون من حساسية غبار الطلع (حمى القش) في العالم و20.1% في شرق البحر الأبيض المتوسط.

حساسية حمى القش:

حساسية «حمى القش» هي عبارة عن فرط استجابة الجهاز المناعي لغبار الطلع، ما يؤدي الى تهيج الأغشية المبطنة للأنف وانتفاخها، ثم يحصل إفراز مواد كيميائية كثيرة، منها الهيستامين واللوكوتريان، التي تظهر أعراض الحساسية كالعطس والحكة واحتقان في الأنف مع احمرار وانتفاخ في العين مع كثرة الدمع، وفي الحالات الحادة يمكن أن تسبب ردة الفعل المبالغة هذه طفحاً وصعوبات في التنفس ونوبات ربو.

التغيرات المناخية:
الجميع يقرّ اليوم بزيادة الاحترار العالمي وتداعياته على الصحة العامة، وبشكل خاص على الحساسية الموسمية (زيادة وسطية تقدر بـ0.7 درجة مئوية على مدى القرن الماضي).
الاحتباس الحراري يلعب دوراً أساسياً في زيادة ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي (زيادة وسطية تقدر بـ22% على مدى 30 سنة). إن الزيادة في درجات الحرارة والرطوبة مع تركيز غاز ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي عززا نمو النبات، وبالتالي أتاحا وفرة زائدة في إنتاج حبوب اللقاح المسببة للحساسية. هذا الوضع المناخي له دور كبير في استباق الموعد الموسمي للنباتات وإطالته، أعني مضاعفة نسبة حبوب اللقاح في الهواء مع زيادة التحسس وعوارضه وكثرة التأزم عند المرضى المصابين بالربو.

غبار الطلع:

إن غبار الطلع، كما الفطريات، ينتشر بواسطة الهواء في الأيام الدافئة والمشمسة. وعند وجود الرياح، يمكن أن ينتقل غبار الطلع كيلومترات عدة، ويكون تركيزه أقل في الأيام الممطرة الباردة الرطبة.
حبوب اللقاح (صغيرة الحجم بين 20 و60 ميكرون). فقط الجزئيات التي قطرها أقل من 10 ميكرون تدخل من الأنف وتصل الى الجهاز التنفسي السفلي. إن كمية بسيطة من غبار الطلع من 10 إلى 20 حبة في المتر المكعب كافية لإثارة نوبة حساسية.

تلوث الهواء:

إن تلوث الهواء له دور أساسي في تهيج الأغشية المخاطية التنفسية، وفي الوقت نفسه خفض عتبة التفاعل مع الحساسية. الأوزون وانبعاثات المركبات على سبيل المثال تساهم عند ازدياد ارتفاع الحرارة في تفاقم الأعراض التنفسية من تهيج الأنف والحلق مع سعال وضيق بالتنفس. كما أن الملوثات الهوائية تضاعف تأثير حبوب اللقاح شراسة فتوصل الى الجهاز التنفسي حبوب اللقاح المشحونة بجزئيات التلوث، مع كل ما يعني هذا الوضع من آثار سيئة على الرئة.

نوعية الحياة للمريض والعبء البشري والاقتصادي:

حساسية «حمى القش» تعكر بشكل ملحوظ نوعية الحياة الاجتماعية عند المتحسس، فهي تقيد الأنشطة البدنية اليومية مع تغيّب عن مقاعد الدراسة أو العمل، كما تثير النعاس أثناء النهار (بسبب الاضطراب في النوم) مع قلة تركيز وإحباط نفسي.
هذا الوضع يقلل من الإنتاجية، ما ينعكس سلباً على الاقتصاد والصحة العامة، كما يفسر نسبة التكاليف العالية للفرد والمجتمع.

ماذا يمكن عمله؟
من الضروري مراجعة الاختصاصي لتشخيص نوع الحساسية وأخذ العلاج المناسب والنصائح اللازمة التي تتماشى مع وضعه المتأزم. وبالتالي اعتماد العلاج الدوائي للأعراض، والعلاج المناعي. ولكن، على المستوى العام، يجب توفير الإدارة البيئية للوقاية:
• الرقابة مع رصد نوعية الهواء ونسبة ونوع حبوب الطلع المتوفرة في الجو، كما الحال في البلدان الصناعية.
• الحد من النشاطات في الهواء الطلق عندما تكون نسبة غبار الطلع مرتفعة، وخصوصاً في الأيام الحارة والجافة مع رياح قوية.
• الحد من استخدام الوقود الفحمي والسيطرة على انبعاثات المركبات، كما الحد من استعمال السيارات الخاصة في المدن وتحسين وسائل النقل العام وتفضيل حركة المشاة.
• وضع استراتيجيات وسياسات للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتلوث الهواء.
• أخيراً، على الدولة والسلطات المعنية التشاور مع الاختصاصيين لوضع استراتيجيات إدارية وطبية مدروسة ومتكاملة للوقاية البيئية، مثلاً غرس الطرقات والساحات وتزيينها بنباتات وأشجار أقل إثارة للحساسية من غيرها.

* رئيس الجمعية اللبنانية لأمراض الحساسية والمناعة