IMLebanon

مؤشر تجارة التجزئة للفصل الأول من 2016: تسارع في التراجع

shopping
لم تكن بداية العام الحالي بالنسبة الى تجارة التجزئة بأفضل حال مما كانت عليه في الفصول أو حتى السنوات السابقة، وبات تراجع حجم أرقام الأعمال في طليعة إهتمامات كافة تجار التجزئة، إنها بداية سنة لا تبشر بأي خير …. والأرقام بتراجع مستمر، هذه الصورة نقلها “مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة” للفصل الأول من سنة 2016 (Q1 – 2016).

وأبرز ما جاء فيه: “بعد موسم أعياد ونهاية سنة لم تحقق الامال المعقودة عليها، جاء الفصل الأول لسنة 2016 ليكرّر مشهد الفصل الأول للسنة السابقة، وعليه لم تبرز بوادر إنتعاش في المدى المنظور، لا بل ما شهدته أسواق التجارة بالتجزئة في معظم قطاعاتها خلال هذا الفصل هو تزايد ملحوظ للضغوط الإنكماشية في سياق إستمرار الهبوط في القوة الشرائية للأسر اللبنانية واستمرار غياب الزوار العرب – لا سيما الخليجيين منهم، واستمرار عدم إنتظام عمل المؤسسات وانحسار الرؤية الى حلول قربية على الساحة السياسية – وأبرزها طبعاً إنتخاب رئيساً للجمهورية، الأمر الذي فاقم التراجع في الإستهلاك.

والجدير بالذكر أن هذا التراجع ما زال يتزامن مع إنخفاض متواصل في مؤشر غلاء المعيشة، أي أن تراجع الأسعار في غالبية القطاعات ما زال مستمراً منذ ما يناهز السنة ونصف السنة – وفقاً للأرقام الرسمية التى تصدرها إدارة الإحصاء المركزي شهرياً.

وبغضّ النظر عن العوامل الموسمية، فإن مقارنة أرقام أعمال الفصل الأول لسنة 2016 مع أرقام أعمال سنة 2015 تشير الى تسارع في تدني الحركة، بعدما كانت الأخيرة قد إنخفضت هي أيضاً عن مستوياتها في السنة السابقة (- 5.05 % عن مستوى الفصل الأول لسنة 2014 بدون قطاع المحروقات)، وبقي وضع المعطيات الإقتصادية متشابهاً، من حيث تزامن تراجع مؤشر غلاء المعيشة من جهة وإستمرار الإنكماش التجاري من جهة أخرى.

إن ترجمة تلك المؤشرات السلبية كانت واضحة وأثرها على العجلة الإقتصادية مؤثراً. وعلى سبيل المثال لا الحصر، تشير أرقام كفالات الى أنّ القروض التي تغطيها المؤسسة سنوياً سجلت تراجعاً كبيراً، كما أنّ حجم القروض التي تستفيد من الفوائد المدعومة قد تراجع، وأيضاً حجم الشيكات والإيرادات الضريبية مثل الضريبة على القيمة المضافة (TVA) إلخ… وكل ذلك خير دليل على أن العوامل المكبلة ما زالت تضغط على الأسواق، وأن الآلية الإقتصادية الصرفة ما زالت معطلة، وبأن الإقتصاد بات بحاجة الى صدمة إيجابية استباقية وفعالة، من شانها أن تعيد بعضاً من الدينامكية الى الإستهلاك.

ولعلّ هكذا صدمة باتت ملحة ليس فقط لإنقاذ ما تبقى من البنية الإقتصادية اللبنانية، إنما أيضاً لتخفيف وطأة الضغوطات التى يواجهها معظم التجار للحفاظ على استمرارية مؤسساتهم.

ومن جهة أخرى، لا بد للدولة أن تتخذ كافة الاجراءات والتدابير الكافية للحد من إزدياد البطالة في اليد العاملة اللبنانية (التى تخطت عتبة ال 25% وفقاً للإحصاءات الرسمية، وبالأخصّ في فئات الشباب). إن كل ما نشهده هو إذاً تضافر، بنسب متفاوتة، للعوامل الجيويبوليتيكية بكافة مكوناتها السياسية والامنية والاقتصادية والبشرية المتشنجة واستمرار الفراغ في موقع الرئاسة الاولى وشبه الشلل في المؤسسات على أنواعها.

مؤشر غلاء المعيشة : كما بات مألوفاً، واصل مؤشر غلاء المعيشة تراجعه، للفصل السادس على التوالي، حيث إنخفض بنسبة – 1.15 % من فصل الى فصل (Q4 – 2015 to Q1 – 2016) بعد أن كان ضئيلاً في الفصل السابق له ( – 0.16 %)، كما زاد الإنخفاض من فصل بالمقارنة مع نفس الفصل من السنة السابقة (Q1 – 2015 to Q1 – 2016)حيث بلغ مستوى – 3.57 %.

الأول من سنة 2016 بالمقارنة مع الفصل الرابع من سنة 2015

وتزامناً مع هذا الإنخفاض في مؤشر غلاء المعيشة المتواصل، ظلت أسواق تجارة التجزئة تشهد تزايداً من الإنخفاض في أرقام أعمالها، بعد أن بلغ الإنخفاض الإسمي المجمع لتلك الأرقام خلال الفصل الأول لسنة 2016 تراجعاً بالمقارنة مع مثيلاتها في الفصل الأول لسنة 2015 بلغت نسبته – 7.14 % إذا ما إستثنينا الزيادة في مبيعات الوقود (من حيث الكمية).

أما الأرقام الحقيقية المجمّعة بعد تطبيق مؤشر غلاء المعيشة السلبي لهذه الفترة، فقد بلغ إنخفاضها نسبة – 3.82 %.

بالطبع، لا تعكس الأرقام المجمعة واقع كل قطاع على حدة … وفي حين أن العدد الأكبر من القطاعات شهد إنخفاضات بنسب متفاوتة في أرقام أعمالها، لا يزال عدد قليل منها يحافظ على مستويات مبيعاته أو حتى يسجل بعض التحسن، كما هو مبيّن أدناه.

ومن أهم القطاعات التى شهدت تدنياً في أرقام الأعمال الحقيقية (أي المُثقلة بمؤشر غلاء المعيشة) بالمقارنة مع مستويات الفصل الأول لسنة 2015 :

 اللعب والألعاب (- 29.98%)

 الأجهزة الطبية (- 21.16%)

 الأحذية والسلع الجلدية (- 18.38%)

 الأثاث والمفروشات (- 14.79%)

 السلع الصيدلانية (- 12.55%)

 الساعات والمجوهرات (- 9.73%)

 الأجهزة المنزلية الكهربائية (- 8.77%)

 المجمعات التجارية (- 7.00%)

 العطور ومستحضرات التجميل (- 6.60%)

 المشروبات الروحية (- 4.59%)

 السلع الرياضية وأدوات التسلية (- 2.86%)

 منتجات التبغ (- 1.16%)

 مواد البناء (- 1.13 %)

إن هذه اللائحة هي خير دليل على أن المستهلك قد أعاد النظر فعلياً في أوليات انفاقه الاستهلاكي، وحصر الطلب الى حد كبير على السلع الاساسية المعيشية على حساب سلع الترفيه الشخصي والمنزلي.

في السياق ذاته، يتبين أن هنالك بعض التماسك في القطاعات مثل الملابس (+ 0.04 %)، والسلع الحياتية التي تسجل تحسناً نسبياً، في أرقام أعمالها بالمقارنة مع نفس الفصل من السنة الماضية، ومن بينها :

 السوبرماركت والمواد الغذائية (+ 2.80 %)

 الكتب، والصحف والمجلات، والأدوات المكتبية والقرطاسية (+ 3.41 %)

 أجهزة الهاتف الخليوية وقطع الغيار العائدة لها (+ 4.00 % مع طرح جيل جديد للهواتف الذكية في أوائل السنة).

أما المطاعم والسناك بار، كما منتجات المخابز، فقد شهدت زيادة مؤثرة نسبياً (+ 8.39 % و + 9.15 % على التوالي).

اذ تشير الأرقام السابقة الى تراجع في الاداء، عن مستوياتها في الفترة عينها من السنة السابقة، جاء أداء الأسواق في الفصل الأول لسنة 2016 ليعكس إضافة الى هذا التراجع، تراجعاً عن مستويات الفصل الأخير لسنة 2015، مما يدل على تجاوز الإعتبارات الموسمية التى عادة ما تؤخذ بعين الإعتبار لهذه الفترة.

ومن أهم تلك الأرقام، نلحظ التراجع الحقيقي في أرقام أعمال السوبرماركت والمواد الغذائية الذى بلغ – 13.56 %، وفي المخابز والحلويات (- 11.86 %). كذلك قطاعات المشروبات الروحية (- 38.87 %) واللعب والألعاب (- 37.67 %) والساعات والمجوهرات (- 33 %)، قطاعات الأجهزة المنزلية الكهربائية (- 22.70 %) والعطور ومستحضرات التجميل (- 13.88 %) والمكتبات (- 14.33 %)، والمطاعم والسناك بار (- 11.52 %).

نتيجة لكل ما سبق، وبعد الإشارة الى أن المؤشر الأساس (100) الذى قد تم تبنيه هو للفصل الرابع لسنة 2011، وأن تضخم الأسعار خلال الفصل الأول من سنة 2016، وفقاً لإدارة الإحصاء المركزي، بلغ – 1.15%، نعلن عن أن “مؤشر جمعية تجار بيروت- فرنسَبنك لتجارة التجزئة” هو: 49.15 للفصل الأول من سنة 2016.

في النهاية، لا يسعنا إلا أن ننوّه بأنها المرّة الأولى التى نرى فيها مؤشر تجارة التجزئة يهبط تحت مستوى 50 %.

إن ذلك الرقم هو بمثابة منبه نأمل بأن ينعكس توجهه في أقرب فرصة، مع تغير جذري في المعطيات التى، كما شهدنا من قبل – وبتحسن بسيط، لها التأثير الكبير على إنعاش الحركة وإستعادة العافية.

لذا، إن المبادرة بإعطاء صدمة إيجابية للأسواق وللإستهلاك تبدو ملحة في هذا التوقيت، لعلها تساهم في الحدّ من الضغوط التى يواجهها التجار وفي السعي إلى إعادة أنعاش أسواقنا”.