IMLebanon

تقرير IMLebanon: زواج القاصرات منتشر بكثافة… وإقتراح قانون لمواجهة تلك الظاهرة

underage-marriage

 

زواج القاصرات أو ما يعرف بتزويج الأطفال ما دون الـ18 سنة، موضوع شائك ويطرح اكثر من علامة استفهام في لبنان بحيث أنّ تلك “الجريمة” ترتكب في أكثر من منطقة لبنانية بسبب التخلف والجهل ولمصالح مادية وأسباب جنسية.

التزويج المبكر يشكّل انتهاكًا صارمًا لحقوق المرأة والانسان ويهدّد حياتها للخطر ويقف عائقًا أمام نمو المجتمع بطريقة سليمة، ولهذا السبب قام “التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني” بتقديم إقتراح قانون “حماية الأطفال من التزويج المبكر”، وذلك لحماية هؤلاء الاطفال بالقانون من التعرّض لأيّ انتهاك يشكّل خطرّا على حياتهم.

فما هي أهداف هذا القانون وأهمّيته؟ وكيف سيقف سدًا منيعًا في وجه الانتهاكات التي تحصل في مجتمعنا الطائفي بإمتياز؟

مجتمع طائفي… وتحديات كثيرة لإقرار القانون

نائبة رئيسة التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني كارولين سكر صليبي، تؤكد في حديث لـIMLebanon أن “هناك تحديات كثيرة قد تواجهنا من أجل إقرار قانون حماية الأطفال من التزويج المبكر، لأننا نعيش في مجتمع طائفي ورجال الدين يسيطرون بشكل مباشر على الزاوج، ولكن نحن سنسعى قدر الامكان للوصول الى ما نطمح إليه لأنّه حتى رجال الدين يعترفون بوجود مشكلة كبيرة جراء هذا الأمر خصوصًا أنّ نسبة الطلاق اصبحت مرتفعة جدا في لبنان والمشاكل التي تحصل كثيرة جدا بسبب الزواج المبكر”.

وتضيف: “انه في حال وجهنا بالرفض فلن نسكت عن الموضوع لان هذا الامر يمس بكرامة المرأة خصوصًا أنّ كل حياتها ستدمر في حال فرض عليها الزواج وهي بسن صغير، فأبسط الامور من تقرير مصيرها وغيرها لم تحصل عليها فكيف بإمكانها إنشاء عائلة وتساهم في تربيتها”، وتشير صليبي الى أنّ “الطفلة التي تتجوز بسنّ صغير تعرض حياتها للخطر من ناحية الحمل ان كان على الصعيد النفسي أو الجنسي أو الصحي، خصوصا أن تلك الفتيات عادة يفرض عليهن الزواج من رجل يكبرهم بأعوام كثيرة وهذا الامر لا يجوز”.

من جهتها، تلفت منسقة المشروع المحامية عتيبة المرعبي في حديث لـIMLebanon الى أنّ “جزءًا من العقبات الاساسية التي قد تواجهنا هي الطوائف، لأنّ قانون الاحوال الشخصية هو قانون طائفي بامتياز وبالتالي ممكن ان تشعر الطوائف اننا نتدخل بصلاحياتها لان من صلاحياتها تحديد سن الزواج، ونحن متفائلون باحداث فرق لأن القيمين على الطوائف او رجال الدين همّهم الامثل هو حماية رعاياهم، وبالتالي حماية الاطفال هو من واجبهم، ونطالبهم باحترام سن معيّن للزواج إلا بإذن من القضاء”.

الظاهرة منتشرة بكثافة في الأرياف

وتؤكّد المرعبي أنّ “أهمية المشروع هي بسبب عدم وجود قانون موحّد لكلّ اللبنانيين يحدد سن الزواج، فهذا الامر متروك بحسب الطائفة وبالتالي كلّ طائفة تختلف عن أخرى، واللبنانيين بحال تميّز تام بمسألة سن الزواج، وأدنى سنّ زواج هو عند الطوائف الاسلامية الذي يصل الى 9 سنوات، وعلى الرغم من أنّنا لا نشهد حالات زواج مثلما يحصل في اليمن أو دول أخرى، إنّما هناك حالات زواج تحت سن الـ18 سنة وحتى الـ16 والـ15 سنة، وهذا مؤشر خطير لأنّ الفتيات لا يزلن اطفالا خصوصًا أنّ لبنان صادق على اتفاقية حقوق الطفل بالكامل ومن دون تحفظات وتلك الاتفاقية تنص على سنّ الطفولة هو لحد الـ18 سنة، لذلك على لبنان احترام الاتفاقات الدولية”.

وتضيف: “نحن في التجمع النسائي الديمقراطي نعمل على محاربة تلك الظاهرة منذ اكثر من 10 سنوات وتحديدا في المناطق الريفية، ففي ريف عكار وأرياف البقاع النسب مرتفعة، وفي المدن لا نرى تلك الظاهرة كثيرا لان الفتيات يتعلمن ولا يتزوجن في سن مبكر”.

وتشير المرعبي الى أنّ ” الحالة الاقتصادية تؤثر على الاهل خصوصًا أنّ الجزء الاساسي للزواج المبكر سببه اقتصادي بحت، ومع النزوح السوري ازداد الوضع سوءًا لأنّ الاتجار بالبشر يندرج ضمن الزواج المبكر للفتيات لأنّ هناك زيجات تحصل بالإسم بينما هي تبغى فقط استغلال الفتاة جنسيًا وحتى من قبل الرجل الذي يتزوج لأنّه أحيانًا يتزوج ثلاث أو أربع فتيات”.

التصويت ممنوع ولكن الزواج مسموح!

وعن امكانية رفض اقرار القانون، تسأل صليبي: “على ماذا سيعترضون النواب؟ هل معقول ان يعترضوا على قانون يمنع زواج طفلة تحت سن الـ18 سنة؟”. وتضيف: “نسعى الى وضع سنّ موحد لكل اللبنانيين بشأن الزواج ونحن لا نقصد الفتيات فقط بل ايضا هناك فتيان صغار يتزوجون بسنّ مبكر، وهؤلاء لا يعرفون المسؤوليات التي تنتظرهم، ونحن يهمنا أنّ يكون هناك نضج وأهلية من أجل الزواج كي نبني مجتمعا سليما خال من اي آفات خطيرة”.

وتشدّد على أنّ “القانون اللبناني لا يسمح للشبان أن يصوتوا إلا بعد بلوغهم 21 عامًا، فكيف يمكن للقانون ألا يثق برأيه السياسي للشاب الذي لم يتعدّ الـ21 عامًا في المقابل نسمح لمن هم دون الـ18 أن يتزوّجوا؟ فهذا الامر خاطئ ولن نقبل به”، وتضيف: “هناك استغلال كبير يحصل بحق الفتيات وعادة يكون هناك صفقة تجارية في زواجها”.

أمل بأن يقوم مجلس النواب بدوره

وتكشف المرعبي عن أننا “نواجه ايضا زيجات عقود غير مسجلة ما يعني زواج فتيات صغيرات من دون تسجيل وهذا الامر يؤدي الى ولادة اطفال من دون هويات، وحتى لو تزوجت على يد شيخ أو بطريقة عقد عرفي ولكن الفتاة رسميًا لا تكون متزوجة وبالتالي لا يمكنها تسجيل إبنها على إسم أي أحد”.

وتشدّد على أنّ “التحديات التي تواجهنا كبيرة جدًا ولكن نأمل أن يقوم مجلس النواب بدوره وأن يلعب دور القلب الحامي للمواطنين والاجانب والنازحين لأنّ هذا القانون لن يطبق فقط على اللبنانيين بل سيطبق على مقيم على الأراضي اللبنانية، وبالتالي لن يشكل حماية فقط للمرأة والفتاة بل سيشكل حماية ايضا للمجتمع، فالسلام هو أمن اجتماعي واذا عندنا ضمانات تضمن حقوق الاطفال فسنكون بحالة سلام جيدة”.

لا احصاءات رسمية.. والنزوح السوري فاقم المشكلة

من ناحية أخرى، تكشف صليبي عن أن “الدراسات والاحصاءات في لبنان لا تقام بشكل تمثيلي لمعرفة العدد الصحيح للزيجات التي تحصل لمن هم دون الـ18 سنة لان البيات يجب ان تأخذ من المحاكم والسجلات ولا احد يكشف عنها، ولكن نحن نعمل على 250 حالة اغلبها في الأرياف والقرى البعيدة عن المدن، وبالتأكيد ان النسبة لا تزال ترتفع في تلك المناطق لان الاوضاع الاقتصادية تعيسة جدا ولا اولوية للعلم”.

وتلفت الى أنّه “مع استقطاب النازحين السوريين تفاقمت الأزمة جدًا لأنّ الزواج المبكر أمر طبيعي بالنسبة لهم وعاداتهم تسمح لهذا الامر، ووجودهم عنا سيكشل خطرًا علينا وعليهم، وإذا تزوجوا وأنجبوا الاولاد فسيؤثر ذلك سلبًا علينا من مختلف النواحي”، وتضيف: “لذلك كونهم موجودين داخل الاراضي اللبنانية يجب أن يكون هناك قانونًا يمنعم من الزواج المبكر كي لا تتفاقم المشاكل والازمات علينا”.

استثناء وحيد في القانون…

في الختام، تكشف المرعبي عن استثناء وحيد في القانون، وتقول: “المبدأ هو 18 عاما السن القانون للزواج، ولكن هناك استثناء وحيد يسمح بزواج من هم تحت الـ18 سنة يصل لحدّ سن الـ16 سنة بشرط تقديم طلب امام قاضي الاحوال الشخصية للحصول على الموافقة، والطلب يقدم من قبل طالبي الزواج مرفقة بموافقة الأب والأم سويّا وليس بموافقة الأب فقط، او الوصي الشرعي في حال وفاة الأهل، والقاضي يعطي الموافقة بناء على تحقيق شامل وموسع للتأكد إذا الفتاة راضية بالأمر ام لا، فالقاضي يستدعي الأهل لاستجوابهم ومن ثمّ يستمع لرأي الفتاة بجلسة سريّة لمعرفة الأسباب التي دفعتها لاتخاذ هكذا قرار، والقاضي عنده الصلاحيات بالاستعانة بمن يريد ليقوم بتحقيق اجتماعي نفسي اقتصادي شامل”.