IMLebanon

تحقيق IMLebanon: بالأرقام… لبنان والفساد علاقة عضوية!

 

الفساد في لبنان وحش متمكن في مختلف المفاصل في الدولة اللبنانية والشواهد كثيرة.  فهو منتشر في أغلب المؤسسات الرسمية كما انه تحول الى جزء من ثقافة اللبناني من دون وجود اي خطوات جديدة لمواجهته.

مختلف المؤسسات ينخرها الفساد، اما الرشاوى فجزء اساسي من اجل إنجاز المعاملات، وعن المحسوبيات والمصالح الخاصة للمسؤولين فحدث بلا حرج، كل تلك الأمور تضعنا في أسفل لائحة الدول الفاسدة!

والامور نحو الأسوأ… فقد كشف تقرير مؤشر الفساد للعام 2016 الصادر عن “منظمة الشفافية الدولية” التي يقع مقرّها في برلين، عن احتلال لبنان المرتبة 136 عالميًا من أصل 176 دولة شملها التقرير الذي تعدّها المنظمة سنويًا. وعليه تراجع لبنان عن الموسم الماضي 13 مرتبة.

 لبنان وعلامة الـ28

نائب رئيس “الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية – لا فساد” مصباح مجذوب يشرح لـIMLebanon أن “لبنان حصل على 28 نقطة في مؤشر الفساد لعام 2016 وهذه العلامة هي نفسها التي حصل عليها في العام 2015، ولكن الفارق هذا العام هو دخول دول اضافية على الترتيبات بحيث أضيفت 9 دول جديدة فيما تم حذف بلد، وهناك دول قامت بتحسين علامتها لتتجاوزنا في الترتيب، أما نحن فنلنا النتيجة نفسها ولكن المحافظة على العلامة نفسها والتي هي ما دون المعدل الوسطي امر مؤسف ومأساوي لوضع البلد”.

ويشرح ان “هذا المؤشر يغطي الفترة من شهر ايلول 2015 وصولا لأيلول 2016 ما يعني ان الاحصاءات كانت قبل انتخاب رئيس للجمهورية وقبل ان يكون عندنا وزارة جديدة لشؤون الفساد، وقبل التصديق على قانون حرية الوصول الى المعلومات الذي يعتبر اساسيا لبدء الخطوة الاولى لمحاربة الفساد، ونحن بانتظار المراسيم التطبيقية”.

لا نتحسن…

من جهته، يؤكد رئيس قسم الأبحاث الإقتصادية والمالية في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل لـIMLebanon أنه “إذا لم يكن هناك تراجع في النتيجة فهذا لا يعني اننا نتحسن، وعلينا ألا ننسى أنه في العامين 2015 و2016 كنا نشهد شللا تاما في المؤسسات في فراغ رئاسي وحكومة لم تكن قادرة على اتخاذ القرارات كما يجب، ومجلس نواب مقفل لا يشرع غير للضرورة وهذا الامر يؤدي الى تراجع الرقابة في القطاع العام، لذلك ليس مستغربا ان يكون لبنان في هذا المركز”.

ويعتبر ان “موضوع الشفافية ومكافحة الفساد هو امر حيوي في كل دول العالم ولم يعد محصورا في دول معينة، فمكافحة الفساد والحوكمة والادارة الرشيدة امر حيوي أكان في القطاع العام او الخاص”.

ويرى غبريل انه “اليوم حصلت خطوات تضعنا على الطريق الصحيح منها انشاء وزارة لمكافحة الفساد، واقرار قانون الولوج الى المعلومات في القطاع العام. وهاتان الخطوتان اساسيتان وضروريتان لمحاربة الفساد وهذه الامور تعطي مؤشرات ايجابية على ان لبنان جدي بهذا الموضوع”.

لا شيء سوى الكلام!

على المقلب السياسي، يرى نائب رئيس تحرير صحيفة “النهار” نبيل بو منصف في حديث لـIMLebanon أن “النتيجة التي حصل عليها لبنان طبيعية لانه من العام الفائت وصولا لهذا العام لم يحصل اي أمر فعلي وجدي لوقف الفساد ومحاربته ووقف هذا الانحدار سوى بالكلام، ونحن اليوم نخوض تجربة جديدة عمرها شهرين ونصف مع رئيس الجمهورية الجديد ميشال عون والحكومة الجديدة”.

ويضيف: “لم يحصل اي شيء فعلي سوى بالكلام لمحاربة الفساد أكان في خطاب القسم او البيان الوزاري او بالشروع في تنفيذ ملف النفط الذي تحوم حوله شكوك كثيرة نظرا لتجربة الطبقة السياسية في تلك الامور، والأمر الايجابي الذي حصل هو اعلان انضمام لبنان الى مبادرة الشفافية التي تراقب الدول التي ستستخرج النفط والمعادن، بالإضافة الى تعيين وزير دولة لشؤون الفساد، ولكن كل تلك الامور تنفيذيا لم تبدأ بعد، ونحن لم نقم بأي ورشة جذرية بمسألة مكافحة الفساد بدءا من جذوره المزمنة”.

ويؤكد انه “على المستوى الرسمي نعتمد آليات مشبوهة وتثير الشكوك بكل ما يتعلق بالتلزيمات والمشاريع والمساعدات والتعهدات وذلك عبر توزيع وتقاسم المغانم وبالتالي لا نزال بحسب مؤشر الفساد لمنظمة الشفافية الدولية بين الدول الاكثر تورطا في الفساد في العالم”.

النظام الفاسد

أمّا عن الاساليب التي تؤدي لمكافحة الفساد، فيؤكد مجذوب أنّ هناك ثلاثة أمور يجب أن نهتم بها:

أولا، من الناحية التشريعية واقرار كل القوانين التي لا تزال في ادراج المجلس واهمها حماية كاشفي الفساد وقانون الحكومة الالكترونية خصوصا ان القانونين يعززان مصداقية المحاربة، من دون ان ننسى اننا وقعنا عام 2008 على معاهدة الامم المتحدة لمحاربة الفساد.

وثانيا، القيام بالأمور التنفيذية واقرار مراسيم القوانين التي اقرت من اجل تطبيق القانون.

أما ثالثا، فعلينا انشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وهذا الامر اساسي جدا من اجل محاسبة الفاسدين والوصول الى الشفافية في العمل”.

ويشدد على أن الزبائنية السياسية هي التي تؤدي الى انتشار الفساد، خصوصا ان النظام السياسي في لبنان هو الفاسد بكل الاحوال لأن التعيينات تحصل بحسب المحسوبيات لذلك يجب وضع قانون من اجل توعية المواطنين والقضاء على الفساد.

القوانين لا تنفع

من ناحيته، يشدد غبريل على انه “ليس بمجرد اقرارنا المشاريع وانشاء وزارة لمكافحة الفساد يعني ان لبنان سيتقدم في المراتب العام المقبل بل علينا ان نجد النتائج، فإقرار القوانين من دون تطبيقها لا يقدم ولا يؤخر، والاهم هي النتيجة التي تحصل على الأرض”.

ويلفت الى أن “العبرة بالتطبيق دائما وهناك مؤسسات يجب تفعيلها منها مؤسسات الرقابة في الدولة ودعمها واعطاؤها الاستقلالية التامة، ونحن بحاجة لشفافية في ارقام المالية العامة ومؤسسات الدولة الرديفة”.

ويؤكد “اليوم قمنا باتخاذ خطوات ممكن ان تحسن صورة لبنان بحسب المؤشر العالمي للفساد ولكن تلك الخطوات يجب ان تكون ملموسة وألا نكتفي بالنية، وهناك قوانين يجب تطبيقها كما يجب”.

من يؤمن بالتغيير؟

من جهة أخرى، يشير بو منصف الى أنه “لكي نبدأ بتغيير الصورة علينا ان نجد حلا جذريا من قبل الدولة بدرجة أولى ومؤسساتها نزولا تدريجيا الى المؤسسات الخاصة والمجتمع المدني، ولكن علينا ان نعطي مؤشرا اننا بدأنا بتلك الخطوة، حتى الآن قمنا بإعلان نوايا جيدة وايجابية ولكن ليس هناك اي مفاعيل تنفيذية بعد وبالتالي من الطبيعي ان نحتل في المرتبة الـ136 خصوصا اننا لم نشهد اي جهد لنؤكد ان لبنان بدأ يخطو خطوة نحو تنقية نفسه ولم نعطي المجتمع الدولي والمنظمات التي تقوم بتلك الاحصاءات اي رسالة مهمة وذات صدقية اننا بدأنا مسيرة ايجابية لمحاربة الفساد وتحصين نفسنا لنخرج من هذا الواقع الخطير”.

ويشدد على أن “الحل بحاجة الى استراتيجية كبيرة والى اشخاص يؤمنون بالتغيير لمحاربة الفساد من اجل تحسين صورتنا امام العالم، لذلك نريد اشخاصا نثق بهم ومتجردين ولا غبار عليهم عندها نكون بدأنا فعلا من انتشال البلاد من هوّة ساحقة نعاني منها منذ عقود”.