IMLebanon

عن توريث تيمور… وغزل جنبلاط لـ”حزب الله”

taymour-joumblatt

 

كتب نبيل هيثم في “السفير”:

عندما يقرّر وليد جنبلاط أن يطلّ تلفزيونياً، فمعنى ذلك أنه حدّد مسبقاً إحداثياته، وأن هناك مجموعة أهداف يريد إصابتها ومجموعة رسائل يريد إرسالها، خاصة إذا كان يخوض مجموعة معارك في آن واحد، على ما هو الحال اليوم في اشتباكه مع وزير الداخلية نهاد المشنوق، وفي الهجوم على عبد المنعم يوسف.. وصولاً الى استهداف قائد الجيش. وبالتأكيد أن لكل معركة خلفيتها ودوافعها.

كل شيء محسوب عند جنبلاط. هو يدرك توازنات اللعبة السياسية الداخلية، ويقيسها بدقة. تحدّث عن الاستقالة من المجلس النيابي، ولكن هذا لا يعني الاستقالة من الحياة السياسية برغم خوائها وحال الفراغ الذي تعيشه، خاصة وأن لزعيم التقدمي حسابات دائمة مع هذا الواقع السياسي ولا يمكن أن يخلي فيه موقعه لأحد.

قدّم جنبلاط إطلالة مدروسة، ومحسوباً فيها حساب كل سؤال وكل كلمة. وكذلك الرسائل المباشرة أو المشفرة التي أرسلها، والأهداف الصديقة وغير الصديقة التي استهدفها.

المتتبع لما قاله جنبلاط، يخرج باستنتاج أن لا تحوّل اساسياً لديه، ولا انعطافة سياسية. الرجل على تموضعه في نقطة يدرك بدقة طبيعتها ومداها داخلياً أو على مستوى الأزمات الإقليمية.

لكن المراقبين توقفوا عند الغزل المتجدّد تجاه “حزب الله” والسيد حسن نصرالله، وأما السبب، فيردّه عارفون الى ان زعيم التقدمي لطالما أراد إخراج علاقته بالحزب من المراوحة المملة، الى ما هو افضل من التأرجح صعوداً وهبوطاً وسلباً وإيجاباً، علماً أن منسوب الهبوط كان عالياً مؤخراً بعد الهجوم الجنبلاطي على ايران، الذي اعتبره الحزب إخلالاً باتفاق سابق بينهما بعدم التعرض للجمهورية الإسلامية.

ثم ان جنبلاط قرأ انه مع فشل التسوية السياسية، بتنا امام ازمة طويلة الأمد في سوريا. ولأن لبنان مربوط بسوريا فهذا يعني ان الأزمة الرئاسية في لبنان مقفلة بدورها وطويلة الأمد.

لهذا فإن جنبلاط دخل في إعادة تموضع في مكانه مغازلاً الحزب والسيد، ليبني على ذلك لاحقاً بما يرتب العلاقة على نحو أفضل. لكن السؤال هنا عن مدى جهوزية الحزب للتقبّل، وهل هناك مرتكزات للثقة؟

ولعل أكثر العناوين جدية، كان التوريث المبكر لابنه تيمور. هناك من اعتبر حديثه عن الاستقالة من النيابة، محاولة زرع عبوة في قلب الاستحقاق البلدي عنوانها الانتخابات الفرعية التي يفترض أن تتم بعد الاستقالة في الشوف لملء مقعده الآيل حكماً الى ابنه تيمور، وبالتزكية، إلا إذا فكر احد ما في التشويش، لمجرّد التشويش.

المنطق الجنبلاطي يمقت القائلين إنه “يتكتك”، فتوريث تيمور نضج فعلاً في عقل جنبلاط، فضلاً عن أن تيمور صار جاهزاً لتسلم زمام الامور، نيابياً وشعبياً، ولكن جنبلاط الأب سيبقى “المرشد الروحي والسياسي” للحزب ولكتلته البرلمانية.

والأكيد ان الغزل للحزب اضافة الى التوريث، لا ينفصلان عن الهاجس البلدي الذي يقال إنه يؤرق جنبلاط كون “الانتخابات البلدية مصيبة وحلت بنا”. الصورة البلدية، بالمنظار الجنبلاطي، تقول إن جميع الاطراف السياسية متضررة من الانتخابات البلدية، وكلهم ذاهبون اليها مكرهين: “حزب الله” مشغول في سوريا، والانتخابات البلدية ارباك له، وحركة “أمل” لا تريد ان تفتح جروحاً في القرى. سعد الحريري لا يريد الانتخابات لاعتبارات لها علاقة بالإنفاق من جهة، وبقوة الخصوم في البيت السني وما قد يصيبه من هزائم قاسية من جهة ثانية.

وأما المشهد الجنبلاطي البلدي، فلا يعكس ما يُرضي زعيم التقدمي، هناك مشكلة مسيحية مقلقة، وهناك “جبهة” قد يكون صعباً اختراقها لإبقاء ما هو قائم حالياً على المستوى البلدي (المسيحي) من الدامور الى الشوف صعوداً، فعاليه وغيرها، في ظل ثنائية “القوات اللبنانية” و “التيار الوطني الحر”، والمزعج له أن تلك الجبهة يتكتل فيها الخصوم وكذلك من يفترض أنهم أصدقاؤه في “14 آذار”!

مرجع سياسي لا يوافق جنبلاط قلقه البلدي ـ المسيحي، ويقول: هناك قوى مسيحية “غشت نفسها” فاعتبرت انها ستحقق انتصارات مع الثنائية العونية ـ القواتية، وسيجعلها هذا الربح صاحبة الكلمة العليا في الاستحقاق الرئاسي تحت شعار “نحن الاكثرية المسيحية ونحن هم الممثلون الحقيقيون ولن نقبل أن يفرض المسلمون علينا رئيسنا المسيحي”.

ولكن، والكلام للمرجع السياسي، سرعان ما اكتشف هؤلاء على الأرض أن حسابات الحقل غير حسابات البيدر.. فالثنائية العونية ـ القواتية لا تستطيع أن تحسم في الكثير من المناطق.