IMLebanon

نقل السد من جنة إلى أفقا

jennah-bu
عزة الحاج حسن

رُحّل ملف سد جنه الى جلسة مجلس الوزراء المقبلة ويبدو أنه سيُرحل في الأيام المقبلة الى أبعد من ذلك، إذ من المتوقع أن يدخل عنصر جديد إلى القضية، قد يؤدي إلى صرف الأنظار عن السد كلياً (بالنسبة إلى معارضيه على الأقل). فوزير البيئة محمد المشنوق وفق معلومات “المدن” يعمد إلى إعادة الملف إلى طاولة البحث التقني والبيئي وسحبه من دائرة التجاذب السياسي في محاولة لتوجيه البحث إلى مشروع سد نبع أفقا.

وعلمت “المدن” من مصدر مطلع بإجراء الوزير المشنوق اتصالاً بالخبير الهيدروجيولوجي فتحي شاتيلا، وهو صاحب اقتراح “إقامة سد عند نبع أفقا كبديل عن سد جنة يهدف إلى تأمين مياه الشرب والري لمناطق كسروان والبترون وجبيل”، الذي نشرته “المدن” في وقت سابق، مستوضحاً منه إمكان نجاح المشروع وملائمته للظروف البيئية.

ووفق المصدر فإن وزارة البيئة أبدت اهتمامها بفكرة مشروع إقامة سد عند نبع أفقا، وتعتزم طرحه عبر الوزير المشنوق في جلسة مجلس الوزراء المقبلة، بعد عرض الفكرة على أختصاصيين هيدروجيولوجيين وبيئيين للأخذ برأيهم قبل طرح المشروع رسمياً، ويتوقع المصدر أن ينال مشروع سد أفقا ترحيب الخبراء أكثر من سد جنة الذي تشكّل “انتهاكاته” للبيئة أبرز الإعتراضات عليه.

ولمزيد من المعلومات عن سد أفقا، يوضح شاتيلا لـ”المدن” أن اقتراح إقامة سد عند نبع أفقا يهدف إلى تخزين مياه النبع خلال فترة الغزارة في جوف الأرض، “ويمكن تحقيق هذا الهدف بإقامة سد عند فوهة مغارة نبع أفقا لمنع تدفق المياه وتخزينها داخل الكهوف والشقوق والفجوات المنتشرة في الطبقات الجيولوجية المغذية للنبع”.

ويشرح شاتيلا الوضع الهيدرولوجي لسد أفقا وفق دراسة أولية للمشروع فيقول: يقع نبع أفقا على المنسوب 1140 متراً فوق سطح البحر، وتبلغ مساحة حوض النبع 150 كيلومتراً مربعاً، وتقدر كمية مياه الأمطار والثلوج التي تتساقط 1800 ملم سنوياً، يتسرب نصفها إلى جوف الأرض لتغذي نبع أفقا بمعدل 135 مليون متر مكعب سنوياً، أما النصف الثاني فيضيع معظمه بسبب تبخر المياه باستثناء جزء ضئيل يجري على سطح الأرض، ويتدنى تصريف النبع خلال سنوات الشح (قليلة المطر) ليصل إلى 77 مليون متر مكعب، كما في عامي 1971-1972.

أما الوضع الجيولوجي وفق الدراسة، فيتغذى نبع أفقا من الطبقات الكلسية العائدة للعصر الطبشوري الأوسط (Cenomanian) التي تغطي جبال لبنان، والتي تزيد سماكتها عن 800 متر، وهي متشققة جداً وتحوي العديد من الكهوف والمغاور، وهذه الطبقات تقع فوق طبقات العصر (Albian) المكونة من الصلصال ومواد مانعة لتسرب المياه، جميعها تميل نحو الغرب، ويمر فالق يتجه شرق-غرب عبر هذه الطبقات، على مسافة تبعد نحو 400 متر شمالي نبع أفقا.
وبالنسبة إلى الوضع الهيدروجيولوجي بحسب الدراسة، فإن مياه نبع افقا تتدفق عند تلاصق الطبقات الكلسية شديدة التشقق Cenomanian مع طبقات العصر Albian المانعة لتسرب المياه، ما يجعل هذا النبع يعرف باسم Contact Spring فتتدفق مياه النبع من مغارة يزيد طولها عن ستة كيلومترات تمتد فوق طبقات العصر Albian.

وإذ يذكّر شاتيلا بأن هذه الدراسة مازالت أولية وتحتاج إلى بحث تقني وميداني، يؤكد قدرة سد أفقا على تخزين المياه خلال فترة الغزارة أي خلال الفترة الممتدة من شهر كانون الأول حتى شهر أيار من كل عام، بكمية تزيد عن 75 مليون متر مكعب، ويمكن تخزين قسم كبير منها في جوف الطبقات الجيولوجية عند نبع أفقا.