IMLebanon

موسكو تتخبط بالوحول السورية وحيدة

aleppo-syria

 

 

أعربت الولايات المتحدة عن انزعاجها من أداء موسكو الذي يعرقل الحلول في سوريا، ولوحت بقطع تعاونها معها في شأن ايجاد تسوية سياسية للنزاع السوري، الا ان الامر لم يحصل. بعد ذلك، توصل القطبان الى اتفاق أرسى هدنة “الاضحى” في الميدان، غير أنه لم يصمد أكثر من أيام وسرعان ما انهار تحت ثقل الاختلافات بين العاصمتين في مقاربة أكثر من تفصيل حيوي في الملف السوري. ومع سقوط الهدنة، استعادت الماكينة العسكرية النظامية والروسية نشاطها بقوة في حلب التي بات الحجر والبشر فيها يتعرضان لقصف وغارات داميين لا يتوقفان ولا يوفران لا الاطفال ولا المستشفيات. هذا التدهور الدراماتيكي في الميدان، دفع واشنطن مجددا الى انذار موسكو بأنها ستوقف التعامل الديبلوماسي معها اذا استمر التصعيد في حلب. الرسالة لم تلق أيضا الآذان الصاغية، فكان ان أعلن البيت الابيض أمس الاثنين 3 تشرين الأول وقف التواصل مع روسيا وتعليق قنوات التنسيق والتفاهم مع العسكريين والديبلوماسيين الروس. أوساط ديبلوماسية قرأت عبر “المركزية” هذه الخطوة كمحاولة أميركية لترك الروس وحدهم يتخبطون في الوحول السورية التي ستغرقهم مع الوقت حيث سيواجهون منفردين التنظيمات المسلحة المعارضة، المتطرفة منها والمعتدلة. واذ لفتت الى ان قوات روسيا وسوريا وحلفاءهما سيبذلون قصارى جهدهم لاستعادة حلب، أشارت الى ان الامر دونه مخاطر كبيرة كون حلب باتت رمزا للثورة السورية وخطا أحمر يمنع تجاوزه ليس فقط لدى المعارضة السورية بل عند الاطراف الاقليميين الداعمين لها، متوقعة ان يلهب سقوطها اذا ما حصل، الميدان السوري كلّه.

من جهتها، تقول مصادر ديبلوماسية أميركية لـ”المركزية” إن الادارة الاميركية تريثت في تنفيذ وعيدها بالانسحاب من مفاوضات الحل، لأنها أرادت اعطاء الروس فرصة جدية أخيرة للتجاوب، قبل ان تحسم انتقالها الى المرحلة الجديدة من التعاطي مع الملف السوري، وقد استنفدت واشنطن كل جهدها في محاولة التوصل الى اتفاق يلتزم به الطرف الاخر فيوقف حمام الدم، في حين كان النظام السوري، ومن ورائه الروس، يمعن في ارتكاب افظع جرائم الحرب وخرق قرارات الشرعية الدولية وأبرزها القرار 2254. وتشير الى أن الرئيس الاميركي باراك أوباما اظهر ليونة غير مبررة ازاء نظام الرئيس السوري بشار الاسد في المرحلة الأخيرة، غير ان ما يعمد اليه النظام من قصف للمستشفيات لم يعد مقبولا لدى الادارة الاميركية التي تعتبر نفسها رائدة في مجال الحفاظ على حقوق الانسان. وتضيف “لا يمكن ان تخرج الادارة الاميركية الحالية من الحكم وقد وُصمت بتهمة “غضّ النظر” عن مثل هذه الجرائم”.

من هنا، تتابع المصادر، كان لا بد للبيت الابيض ان يدرك ان الوقت حان ليستمع اوباما الى رأي ابرز الخبراء في وكالة الاستخبارات الاميركية “سي -آي-إي” ومسؤولي الامن القومي والديبلوماسيين في الادارة الاميركية الذين يطالبون بالحسم الميداني والتدخل العسكري، وهو فعليا في صدد درس الخيارات المتاحة لمقاربة هذا الملف بالطرق الأفعل، ومنها تسليح المعارضة السورية للرد على الاعتداءات، شرط التثبت من عدم ذهاب السلاح الى التنظيمات الارهابية، بالتزامن مع الاسراع في انجاز المفاوضات التي تجريها الادارة الاميركية مع بعض الفصائل لفك ارتباطها بـ”النصرة- فتح الشام”. وتصل المقاربات العسكرية الى تدخل بري مباشر من القوات الاميركية على الارض السورية. وتشير المصادر الى ان الخطوة الاميركية ستعود بالخسارة على روسيا نفسها، اذ ستشمل في مرحلة لاحقة وقف اي تنسيق في ما يخص التكتيكات في شأن شن ضربات جوية من الجانبين لاجتثاث التنظيمات الارهابية التي سيتعاظم دورها في سوريا على حساب الوجود الروسي الذي لن ينجو من اهداف الارهاب… ومع اعلان الخارجية الاميركية ان التعاون الثنائي جمد مع الروس لجهة قطع التواصل وسحب الفريق المفاوض من جنيف، فيما واشنطن ستستمر بالتنسيق معهم والاتصال بهم لترتيب الامور اللوجستية في الاطار المتعدد الاطراف، تشير المصادر الى ان هذه الخطوة لا بد ان تؤثر سلبا على دور المبعوث الاممي ستيفان دي ميستورا ومجموعة الدعم الدولية لسوريا التي يتشارك الروس والاميركيون رئاستها، وستنعكس بشكل بديهي على مناقشات مجلس الامن الدولي التي اتسمت بالسخونة في الاونة الاخيرة.

ليس بعيدا، وضعت فرنسا مشروع قرار سيبت به مجلس الامن الدولي عصر اليوم للوقف الفوري للاعمال العدائية في سوريا. وتوقعت المصادر ان تقبل روسيا بمسودة القرار الفرنسي الذي ادخلت اليه تعديلات تؤمن عدم استعمال الكرملين حق الفيتو، والذي نأى عنه الاميركيون مع بداية طرحه الاسبوع الماضي، قبل ان يعودوا الى دعمه اليوم، علما انه قد يحمل تلويحا بتدخل قوات اممية في سوريا، تحت البند السابع، في حال تفاقم التصعيد في الميدان.