IMLebanon

“نمور آسيا” تنافس على حساب الصين

ChinaAsean2

هاري جي برودمان

أدرك المستثمرون أن دولاً أخرى في شرق آسيا تتحول إلى وجهات جاذبة للاستثمار، بما يجعلها بديلاً عن الصين في بعض القطاعات. وقد ظهرت بوادر هذا التحول منذ أعوام عدة، أي قبل ظهور مشكلات الاقتصاد الصيني.

فيما يتزايد الاهتمام برابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، التي تأسست عام 1967. وتتألف اليوم من 10 دول هي: كمبوديا ولاوس وماليزيا وسنغافورة وبروناي وميانمار واندونيسيا والفلبين وتايلاند وفيتنام. ويسعى هذا الائتلاف الاقتصادي إلى تأسيس سوق متكاملة تضم قاعدة من المستهلكين بما يوازي نصف سكان الصين. والأهم أن إجمالي الاستثمار الأجنبي السنوي المباشر المتدفق إليها عام 2013 فاق نظيره في الصين.

وحالياً، تأتي قوة “آسيان” الاقتصادية من 5 نمور جنوب شرق آسيوية هي: اندونيسيا وماليزيا والفلبين وتايلاند وفيتنام، ويطلق عليهم أيضا اسم “آسيان 5”. واليوم، تلمع هذه الدول في سماء الأسواق الناشئة على مستوى العالم، بعد عدد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية طوال العقد الماضي.

وعلى الصعيد نفسه، يتوقع صندوق النقد الدولي استمرار متوسط الناتج المحلي الإجمالي لدول “آسيان 5” بالارتفاع خلال هذا العام، ليفوق مثيله في جميع الأسواق الناشئة بمعدل 4.8%. كذلك نمو دول “آسيان 5” عام 2017 بنسبة 5.1% مقارنة بنسبة نمو تبلغ 4.6% للأسواق الناشئة الأخرى.

والعامل الذي يعد أكثر أهمية مما سبق ذكره، هو انخفاض تكاليف الأيدي العاملة في دول جنوب شرق آسيا مقارنة بما هي عليه في الصين. فمتوسط معدل الأجر الشهري في الصين 600 دولار، بينما يقارب 400 دولار في تايلاند، وهو الأعلى في دول المجموعة الآسيوية. بالإضافة إلى الميزة التنافسية لتكاليف الأيدي العاملة المنخفضة في تلك الدول، تسهل السياسات المرنة عمل المجتمعات الصناعية، وتشجع الشركات متعددة الجنسيات على النظر إلى جنوب شرق آسيا بوصفه مركزاً إقليمياً وعالمياً للاستثمار والإنتاج والتجارة.

كما شهدت دول “آسيان 5” تقدماً مستمراً في محو الأمية، فمعدل من يتقنون القراءة والكتابة في الوقت الراهن يفوق 95% من مجموع البالغين، لا سيما تايلاند التي تتفوق على الصين في هذا المجال أيضاً.

من ناحية أخرى، تسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج في الصين إلى انتقال زخم التصنيع والإنتاج إلى دول المجموعة الآسيوية. ففي عام 2014، بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الصين كحصة من الناتج المحلي الإجمالي، نحو 11%، في حين بلغت في دول آسيان 5 نحو 38%، وهذا يدل على مدى ثقة المستثمرين بمستقبل هذه المجموعة مقارنة بالصين.

لكن ينبغي القول إن الأسواق الناشئة ما زالت تواجه تحديات جسيمة، يفرضها عليها الواقع. فالفساد والرشوة وضعف الحاكمية على سبيل المثال، ما تزال عوامل مؤثرة على المدى الطويل، لإفشال خطط التنمية الشاملة في هذه البلدان.