IMLebanon

كاغ ولازاريني: مَن يضمن أمنَ المناطق الآمنة في سوريا؟

 

 

كتبت مي الصايغ في صحيفة “الجمهورية”:

التوافق الذي أدّى الى إجراء الانتخابات الرئاسية اللبنانية العام الماضي وتشكيل الحكومة، ليس صعباً أن ينسحب على إقرار قانونٍ انتخابيّ وإجراء الانتخابات البرلمانية ضمن المهل الدستورية وتطبيق الكوتا النسائية، إذا توافرت الإرادة الحقيقة لذلك، في نظر المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ. سورياً، لا تُحبّذ كاغ إنشاء مناطق آمنة للنازحين السوريين، في ظلّ غياب تصوّر واضح حول مَن سيضمن أمنَ هذه المناطق.شكّلت سنة 2017 بدايةً جديدة للبنان، حيث تمّت إعادة انطلاق عجلة مؤسسات الدولة وتنشيط الإقتصاد، بعد انتخاب الرئيس ميشال عون وتشكيل الرئيس سعد الحريري للحكومة، وللإبقاء على هذا الزخم لا بدّ من التركيز على «إجراء الانتخابات النيابية اللبنانية ضمن المهل الدستورية، وأن يعكس القانون الإنتخابي التمثيلَ الحقيقي لفئات المجتمع، وضرورة إشراك المرأة في التمثيل السياسي بشكل مناسب بما في ذلك الكوتا النسائية»، على حدّ تعبير المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان.

وتقول كاغ خلال مؤتمر صحافي مشترك أمس مع نائب المنسّق الخاص والمنسّق المُقيم والمنسّق الإنساني للأمم المتحدة فيليب لازاريني في اليرزة: «مسؤولية السياسيين اللبنانيين الحفاظ على العادات الديموقراطية بإجراء انتخابات شفافة وفي موعدها، وننتظر نتائج الحوار بشأن القانون الإنتخابي»، مُشدّدةً على أنّه حين تكون هناك «إرداة كافية يمكن تحقيق التسوية والتوافق».

وتضيف: «لا أحد يتوقع أن يتمّ التمديد مرة أخرى للبرلمان ولا المواطنين يرحّبون بذلك».

وتذكّر كاغ بدعوة الأمم المتحدة للتشديد على أهمية «تطبيق القرار 1701 والعمل مع الشركاء الدوليين على دعم الجيش اللبناني للقيام بمهامه»، مُشيرةً الى «أنّ الأمم المتحدة تدعم الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري على تشكيل استراتيجية وطنية لمنع التطرّف العنيف ومعالجة مسبّباته».

وتشدّد على ضرورة حماية لبنان من المخاطر والتحدّيات، مُذكّرةً بأهمية إعلان بعبدا وسياسة النأي بالنفس للبنان، وهو أمر لطالما نادت به الأسرة الدولية، لافتة إلى أنّ «عمل الأمم المتحدة في خدمة لبنان يتمّ من خلال مقاربة متكاملة تضمّ الأمن والسلام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المُستدامة والمساعدة الإنسانية ومراعاة حقوق الإنسان».

وتذكّر كاغ بأنّ «الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس أكّد أولوية منع النزاع وتكلّم عن دفع في العمل الديبلوماسي من أجل السلام مع الإشارة الى أنّ الوقاية تتمّ أيضاً من خلال مقاربة متكاملة»، واعدةً بأن تُبقي لبنان خلال 2017 على خريطة دعم المجتمع الدولي.

وترفض كاغ اعتبار أنّ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب حظر دخول اللاجئين السوريين سيعمّق من تداعيات أزمة النازحين على لبنان.

وتقول: «مِن المبكر القفز الى أيّ إستنتاجات، المفوّض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في دمشق وسيزور لبنان، وقد أصدر تصريحاً ذكّر بفرص توطين اللاجئين ولا سيما الفئات الضعيفة، وتأمل المفوضية أن تستمرّ حماية اللاجئين وتأمين ملجأ آمن لهم، والولايات المتحدة لطالما كانت منخرطة في هذا الأمر، وهناك دول على غرار كندا أعلنت عن فرص لاستقبال العالقين والذي كانوا ينتظرون التوطين».

وتتابع: «نستمرّ في حمل القضية والتذكير بأنّ لبنان يحمل عبئاً ضخماً، وبأنّه يجب أن ينظر إليه كوضع خاص وتوطين اللاجئين في بلد ثالث بأسرع وقت». أمّا المناطق الآمنة التي دعا ترامب الى إنشائها في سوريا، فلا تعتبرها كاغ حلّاً.

وتتساءل: «كيف سيتمّ إنشاء هذه المناطق في سوريا، وأيّ سلطات ستتولّى أمنَ هذه المناطق؟»، مذكّرةً بأنّ التجارب مع المناطق الآمنة لم تكن ناجحة، فهناك قضايا عسكرية وسياسية ينبغي بحثها وتوافرها لتصبح المنطقة آمنة.

ويتّفق لازاريني مع كاغ بأنّ خلق مناطق آمنة لنقل اللاجئين اليها، يستدعي أن يشعر الناس بأمان وأن تكون هناك سلطات تتولّى أمن هذه المناطق. ويتساءل: «المناطق الآمنة وفق أيّ شروط؟».

ويقول: «لا نزال بعيدين عن إقامة مناطق آمنة، هذه الفكرة تطفو الى السطح مع غياب حلّ سياسي للأزمة السورية»، مذكّراً بتجربة المناطق الآمنة في البوسنة والهرسك والتي أدّت إلى مذبحة «سربرتشينا».

ويشدّد على أنّه طالما لا وجود لبدائل، علينا التركيز أن «لا نتخلّى» عن قضية اللاجئين.

وفي لبنان تحديداً، يؤكّد لازاريني «أهميّة تحويل أزمة اللاجئين الى فرصة خصوصاً للمجتمعات المضيفة». ويقول: «إنّ لبنان أظهر كرماً استثنائياً ولكنّ العبءَ كبير. ففي العام 2016 كان لبنان ثاني أكبر متلقّ للمساعدات الدولية بعد سوريا، ولكن رغم ذلك لم نستطع معالجة كلّ جوانب وذيول الأزمة»، مشيراً الى «ارتفاع نسبة الفقر والبطالة وتراجع الاستثمارات الاقتصادية وتداعياتها على الاقتصاد اللبناني».

وينوّه لازاريني بـ»خطة لبنان للإستجابة لأزمة النزوح السوري» التي تمّ إطلاقها الشهر الماضي بالتعاون مع الأمم المتحدة. ويقول: «منذ سنة كنا نتحدّث عن الشلل المؤسساتي، اليوم هناك حكومةٌ فاعلة، ووزيرٌ مختص في شؤون اللاجئين. لقد حصل لبنان على ما يقارب 1،6 و1،8 مليار دولار، وبالتالي التمويل بلغ حدّه الأقصى، لن نضاعف هذا المبلغ، ولا نتوقّع الحصول على دعمٍ من الأسرة الدولية أكثر من السابق».

ويختم لازاريني قائلاً: «إنّ معالجة الأزمة من الناحية الإنسانية فقط غير كافية، فنحن نحتاج الى ابتكار مشاريع إنمائية طويلة الأمد بما في ذلك الاستثمار في البنى التحتية والخدمات، التي من الممكن أن تحوّل الأزمة الى فرصة للّبنانيين، وتوفير التمويل عبر قروض ذات فائدة منخفضة بمساعدة البنك الدولي».