IMLebanon

إيطاليا تركب موجة السندات لأجل 50 عاما طلبا للنجاة

ItalyEcon
إيلين مور

على الرغم من أن إيطاليا تعاني واحدا من أكبر أعباء الديون في العالم، بنسبة تعادل 133 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وتعقيدات قطاع مصرفي تعمل مشكلاته على إثارة المخاوف في جميع أنحاء أوروبا، إلا أنها تفكر في عملية بيع لسندات يعتبر تاريخ استحقاقها هو الأطول حتى الآن.

وفي حين إن الحجة الداعية إلى أن يدخل المستثمرون في هذا النوع من السندات التي يبلغ أجلها 50 عاما هي حجة معقدة، إلا أنها بالنسبة إلى روما تعتبر أمرا منطقيا. لأن “تمديد آجال السندات” الديون واستبدال السندات ذات الأجل القصير بسندات أطول أجلا سيخفف مسار إعادة التمويل في المستقبل.

هذا النهج أخذ يكتسب الشيوع في أوروبا، حيث تكاليف خدمة السندات هي الآن قريبة من أدنى مستوياتها القياسية. وعملت إسبانيا وفرنسا وبلجيكا على بيع 2066 من السندات هذا العام، وعملت موجة من المبيعات الأطول أجلا على دفع متوسط تواريخ استحقاق السندات الحكومية لمنطقة اليورو لتعود إلى مستويات ما قبل الأزمة، عند نحو 6.6 سنة.

بالنسبة إلى شخص متفائل، ربما يبدو هذا كأنه دلالة على الثقة من جانب المستثمرين. خلال فترة أزمة الديون السيادية، كان حاملو السندات يفضلون الإصدارات الأقصر أجلا لأنهم يشعرون بالقلق من أن السندات ذات الآجال الأطول معرضة إلى قدر أكبر من الخطر بعدم التسديد.

مع ذلك، يشير الاتجاه أيضا إلى أن المستثمرين في أوروبا يتطلعون إلى الوصول إلى أسعار فائدة أعلى مقابل خطر الانكماش ذي الطراز الياباني وفي الوقت الذي تكون فيه عائدات نحو ثلاثة تريليونات يورو من السندات الحكومية أقل من الصفر.

يقول كيت جاكز، مختص الاستراتيجية العالمية في بنك سوسييتيه جنرال، “كل ما يتطلع إليه المستثمرون هو العائدات. مع وصول أسعار الفائدة الحقيقية إلى مستويات متدنية للغاية ومع برنامج التسهيل الكمي، بإمكان مستثمري الدخل الثابت الذين يحتاجون إلى العائدات اختيار الأسواق الناشئة أو السندات ذات العائدات المرتفعة، أو سندات منطقة اليورو طويلة الأجل.

إذا كنت لا تشعر بالقلق إزاء عودة التضخم مرة أخرى إلى أوروبا في أي وقت قريب، فلِم لا تقوم بشراء سندات لأجل 50 عاما”؟

على الرغم من سياسات التسهيل النقدي النشطة، انخفضت تقديرات توقعات التضخم لمنطقة اليورو لتصل إلى 0.2 في المائة هذا العام، وهي نسبة تبعد كثيرا عن النسبة المستهدفة القريبة من 2 في المائة الخاصة بالبنك المركزي الأوروبي. عملت هذه الآفاق المتغيرة بدورها على خفض تكاليف الاقتراض في أوروبا، ما أدى إلى أن تكون عائدات السندات الإيطالية لأجل 30 عاما هي 2.65 في المائة فقط.

السؤال هو ما الذي سيعتبره المستثمرون قيمة عادلة على مدى 50 عاما؟ فهذا تاريخ استحقاق يقع خارج طيف عملية شراء السندات لدى البنك المركزي الأوروبي وينطوي على اتخاذ رهان أطول أجلا على مخاطر السندات الحكومية وتحركات أسعار الفائدة.

يقول دارين روان، مختص أول لاستراتيجية السندات في إنفستك لإدارة الأصول، “سيبحث المستثمرون عن سندات أخرى لأجل 50 عاما من أجل التوصل إلى إجابة لهذا السؤال”.

يتم تداول السندات الصادرة من قبل إسبانيا، وهي بلد أوروبي جنوبي يعاني مشكلات السندات الخاصة به، بنحو 15 نقطة أساس أعلى من السندات الإيطالية في آجال استحقاق تبلغ 30 عاما. إذا حذت السندات لأجل 50 عاما حذوها، فربما يتوقع أن تقيِم إيطاليا سعر السندات بنسبة 3.2 في المائة.

كما يقول روان “إنه عند تلك العائدات، ستعثر إيطاليا بسهولة على المشترين”. ويقول “إذا كنت تعتقد أن العائدات أمامها مجال أكبر للانخفاض، فحينها ستكون الطريقة للحصول على أقصى استفادة من هذا الوضع هي في شراء السندات الأوروبية الأطول أجلا. حيث إن السندات ذات المدة الزمنية الأكبر سترتفع بأكبر قدر ممكن من حيث الأسعار”.

يشير رالف برويسر، رئيس بحوث الأسعار في بنك أمريكا ميريل لينتش، إلى أن البنك المركزي الأوروبي يظهر وكأنه يشتري كميات أكبر من السندات طويلة الأجل في الوقت الذي تتراجع فيه كميات السندات الأقصر أجلا التي تنطبق عليها شروطه للشراء – ما يمكن أن يعني أنه ستكون هنالك عائدات أفضل على الطرف الآخر من المنحنى.

فإذا أضفنا إلى ذلك حقيقة أن البنك المركزي الأوروبي كان يشتري سندات ذات استحقاق طويل الأجل في البلدان الطرفية بدلا من شرائها في “البلدان الأساسية” – حيث إن متوسط تاريخ الاستحقاق المرجح هو 9.27 عام في إيطاليا مقارنة بـ 8.2 في ألمانيا – عندها تبدأ السندات الإيطالية الأطول أجلا في أن تصبح أكثر جاذبية.

بالنسبة إلى المستثمرين الذين اشتروا سندات أطول أجلا هذا العام، فقد فازوا في رهانهم منذ الآن، وإن كان مع بعض التقلبات. فالسندات التي باعتها فرنسا لأجل 50 عاما في الثاني عشر من نيسان (أبريل) الماضي، بقيمة 94 سنتا في اليورو لتعكس سعر فائدة نسبته 1.75 في المائة، يجري تداولها حاليا بقيمة 97 سنتا، على الرغم من أن سعرها انخفض إلى 91 سنتا في منتصف شهر نيسان (أبريل) الماضي.

وهذا يوضح أحد المخاطر الرئيسية المتعلقة بشراء السندات الطويلة جدا: التحركات الصغيرة في العائدات يغلب عليها أن تتسبب في تحركات كبيرة في الأسعار، ما يعني أن احتمالية تحقيق مكاسب أو خسائر يمكن أن يكون أكبر من الوضع الطبيعي.

بالنسبة إلى المستثمرين في إيطاليا، هنالك أيضا التساؤل المتعلق بمخاطر الائتمان. وفي حين إن برنامج التسهيل الكمي الخاص بالبنك المركزي الأوروبي ساعد على حماية تكاليف الاقتراض في إيطاليا، يصر بعض مختصي الاقتصاد على أن حجم ديونها لا يزال يمثل مشكلة بالنسبة إليها.

أمضى أشوكا مودي، الأستاذ الزائر في جامعة برنستون، السنوات القليلة الماضية وهو يلفت الانتباه إلى واقع الديون في إيطاليا.

ويقول “إن حقيقة أن الأسواق لا تسجل كثيرا من القلق المتعلق بالجدارة الائتمانية الخاصة بإيطاليا لا يعني أنها ليست مشكلة. ذلك أن المشكلة الحقيقية ليست الدين إنما هي النمو”.

“وقد عمل الناس على تعديل توقعاتهم بشكل حاد جدا إلى درجة أنهم سيشعرون بالسعادة إذا أظهرت إيطاليا أقل نسبة من النمو، لكن النمو آخذ في الانخفاض. أعتقد أن إيطاليا يمكن أن تصبح خط الصدع بالنسبة إلى أوروبا” حسبما ختم حديثه.