IMLebanon

مدافعون عن الحكومة يرفضون “الاستنتاجات الاستباقية”

رفض المتابعون من قرب للجهود التي أدت إلى تأليف الحكومة، القراءة القائلة إن التوازنات التي حكمت تركيبتها النهائية جاءت لمصلحة قوى 8 آذار وحلفاء النظام السوري، معتبرين أنها استنتاجات استباقية وغير واقعية. ورأت مصادر قيادية تابعت من قرب اتصالات التأليف، وبينها قيادات من تيار “المستقبل”، أن الحكومة جاءت نتيجة تفاهم وتوافق بين فرقاء متعارضين، فضلاً عن أنها ثمرة اتفاق بين رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة سعد الحريري.

ويلتقي انطباع هذه المصادر مع كلام لزوار القصر الرئاسي غداة ولادة الحكومة، بأنها لا تخل بالتوازن، فهي قد ضمت الجميع ما عدا حزب “الكتائب”، الذي امتنع عن المشاركة فيها من دون حقيبة، بسبب تمسك الفرقاء الذين ضمتهم بالحقائب التي حصلوا عليها في صيغة الـ24 وزيراً، بعدما حاول رئيس الجمهورية ضم الحزب إلى تركيبة الثلاثين.

وأوضحت المصادر لصحيفة “الحياة” التي اشتركت في الاتصالات الحثيثة لإخراج الحكومة إلى النور قبل الأعياد، أن تيار “المستقبل”، الذي يعتبر البعض أنه قدم تنازلات لمصلحة حلفاء سورية، حصل على 7 وزراء في الحكومة، يصبحون 8 مع حليفه الوزير ميشال فرعون، الذي لم يُحتسب من حصة حزب “القوات اللبنانية” كما قيل، خصوصًا أن القوات نفسها احتسب وزراءه على أنهم ثلاثة، ولم يضم فرعون إليهم. ورأت أنه إذا كان فريق 8 آذار استطاع الحصول على حصة وازنة، من ضمنها وزراء مشاكسون وصقور، فإن الوزراء الذين يمثلون “المستقبل” وحلفاؤه لا يقلون تشدداً في المواقف التي هناك تباين فيها مع قوى 8 آذار و “حزب الله”، مثل الوزراء مروان حمادة ومحمد كبارة ونهاد المشنوق ومعين المرعبي وجان أوغسابيان، فضلاً عن أن هناك تحالفاً بين “المستقبل” و ”القوات اللبنانية”، وتقارباً مع وزيري “اللقاء النيابي الديموقراطي” برئاسة النائب وليد جنبلاط. وتضيف المصادر أن الحريري والوزراء الذين يساندونه لم يدخلوا في كل الأحوال الحكومةَ بنيّة فتح جبهات داخلها، بل بروحية التعاون لمعالجة المشاكل التي يعاني منها البلد، و ”المستقبل” ينظر إلى الحكومة على أنها تأتي في سياق مرحلة جديدة يغلب عليها الانفتاح، وبالتالي يفترض عدم النظر الى وزراء سماهم عون على أنهم واجهة لنفوذ سوري، بل على أنهم محسوبون عليه.

وفي وقت يشير بعض هذه المصادر إلى معلومات بأن توسيع الحكومة من 24 إلى 30 وزيراً جاء نتيجة رسالة نقلتها إحدى الشخصيات من دمشق إلى قيادة “حزب الله” والعهد قبل زهاء 10 أيام، تصر على توسيعها وتمثيل جميع حلفاء القيادة السورية، فإنها تعتبر أن القبول بهذا التوسيع لا يعني أن حلفاء دمشق قادرون على فرض ما يريدون في مجلس الوزراء.

وتقول المصادر نفسها أنه إذا كان البعض اعتبر أن فريق 8 آذار سيطلب تفعيل العلاقة مع النظام السوري بحجة التنسيق في شأن النازحين أو بين الجيشين في مواجهة الإرهاب، أو لمعالجة مسائل طارئة، وذلك لانتزاع اعتراف لبناني رسمي بالنظام في وقت هناك فريق واسع من اللبنانيين يرى أن السوريين يتعرضون لأبشع أنواع القمع والمجازر والتهجير من هذا النظام ويحملون بشار الأسد مسؤولية كل ذلك، ويتعاطفون مع تغيير هذا النظام، فإن القوى التي تمثل هذا الفريق في مجلس الوزراء ستتمسك بالنأي بالنفس عن العلاقة مع النظام، وبما نص عليه خطاب القسم لجهة إبعاد لبنان عن الصراعات الخارجية، وبمبدأ ترك الشعب السوري يختار النظام البديل في حل سياسي، استناداً إلى قرارات مجلس الأمن وبيان جنيف الذي يقول بقيام سلطة انتقالية كاملة الصلاحية… إلخ.

أما بالنسبة إلى دور وزراء محسوبين على الرئيس عون ولهم صلة بقوى 8 آذار، في شأن التعيينات الأمنية والعسكرية، وأهمها قيادة الجيش، فإن المصادر القريبة من “المستقبل” ومن أطراف أخرى حليفة له في الحكومة، تعتبر أن موازين التصويت في مجلس الوزراء تتيح لكل فريق مع حلفائه، أن يتمسك بوجهة نظره. وإذا لم يحصل توافق على تعيين قائد الجيش مثلاً قد يؤدي التصويت إلى بقاء القائد الحالي في منصبه إلى أيلول المقبل. وبخصوص موضوع تمويل المحكمة الدولية في ظل وجود وزير للعدل (سليم جريصاتي) كان من عتاة رفضها وشكك في شرعيتها، تتفق مصادر العهد الرئاسي مع مصادر “المستقبل” على القول إن القرار في شأنها يعود إلى مجلس الوزراء وليس للوزير وحده، فضلاً عن أن الأخير صرح عند استلامه مهماته بأنه، مع احتفاظه برأيه القانوني حول المحكمة، يعتبر أنها جسم قائم واقعياً بحكم قرار صادر عن مجلس الأمن تحت الفصل السابع.

وتشير هذه المصادر إلى أن هناك أهمية لدور الرئيس عون في القضايا الخلافية هنا. فهل سيلعب دور الحكم، وهو ما يؤمل منه، أم أنه سينحاز إلى أحد الفريقين في مثل هذه الحالات؟ وتجيب المصادر بأن انحيازه قد يؤدي إلى مشكلة في مجلس الوزراء وعلى الصعيد السياسي، بحيث ينعكس الأمر على علاقته بأطراف تُعتبر حليفة له مثل “حزب الله” أو على تفاهماته مع “المستقبل” و ”القوات”، وبالتالي ستخضع الأمور في عمل الحكومة للاختبار في المرحلة المقبلة، وليس على فرض ما يريده فريق بعينه.