IMLebanon

زحمة وزراء خارجية في بيروت: كيف ستقاربون ملف النزوح؟

bassil-oglu

كتبت سكارليت حداد في صحيفة “السفير”:

عجقة مواكب ديبلوماسية في بيروت. بعد الموفد الفاتيكاني المونسنيور كارلوس ازيفيدو ووزير خارجية مصر سامح شكري والموفد السعودي أمير منطقة مكة خالد الفيصل ووزير خارجية قطر والوزيرين الإيراني محمد جواد ظريف والسوري منصور عزام، تستقبل العاصمة اللبنانية في يوم واحد كلاً من وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو، وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير.

حركة ديبلوماسية متصاعدة على مسافة شهر واحد من انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وتكليف سعد الحريري بتأليف الحكومة الجديدة. حركة تعيد وضع لبنان على “أجندة” العواصم الإقليمية والدولية.

هذه الحركة، تستوجب طرح السؤال: ماذا يخفي هذا التحوّل في مواقف هذه العواصم التي لطالما رددت أن لبنان ليس من ضمن سلم أولوياتها، وهل انتخاب رئيس الجمهورية هو الذي حرّك الديبلوماسية الغربية والإقليمية؟

يتحدث ديبلوماسي أوروبي عن أن “لبنان ليس لديه أعداء، بل أصدقاء والكل يريد مساعدته في مسيرة إعادة انتظام المؤسسات الدستورية”. لكن ماذا عن “إسرائيل”؟

يجيب الديبلوماسي نفسه أنها “خارج اللعبة في الوقت الحالي. وأصدقاء لبنان الكثر يرغبون بالمساعدة في هذه المرحلة، والتشجيع على تأليف حكومة سريعا”.

تحركت مجموعة العمل الدولية لدعم لبنان فورا بعد انتخاب الرئيس وتكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة. اجتمع سفراؤها برئيس الجمهورية “بهدف التحضير لاجتماع المجموعة قبل نهاية السنة الحالية، أو في كانون الثاني أو شباط المقبلين” يقول الديبلوماسي نفسه. وإذ يؤكد أن “المجموعة جاهزة لكن من الأفضل انتظار تأليف الحكومة قبل الاتفاق على موعد الاجتماع”، يشير إلى احتمال عقد مؤتمر باريس4 أيضاً لمساعدة لبنان، و “إن كان تحديد موعد المؤتمر المذكور رهن التواصل المباشر بين الرئيسين الفرنسي واللبناني في أعقاب تأليف الحكومة وربما زيارة وزير خارجية فرنسا إلى بيروت”.

لذلك، تندرج كل الزيارات حاليا “في سياق التهنئة بانتخاب الرئيس والبحث في كيفية مساعدة العهد الجديد في التصدي للمشكلات التي يعانيها لبنان”.

ولعل القاسم المشترك في زيارة وزراء الخارجية التركي والألماني والكندي الى بيروت هو طغيان ملف النازحين السوريين على ما عداه، فالأوروبيون على سبيل المثال لا الحصر، يترقبون الطريقة التي سيتعامل بها العهد الجديد مع هذا الملف، ويسألون في هذا السياق عن جدية نية الرئيس ميشال عون إعادة أعداد من النازحين إلى مناطق سورية بعيدة من مناطق النزاع في الداخل السوري.

ويبدو أن هذا الأمر على قدر من الأهمية للديبلوماسية الأوروبية كما للأتراك والكنديين، فمعظم الدول تتمنى على لبنان أن لا يقدم على خطوة تضر بسمعته الدولية وخصوصا أن لبنان ينتظر تقديم مساعدات له في هذا الملف وغيره، وبالتالي، سيكون هناك معيار لدى الأوروبيين في مقاربة أي ملف مع لبنان تبعا لتعامله المستقبلي مع ملف النزوح السوري!

ولدى مجابهة الديبلوماسيين الغربيين بأن فرنسا تحاول الآن إعادة النازحين الى سوريا من خلال حوافز مالية، يجيب هؤلاء أن أسئلتهم عن طريقة التعامل مع اللاجئين، ليست للاعتراض، إنما للاستفسار.

وهنا يؤكد الديبلوماسي الأوروبي نفسه أن بلاده، على الأقل، ليست في وارد إعادة النظر في المساعدة التي تقدمها للبنان في موضوع النازحين السوريين، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الاطلاع على خطة العهد الجديد في هذا المجال (النزوح) أمر مهم للغاية.

كذلك فإن التسوية الرئاسية التي جاءت بعون رئيسا للجمهورية، والحريري رئيسا للحكومة، لا تزال محل غموض عند الأوروبيين الذين يحاولون كشف ما إذا كانت (التسوية) قد جاءت على خلفية حوار غير مباشر بين إيران والسعودية، أم أن الأمر لا يعدو كونه اتفاقا لبنانيا داخليا.

وعما إذا كانت المنطقة مقبلة على تغييرات في التحالفات والخيارات الاستراتيجية، أم أن لبنان استطاع الاستفادة من لحظة ما للتوصل إلى تسوية محدودة عنوانها فقط رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، يلفت الديبلوماسي الغربي النظر إلى أن الهجمة الدولية والإقليمية على لبنان تدور حول هذه الأسئلة.

في ظل التوقعات التي تشير إلى أن المنطقة مقبلة على تغييرات، خصوصا في ضوء مجريات معركة حلب التي يبدو أنها تشارف على نهايتها لمصلحة النظام السوري وحلفائه، فإن سؤال الأوروبيين يتمحور حول احتمال وصول موجة جديدة من النازحين السوريين من حلب إلى لبنان وقدرة الأخير على استيعاب أكبر عدد منهم. لكن، بما أن موقع حلب الجغرافي بعيد من لبنان والطريق منها غير آمن، ما يجعل قدوم نازحين منها إلى لبنان أمرا مستبعدا، فإن هدف الأوروبيين الباطني هو طرح أسئلة من نوع: كيف ستكون تداعيات معركة حلب على الواقعين السوري واللبناني؟ وهل التسوية الرئاسية هي تمهيد لواقع جديد في المنطقة؟ وما هو الدور الذي يمكن أن يؤديه الرئيس اللبناني الجديد في الإطار الإقليمي؟

يبدو أن الزيارات الأوروبية هي استطلاعية تحت ستار التهنئة والدعوة لتشكيل حكومة جديدة في أسرع وقت ممكن.. والأهم استطلاع موقف لبنان من قضية النازحين خصوصا أن لبنان يتحمل أكبر الأعباء في ملف النازحين السوريين، ولعل لسان حال وزير الخارجية الألماني كما وزير الخارجية التركي أن الحل الحقيقي لمشكلة النازحين هو في تكاتف المجتمع الدولي لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية.