IMLebanon

على طاولة ريفي (بقلم هيثم الطبش)

ashraf-rifi

 

كتب هيثم الطبش:

 

عندما تقرأ خبراً مفاده أن الرئيس سعد الحريري طلب من السفير السعودي علي عواض عسيري سحب الدعوة التي وجهها إلى وزير العدل اللواء أشرف ريفي لحضور حفلة عشاء يقيمها، تتبادر إلى الذهن صورتان على طرفي نقيض. الأولى صورة الوجه المتجهم والعبوس الذي استقبل به الحريري الرئيس نجيب ميقاتي في اللقاء البروتوكولي حين تسلم رئاسة الحكومة، وفي الثانية لقاء الرجلين قبل أيام في دارة الرئيس تمام سلام لتركيب التفاهم على الانتخابات البلدية في طرابلس.

ما بين الصورتين تباعد زمني لم يخلُ من موامقف “مستقبلية” اعتبرت ميقاتي خائناً ومنقلباً على الزعامة لصالح “حزب الله”، لكن هذه الفترة الزمنية ذاتها شهدت تطورات متناقضة أيضاً صبّت كلها في مصلحة ميقاتي الذي وسّع قاعدته في طرابلس وعزز كل عوامل الثقة بينه وبين جمهوره ليصبح الرقم الصعب الذي لا يمكن تخطيه في أي معادلة. في الوقت ذاته كان “تيار المستقبل” يتراجع باستمرار لأسباب مختلفة قللت من وهجه ومن حضوره في عاصمة الشمال ليجد الحريري نفسه في نهاية المطاف وعند أول استحقاق شعبي، مضطراً للجلوس مع ميقاتي على طاولة واحدة من ضمن منطق التسوية والابتعاد عن المعركة، التي يعرف جيداً أنه لو خاضها فستكون خاسرة حتماً.

وحسناً فعل الرئيس الحريري، وربما من حيث لا يدري، بأن مشى في التفاهم لتمتين ركن من البيت السني الذي باتت الشقوق تنخره من كل جدار. لكن ألم يكن حرياً بالحريري أيضاً الحرص على ترميم العلاقة بأشرف ريفي للهدف ذاته بدل البحث عن فرصة للإتيان بفعل لا يقدم ولا يؤخر.

إن تغيب الوزير ريفي عن عشاء بروتوكولي لن يُنقص من قيمته شيئاً عند المملكة وقيادتها، على عكس ما حاول المسرّبون لجريدة “الأخبار” الإيحاء، فإذا كانت العلاقات تقاس بالصور يُشار مثلاً إلى أن الرئيس الحريري لم يحضر في اللقاءات الأخيرة التي أجرتها شخصيات لبنانية في السعودية ولم تلتقط له صور فيها، وأغلب الظن أن هذا التصرف لن يزيد في رصيد زعيم “تيار المستقبل” شيئاً لا في الرياض ولا في بيروت ولا في طرابلس.

فهل يليق بموقع الرئيس الحريري فعلاً وبزعامته أن يطلب من سفير إستبعاد شخصية من حفلة؟ وهل من اللائق أصولاً أن يتصل بوزير خارجية المملكة للضغط بهذا الاتجاه؟ ألا يجدر بمن يُفترض أنه الزعيم السني أن يكون حاضناً للجميع، تماماً كما هو توجه السفارة السعودية؟

في اللحظة التي اغتيل فيها مصطفى بدر الدين، كان الوزير ريفي حاضراً عند ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري يؤدي واجبه الوطني إنطلاقاً من وفائه لرجل بحجم الوطن، وكان المبادر في الحرص على إبداء الاستعداد مع المحكمة الدولية في حال طلبت أدلة على مقتل المتهم الأبرز في اغتيال الشهيد. في المقابل ثمة من يحاور “حزب الله” الذي لا يفوّت مناسبة إلا ويشتم فيها السعودية، اليت تخوض حرباً علنية مع الحزب … المشهد غريب جداً.

أن تكون زعيماً يفرض أن يتسع صدرك للجميع، وإن اختلفت معهم، بهذا المنطق تدار الأمور لا بارتجال المواقف التي تعزز الشقاق بين أبناء الصف الواحد. الدوائر السعودية أخبرت الرئيس سعد الحريري أن ما يفعله لا يصب في مصلحته… سيمر متسع من الزمن مجدداً والأكيد أن ما حدث بين الرئيسين الحريري وميقاتي وانتهى لمصلحة الأخير وبشروطه، سيتكرر، وسيجد الحريري نفسه على طاولة الوزير ريفي.