IMLebanon

خريطة سوريا الجديدة بين جرابلس وداريا (بقلم رولا حداد)

jarablous

 

 

كتبت رولا حداد

 

يمكن القول باختصار إن الدخول العسكري التركي المباشر في الحرب السورية، وتحرير جرابلس من “داعش” في ساعات، يؤكد المؤكد بأن كل “الحملات الوهمية” ضد “داعش” لم تكن أكثر من ذرّ للرماد في عين الرأي العام العربي والدولي.

وعشية الذكرى الثانية لانطلاق غارات “التحالف الدولي” ضد مواقع لـ”داعش” في سوريا، تبيّن بما لا يقبل الشك أن محاربة “داعش” حين تكون جدية لا تقتصر على غارات جوية سخيفة، بل تكون على الأرض حيث يظهر أن مقاتلي “داعش” ليسوا أكثر من “جيش كرتوني” يرتكب جرائم إرهابية سينمائية وفق ما هو مرسوم له في سيناريو تقسيم سوريا.

الإشارات على سيناريو التقسيم كثيرة، وليس آخرها التطهير المذهبي الذي شهدته داريا في ريف دمشق برعاية الأمم المتحدة، من دون أن نسمع أي موقف دولي شاجب. بالأمس داريا، وقبلها حمص والقصير وغيرها. هو التطهيرالمذهبي على طريق إقامة “سوريا المفيدة”، وسط تواطؤ دولي غير مسبوق.

لم تكفِ مقاومة حفنة من المقاتلين، لم تتجاوز الـ700 مقاتل بحسب الإعلام الرسمي السوري، طوال 4 سنوات، في منع المصير المشؤوم عن داريا، تماما كما لن تنفع بطولات مقاومي حي “بابا عمرو” في حمص من منع سقوط المدينة قبل سنوات!

وحدها تركيا انتفضت مع بروز معالم الدولة الكردية في الشمال السوري بدعم أميركي مباشر. فاستغل الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان الخلاف مع واشنطن بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، ومد جسور التواصل مع موسكو وطهران وتل أبيب، ليتدخل عسكرياً وبشكل مباشر في معركة جرابلس، لمنع القوى الكردية المدعومة من واشنطن بوصل مناطقها على الحدود مع تركيا. هكذا زار نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أنقرة ورضخت الإدارة الأميركية المتهالكة في آخر أيامها للمصالح التركية، فأمّنت مرغمة التغطية للعمل العسكري التركي.

هي صورة سوريا الجديدة تلوح في الأفق، سوريا المقسّمة الى دويلات مذهبية، وسط شدّ حبال إقليمي ودولي لتحسين شروط التقسيم والحدود الجغرافية للدويلات المتنازعة فيما بينها، والمُتنازع عليها إقليميا ودولياً. من سوريا المفيدة التي تمتد من الساحل السوري عبر القلمون، وربما قد لا يسلم بعض أجزاء من لبنان منها، وصولا الى دمشق، الى دولة سنية مفترضة يسعى محور الممانعة لاحتلال عاصمتها المفترضة حلب، يبدو أن حلم الأكراد بدولة كردية لا يزال العائق الأكبر أمام تبلور الخرائط، في ظل دعم أميركي من جهة، ورفض مطلق تركي- إيراني- روسي من جهة ثانية.

في هذا الوقت تبقى صورة الطفل عمران نموذجا عن الشعب السوري الذي يُذبح على مذبح مصالح الأمم… ولا من يسأل!