IMLebanon

مبادرة رئاسية للحلّ!

frangieh-aoun

 

كتبت صحيفة “الأخبار”: بعدما وصلت المفاوضات بشأن تأليف الحكومة إلى حائط مسدود، نجح حزب الله في إيجاد ثغرة في جدار العلاقة بين حليفيه، الرئيس ميشال عون والنائب سليمان فرنجية. وبرزت أمس دعوة “أبوية” وجهها رئيس الجمهورية إلى “كل سياسي لديه هواجس” للاجتماع به، فاتحاً المجال أما حل للخلاف مع رئيس تيار المردة.

لم تنتهِ الانتخابات الرئاسية التي جرت قبل 33 يوماً إلى صيغة «لا غالب ولا مغلوب» اللبنانية المعهودة. ثمة رابحون وخاسرون.

ورغم أن غالبية المنتمين إلى الفئة الأخيرة حوّلوا أنفسهم إلى شركاء للعهد الجديد، إلا أن المرشح الرئاسي النائب سليمان فرنجية، يظهر كما لو أنه الخاسر الأوحد من الانتخابات، خلافاً لما أعلنه فور صدور النتائج التي أوصلت الجنرال ميشال عون إلى قصر بعبدا. ظهر هذا الأمر جلياً في فيتو التيار الوطني الحر على تسلّم تيار المردة الحقيبة التي يُطالب بها، أو ما يُعادلها. أتى هذا التصرّف كتتويج لمرحلة الخلاف بين التيار الوطني الحر وتيار المردة، التي بدأت مع مبادرة الرئيس سعد الحريري لترشيح فرنجية إلى رئاسة الجمهورية.

تحول الحليفان، في السنة الأخيرة، إلى خصمين لا تواصل بينهما. حتّى أنّ معلومات سرت عن رفض عون استقبال فرنجية، الذي قاطع بدوره الاستشارات النيابية والتهاني بمناسبة عيد الاستقلال، مُعلناً أنه مستعد لزيارة بعبدا إذا «استدعاه» رئيس الجمهورية. فنائب زغرتا الذي فاتت الفرصة التي كانت بمتناول يده، يرى أنه يستحق معاملة تختلف عن باقي القوى السياسية.

القطيعة بين التيارين باتت تُثقل كاهل حلفائهما. لذلك، أطلق حزب الله مبادرة لمحاولة الجمع بينهما ووضع حدّ لخلافهما. وقد تسربت إلى مسامع “المردة” أجواء إيجابية من جانب التيار البرتقالي، لذلك يقارب التيار الأخضر هذا الموضوع بحذر شديد حتى لا تُفهم أي كلمة بطريقة سلبية. فمن مصلحة الجميع، باستثناء القوات اللبنانية، أن يُهدم الجدار العازل بين بعبدا وبنشعي.

في هذا الإطار، أتت مبادرة عون «الأبوية» أمس لتكسر الجمود السياسي في البلد نتيجة تعثُّر المساعي الهادفة إلى تشكيل الحكومة الجديدة، والتي أطلقها رداً على ما صدر «عن وسائل الإعلام المختلفة خلال الأيام الماضي.

وقد أكد البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية حرص عون «على هواجس الجميع وتصميمه على معالجتها، وهو لذلك يتوجه بدعوة أبوية إلى أي مسؤول أو سياسي للاجتماع به في القصر الجمهوري كي يودع هواجسه لدى فخامته المؤتمن على الدستور وعلى تحقيق عدالة التمثيل في السلطات الدستورية، كما على حسن عملها وفقاً لأحكام جوهر الدستور ونصه ما دامت الغاية هي المصلحة الوطنية العليا.

تصيب هذه المبادرة بالدرجة الأولى سليمان فرنجية. إلا أنّ رادارات تيار المردة لم تلتقطها. «هذه الدعوة لنا؟»، تسأل مصادر المردة التي تصفها بـ”المبادرة العامة. من الطبيعي أن يكون القصر مفتوحاً للجميع”. ولكن إذا كان المقصود بها هو فرنجية، «ما بدها هلقد». كان بإمكان بعبدا أن “توجه دعوة لفرنجية وهو سيلبيها”.

وبحسب مصادر في 8 آذار، فإن ما قام به عون يُعد خطوة كبيرة، لناحية الانطباع السائد بأنه كان قد قرر رفض استقبال فرنجية. وترى المصادر أن بيان بعبدا يكسر الجليد، والخطوة التالية باتت شكلية أكثر منها جوهرية، لجهة معرفة ما إذا كان فرنجية سيطلب موعداً لزيارة عون، أو أن رئيس الجمهورية سيستدعي النائب الزغرتاوي.

الخطوة الرئاسية باتجاه بنشعي لا تعني أن الطرق التي ستؤدي إلى تأليف الحكومة باتت سالكة. موضوع تمثيل المردة ليس العقبة الوحيدة التي تعرقل تأليف الحكومة، إذ ثمة عقدة أخرى لا تقل أهمية ولم يعمل أحد من الأطراف المفاوضين على حلّها جدياً، هي حقيبة الأشغال. الرئيس نبيه بري الذي أعلن سابقاً أنه لن يقبل التنازل عنها لأي فريق آخر، لم يتبلغ رسمياً إلى من ستؤول. والقوات اللبنانية ما زالت تتعامل على اعتبار أنّ هذه الحقيبة حُسمت من ضمن حصتها، ما دام الحريري الذي وعدها بها لم يُبلغها موقفاً مغايراً.  لذلك، لا تتوانى مصادر في فريق 8 آذار عن القول إنّ «العقدة اليوم هي في القوات والأشغال». وبناءً على ذلك، تقول مصادر بارزة في تيار المستقبل إنه لا جديد في مفاوضات التأليف، وتوافقها على ذلك معظم الكتل النيابية، على الرغم من اعتبار مصادر المردة أن هناك نيّة للتسهيل وإعلان الحكومة قريباً.

وفي سياق متصل، أكدت مصادر قصر بعبدا لصحيفة ”الجمهورية” انّ الرسالة الرئاسية الأبوية التي أطلقها الرئيس ميشال عون جاءت في توقيت باتت معه التشكيلة الحكومية شبه مُنجزة، باستثناء العقدة المعروفة التي تتداخل فيها اعتبارات، بعضها شخصية وبعضها شكلية، لذلك تضع هذه الرسالة – البيان، خريطة طريق يفترض ان تؤدي الى تذليل آخر العقد وبالتالي اعلان الحكومة.

وتوقفت مصادر قريبة من ثنائي “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” عند الرسالة الأبوية التي أطلقها عون، وسجلت ملاحظات عدة أبرزها:

اولاً: انّ مضمونها “الأبوي” يشكّل وجهاً آخر لخطاب القسم ومتمّماً له في تأكيد هوية العهد. وصيغ بطريقة اختيرت فيها كلماتها بدقة للتعبير عن حرص رئيس الجمهورية على أبوّته لجميع اللبنانيين وللتأكيد على انه لا ايّ فيتو على اي حقيبة او اسم في مرحلة يفترض ان تتجمّع فيها القوى اللبنانية كافة وتتوحّد الجهود للخروج ممّا عانته البلاد في فترة الشغور الرئاسي واستعادة المؤسسات الدستورية أدوارها وجهوزيتها لمواجهة الإستحقاقات الداخلية والخارجية المقبلة على لبنان.

ثانياً: قدّمت بالمنطق المتمسّك بالدستور والشراكة والوحدة تطميناً لكل الشرائح السياسية والطائفية بعدم استثنائها من الشراكة، او تحجيمها او الغائها وخصوصاً في حكومة او حكومات العهد.

ثالثاً: قدّمت ورقة اعتماد امام كل اللبنانيين تؤكد انّ رئيس الجمهورية هو الحكم الذي يقف على مسافة واحدة من الجميع، والمتفهّم لكل الهواجس التي تعتريهم، وهذا يعطي إقراراً من قبله بوجود هذه الهواجس وجدّيتها وضرورة مقاربتها بما تستوجبه من عناية وحرص على تبديدها.

رابعاً: أحبطت آمال كل المراهنين على احتواء العهد وجذبه لكي يكون طرفاً الى جانبهم في مواجهة الاطراف الاخرى، من خلال النظرة الشاملة الى طبيعة التوازنات الداخلية وحساسيتها، ومراعاتها مبدأ انّ الرئيس للكل وليس لطرف بعينه او لفئة او طائفة بعينها.

خامساً: وبالمعنى الأبعد، إنطوَت الرسالة على تأكيد، من موقع المسافة الواحدة، الالتزام بكل التفاهمات المصاغة بين فريقه وسائر الآخرين، خصوصاً مع “حزب الله” و”القوات اللبنانية”، من دون ان يضع في دفّة الميزان الرئاسي تفاهماً له الأفضليّة على تفاهمات أخرى.

سادساً: جاءت الرسالة بمضمونها “الابوي” تكريساً للشعار الذي اطلقه اللبنانيون على رئيس الجمهورية بأنه “بَيّ الكل”.

سابعاً: جاءت الرسالة لتدحض اي ذيول ورواسب لا تزال عالقة منذ الانتخابات الرئاسية، ولتجعل باب القصر الجمهوري مفتوحاً امام كل اصحاب الهواجس من خلال دعوة واضحة وصريحة وجّهها رئيس الجمهورية الى هؤلاء لزيارة القصر والاجتماع به.

ثامناً: وضعت الرسالة قاعدة للورشة الوطنية، أساسها الدستور والعدالة والمصلحة الوطنية العليا”.