IMLebanon

الإنتخابات تفضح عورات “التيار”!

tayyar

أشارت الوكالة “المركزية” إلى أنّ إستحقاق الانتخابات البلدية الذي كان “التيار الوطني الحر” من أشدّ المتحمسين لاجرائه في موعده المحدّد، ظهّر إلى العلن مشكلات عونية كبيرة، وخلافات بين اعضائه رفعت منسوب المخاوف على استمرارية التيار ومستقبله، على وقع تفلت شعبي لم تسلم منه القيادات “البرتقالية”. ذلك أنّ أيّ جولة بلدية حتى الآن لم تخل من إشكالات عونية، شملت الكوادر كما النواب، يبقى أبرزها ما جرى الأحد الفائت في جزين حيث نامت المدينة على خليل حرفوش رئيساً لبلديتها، مدعوماً من “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، واستفاقت على غيره، فيما كان التيار يحتفل بنصر نيابي غال حققه النائب المنتخب الوحيد في برلمان التمديدين أمل أبو زيد الذي رشحه التيار لخلافة نائبه الراحل ميشال الحلو.

وفيما أنتج المشهد الانتخابي الجزيني نتائج مفاجئة جعلت البعض يتحدث عن “تيار داخل التيار العوني، أوضحت مصادر في التيار لـ”المركزية” أنّ “ما جرى في جزين أمر عائلي بحت. ذلك أنّ آل الحلو عائلة كبيرة كان النائب الراحل ميشال الحلو يمثلهم في الندوة النيابية، وأرادوا أن يكون لهم مرشح في الانتخابات الفرعية أيضاً. وعندما رشح التيار النائب المنتخب أمل أبو زيد، طالب آل الحلو بمقعد رئيس بلدية جزين الذي رشح العماد ميشال عون خليل حرفوش لملئه مجددا. أمام هذا التطور، كان لهم مرشحون على اللائحتين المتنافستين في الانتخابات البلدية في جزين، وعمدوا إلى تشطيب حرفوش. كل هذا يدفع إلى القول إنّ المشكلة عائلية أكثر من كونها حزبية”.

وأشارت المصادر نفسها إلى أنّ “احتمال الطعن بنتائج الانتخابات وارد لأنّ فارق الأصوات ضئيل جداً وهناك أوراق ملغاة، وإن أعيد احتسابها، يفوز حرفوش، مشددة على أن كل ما حكي عن خلافات داخل البيت العوني الواحد لا يعدو كونه تحليلات صحافية، في ظل غياب المعلومات. النائب زياد أسود كان داعما للائحة حرفوش، علما ان هناك مشكلة شخصية بين النائبين ميشال الحلو وزياد أسود، لكن لا علاقة لهذا الأمر بما جرى أمس، بل بتمثيل آل الحلو”.

وعن الاشكالات داخل التيار التي ما انفكت ترافق الجولات البلدية منذ انطلاق الانتخابات، ذكّرت “أننا تيار موجود على مساحة لبنان من حاصبيا إلى عكار، وهذا قد ينتج إشكالات بسيطة. وذلك يعود إلى أسباب عدة قد يكون أبرزها أنّ التيار يمر اليوم بمرحلة جديدة من التنظيم الداخلي، من دون أن ننسى مشكلة توقيت الانتخابات. ذلك أنّ ساعة الاستحقاق دقت فيما التيار الوطني الحر كان يشهدد تحولا تنظيميا كبيرا. فبعدما كان التيار العوني يتعاطى مع الانتخابات بشكل لامركزي، ها هو ينتقل اليوم إلى مرحلة مختلفة تماما يعتمد فيها أسلوبا مركزيا صرفا، واعتياد الطريقة الجديدة يستلزم وقتا لم تمهلنا أياه الانتخابات البلدية والاختيارية”.

وعن سبب بروز الخلافات العونية في عهد رئيس التيار الجديد جبران باسيل، شدّدت المصادر على أنّ “باسيل لم يتعاط في الاستحقاق البلدي، وهو فضّل عدم التدخل لأنّ الحزب ليس جاهزا لمقاربة الملف من زاوية مركزية. من هنا، يمكن القول إن التيار يعاني مشكلات، لكن ليس على مستوى التموضع السياسي. وقد تكون كل هذه العقبات ظهرت إلى العلن بسبب الطابع العائلي والمحلي للانتخابات البلدية التي يتداخل فيها عدد من العوامل، بدليل أن المشكلة في جزين لم تكن متعلقة بالفرعية النيابية، بل بالاستحقاق البلدي”.

أمام هذا المشهد العوني الملبد، تذهب مصادر سياسية عبر “المركزية” إلى حدّ القول إنّ “كل الأحزاب اللبنانية تعاني إشكالية كبرى، لا التيار وحده. ذلك أنّ الانتخابات البلدية تتمتع بخصوصية معينة. وهي تفترض أن تكون الأحزاب جاهزة لها، أو أن تترك حرية الخيار للناس. وهنا التيار الوطني الحر يبدو غير قادر على أن يعمل لها بشكل جيد. إضافة إلى أنّ قيادة التيار الجديدة لا تأخذ في الاعتبار ما يجري حولها، والاعتراضات الكبيرة التي سجلت في كل المناطق اللبنانية على النهج الجديد، وظهّرتها إلى العلن الانتخابات البلدية، خصوصاً في غياب المحاسبة والالتزام الحزبي الصحيح وخطة العمل اللازمة”.

وأكدت أنّ “ما يجري اليوم على الساحة الانتخابية يفترض مراجعة جدية، خصوصاً وأنّ القيادة غائبة عن الانتخابات البلدية. وما نراه اليوم من مشكلات قد يعود إلى أنّ الوزير باسيل لا يتعاطى مع القاعدة الحزبية بشكل صحيح”.

وتعليقاً على التفلت الشعبي العوني من قبضة الحزب، أشارت إلى أنّ كل الأحزاب مهزومة، لكنّ المشكلات تظهر عند القوى المسيحية لأنّ هامش الحرية أوسع من الطوائف الأخرى. إلا أنّ هذه الأخيرة عانت أيضاً من مشكلات، يبقى أبرزها لدى تيار المستقبل والثنائي أمل ـ حزب الله، والقوات والاشتراكي. وهذا دليل على أنّ القيادات لا تستوعب القواعد الشعبية، ما انعكس تفلتاً حزبياً كبيراً. كل هذا من دون أن ننسى التحالفات الغريبة العجيبة. ففي بيروت مثلاً، منذ تسعينات القرن الماضي، كان التيار العوني رأس حربة ضدّ النظام الانتخابي الذي أثبت فشله، وضدّ سياسة تيار المستقبل. وتالياً، لا يمكنه أن يطلب من الناس، بين ليلة وضحاها التصويت لصالح لائحة لا تقنعهم لمجرد أنّه انضم إليها”.