IMLebanon

المالية مقابل “التأسيسي”!

nabih-berri-and-hassan-nasrallah-new

تفصل مصادر سياسية بارزة بين حزمة العقد الظاهرة عموماً على مستوى تأليف الحكومة وعقدة حقيبة المال السيادية، لانّها على حدّ تعبيرها، مسألة أخرى تتخطى بأبعادها عملية التأليف الى محاولة تثبيت الموقع للطائفة الشيعية في ضوء انعدام فرص المؤتمر التأسيسي الذي لم يُفلح الفراغ الرئاسي وشل مؤسسات الدولة في دفع البلاد نحوه ووضع اللبنانيين امامه كخيار اخير متاح لانقاذ البلاد من الانهيار.

وتعزو المصادر عبر الوكالة “المركزية”، تصلب الرئيس نبيه بري وتمترسه في موقع الحصول على وزارة المال والذهاب بعيداً في القول ان الطائف كرّسها للطائفة الشيعية، داعيا من يعنيهم الامر الى مراجعة الرئيس حسين الحسيني الذي كان آنذاك رئيسا للمجلس النيابي للكشف عن نقاشات المحاضر التي في حوزته، الى رغبة جامحة لدى “الثنائي الشيعي” لتكريس هذا الموقع له، على رغم ان معظم المشاركين في اجتماعات الطائف ومن بينهم خبراء في الدستور اكدوا ان ما دار من نقاش لم يرد ولو لمرة واحدة على ذكر هذا الموضوع وان ما يثار في هذا الشأن لا يمت الى الواقع بصلة، فالطائف لم يتطرق الى طوائف الحقائب حتى ان طوائف الرؤساء (الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة) هي عرف مكرّس منذ الاستقلال وليست نصا دستورياً ولم يتطرق اليها “الطائف”. وتؤكد ان هذا الفريق استشعر الخطر ازاء امكان عدم بلوغ مراميه لتعديل الدستور منذ ما قبل انتخاب العماد ميشال عون رئيسا، وتحديدا لحظة اعلان الرئيس سعد الحريري في مؤتمره الشهير تأييد ترشيح العماد عون، حينما تحدث عن ابرز البنود الستة بين المستقبل والتيار الوطني الحر انطلاقاً من اتفاق وطني يرتكز على تحصين الطائف، وقال ما حرفيته “اتفقنا صراحة على أن أحدا لن يطرح أي تعديل على النظام قبل إجماع وطني من كل اللبنانيين على هذا الطرح. وهذا كلام ينطلق من إجماعنا الذي كتبناه في دستورنا، دستور الطائف، على أن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، عربي الهوية والإنتماء، وأن كل اللبنانيين يرفضون التجزئة والتقسيم والتوطين”. ثم تأكيد العماد عون أنّ “الميثاقية ليست للمسيحيين فقط بل هي عهد بين المسلمين ككل والمسيحيين ككل”، واشارته الى أهمية اتفاق الطائف والتزامه المحافظة على “صيغة لبنان الفريدة.”

وتفيد المصادر أن ذهاب عون والحريري الى هذا المدى البعيد في التأكيد على التمسك بالطائف الذي شكل ركيزة الاتفاق بينهما ليس مقتصرا على فريقي المستقبل والتيار الوطني الحر فحسب، بل نتاج قرار دولي بالحفاظ على الـ”ستاتيكو” السياسي السائد في لبنان والصيغة النموذج الذي يتطلع اصحاب القرار الدولي الى اعتمادها في التسويات المنسوجة لدول المنطقة الواقعة في أتون النيران المشتعلة التي تؤمن لجميع المكونات السياسية المشاركة في السلطة، لافتة الى ان رفع الرئيس عون الصوت في خطاب القسم تأكيداً على التمسك بالطائف ليس صدفة بل متعمّد لتعويم الطائف ردا على المطالبة بتعديل نصوصه وقلب المعادلة، وتظهير تبني الثنائية المسيحية- السنّية الطائف نصاً وروحاً من اتفاق تأييد الترشيح الى تشكيل الحكومة وما بعدها.

وتبعاً لهذا السيناريو، تعتبر المصادر ان الثنائي الشيعي الذي تهيّب الموقف واستشعر القرار الدولي الكبير سيمارس أقصى الضغط للابقاء على حقيبة المال للشيعة تعويضاً عن طموح لن يبصر النور في المرحلة الراهنة بمؤتمر يكرّس المثالثة، نسبة لما لتوقيع وزير المال على القرارات والمراسيم من أهمية.