IMLebanon

استفادة إيران من “الاتفاق النووي” رهن بتغيير دورها

iran-nuclear

كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:

منذ مدة تُطالب إيران الدول الغربية بأن تطبق الاتفاق النووي في ما خص العقوبات المصرفية. ذلك أن تأثيرات عدم رفع العقوبات الدولية الأخرى عن إيران واضحة والقلق لدى المستثمرين واضح، على الرغم من الإجراءات التي اتخذت رسمياً لرفع ما هو متعلق بالاتفاق.

فالمصارف الغربية لا تموّل العمليات المصرفية مع إيران، التي تعتبر أن الاتفاق جيد للمنطقة وللاستقرار فيها وفي العالم لا سيما أنه يحد من أسلحة الدمار الشامل، ويمثل فرصة يجب عدم إضاعتها، وعلى الغرب أن يكون جدياً. ولكن ما الذي يحصل فعلاً في هذا الملف، وهل سلوك إيران في المنطقة يؤثر في مسار تنفيذ رفع العقوبات؟

تفيد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، أن طهران منزعجة من أنه عندما رُفعت العقوبات عنها بداية هذه السنة، أي المتصلة بالاتفاق النووي، بقيت العقوبات الدولية المفروضة عليها مؤثرة في هذا المسار. إذ إن هناك عقوبات عليها بقيت قائمة، وهي مرتبطة بالإرهاب، وحقوق الإنسان، وحجز السفارة الأميركية في إيران نهاية السبعينات لدى قيام الثورة.

وبالتالي، ليس في استطاعة أي مصرف لا روسي ولا أميركي ولا أوروبي أو حتى لبناني، أن يتعامل مع إيران أو يفتح فرعاً للمصرف هناك، لأن العقوبات الأميركية المتبقية حتى الآن تطاله عملياً.

حتى أن هناك حصصاً أو أسهماً أميركية في بعض المصارف أو مديرين في مجلس الإدارة، تطالهم العقوبات الأميركية الأخرى.

كل الأطراف التي وقعت على الاتفاق النووي كانت تدرك هذه النقطة، ولم تكن مسألة مفاجئة، ولكن ما كان غير واضح هو حجم الخوف لدى المصارف والمستثمرين، ومدى الإحجام عن التوجه الى إيران والتعامل معها. الولايات المتحدة سعت الى الاستثناءات لتسهيل توجه المصارف والمستثمرين الى إيران، لكن ذلك لم ينفع؛ هناك خوف من مصير الاتفاق النووي، أولاً في الاتفاق آلية لرد العقوبات إذا خالفت إيران النص والتنفيذ. كما أن التجربة الصاروخية الإيرانية، لم تخدمها في هذا المجال. فضلاً عن الخوف من نتائج الانتخابات الرئاسية في إيران سنة 2017 المقبلة، وهناك قلق غربي ومن المستثمرين من عدم عودة الرئيس الحالي الإصلاحي حسن روحاني الذي تم توقيع الاتفاق النووي في عهده.

كل هذه العوامل لا تشجع المستثمرين والمصارف على الخوض في إيران، وأوروبا تبلغ الإيرانيين بوجوب خلق مناخ مؤاتٍ للاستثمار، وأن الدور الإيراني الإيجابي الإقليمي وفي المنطقة يؤثر جداً في الاستفادة من تنفيذ بنود النووي. إذ إن الدور ذا الصلة بدعم الارهاب، والتسليح لجهات معينة داخل بعض الدول العربية وتهديد الاستقرار، يجعل الاستثمار الذي يميل الى التوجه الى طهران، متردداً، لأنه يخشى ردود الفعل الدولية، وعدم الثبات في العمليات الاقتصادية، والاضطرار المفاجئ الى ترك البلاد، إذا حصلت أحداث في المنطقة، أو جرت استعادة المواقف الدولية السابقة مع إيران نتيجة سلوكها.

ويقول الاتحاد الأوروبي لإيران، وفقاً للمصادر، إن عليها مسؤولية جذب الاستثمارات، لأن واشنطن، والدول الأوروبية تقوم بالتسهيلات للبنوك لكي تشجعها على أن تقصد إيران، حتى أنها وعدتها بأن لا تواجهها العقوبات إذا تعاملت معها. وعلى الرغم من ذلك لا توجد هجمة اقتصادية دولية على إيران من جراء الحذر والخوف، والغرب يحمّلها المسؤولية في ذلك.

الفريق الإصلاحي في إيران، يقول للغرب، إنه إذا لم يأتِ الاتفاق بنتائج فعلية على الاقتصاد، فقد يفوز المتشددون في الانتخابات. وهذا المنطق يؤثر في الأوروبيين الذين يبذلون مع الأميركيين ما في وسعهم للمساعدة في التوجه الى إيران، لكنهم لا يستطيعون إجبار أي مصرف أو مستثمر على أن ينشط في إيران.

إنه عامل الوقت الذي سيوضح مستقبل الاستثمار في إيران، ومستقبل تنفيذ الاتفاق. في السنة المقبلة ستتسلم إدارة أميركية جديدة، بعد الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل. وفي السنة نفسها، هناك انتخابات رئاسية في إيران، وإذا تأكد التزامها بالنووي فقط فلن تجد الهجمة الاقتصادية اليها كما ترغب. ولكن ستتظهر الأمور مع الوقت، وفي ظل رئيس أميركي جديد ملتزم بالاتفاق ويستكمل تنفيذه. فإذا مرّ بعد ذلك نحو سنة أو سنتين، على الالتزام المتبادل بالاتفاق، يُعد الأمر جيداً، وقد يساعد في تكوين ثقة لدى المستثمرين بالوضع الإيراني.

أما إذا حصل كل ذلك، ولم تعمد إيران الى تغيير دورها في المنطقة، فإن هذا لن يساعد في جذب الاستثمار.