IMLebanon

صوموا بلا مخاطر صحِّية!

 

كتبت سينتيا عواد في صحيفة “الجمهورية”:

قبل بدء الصوم الكبير الذي يُصادف الإثنين المُقبل، لا بدّ من الإطلاع على أبرز التعديلات التي يجب إجراؤها بهدف تجنيب الجسم أيّ ردّات فعل عكسية قد تنتابه، والحرص على تزويده بالبدائل الغذائية الصحيحة منعاً لحدوث أيّ نقص في العناصر الرئيسة.

من المعلوم أنّ النظام الغذائي المُعتاد عليه يتغيّر خلال فترة الصوم ليصبح مقيّداً بخيارات معيّنة. ولعلّ أبرز أشكاله، الإمتناع إمّا عن المصادر الحيوانية بمختلف أشكالها (اللحوم الحمراء، والدجاج، وأحياناً السمك)، وإمّا عن الأجبان والألبان.

وفي هذا السِياق، شبّهت إختصاصية التغذية، راشيل قسطنطين، خلال حديثها لـ”الجمهورية” النظام الغذائي خلال الصوم بنظيره النباتي الذي يشتهر بفوائده المهمّة لغناه بالفيتامينات، والمعادن، ومضادات الأكسدة.

وتحدّثت عن أهمّ إيجابيات الغذاء النباتي الصحّية، فأشارت إلى أنّ “الدراسات العلمية ربطته بخفض خطر الإصابة بالضغط المرتفع نظراً إلى تقليل الأطعمة الغنيّة بالملح والصوديوم في مقابل زيادة إستهلاك البوتاسيوم المتوافر في الفاكهة والخضار، وتقليص الكولسترول السيّئ، والتحكّم في معدل السكر في الدم، وتقوية جهاز المناعة، ومحاربة الأمراض والإلتهابات، والمساعدة على التخلّص من الكيلوغرامات إذا تمّ تقسيم الحصص جيداً خصوصاً النشويات”.

وأكّدت أنّ “فترة الصوم التي يتمّ خلالها التركيز على الخضار، والفاكهة، والبقوليات (عدس، وحمّص، وفول، وفاصولياء)، ونشويات (خبز، ومعكرونة، وبطاطا، وبرغل) تملك آثاراً نفسيّة وروحية مهمّة جداً، ومنافع تُطاول مختلف أعضاء الجسم، ما يؤثّر إيجاباً في صحّة الإنسان ويساعده على ضمان توازنه الداخلي والخارجي”.

أطباق ذهبيّة

وقدّمت قسطنطين باقة من الأطباق الصحّية التي يمكن التركيز عليها خلال هذه الفترة لتزويد الجسم بجرعة عالية من أهمّ العناصر الغذائية التي يحتاج إليها:

ـ الهندباء: مليئة بالكالسيوم، والبوتاسيوم، والفوسفور، والحديد، والنحاس، والماغنيزيوم. توصّل العلماء إلى أنّ الهندباء تساعد على خفض معدل السكر في الدم، وتعزّز الهضم ومختلف وظائف المعدة، وتقي من أمراض القلب وتصلّب الشرايين، وتُنشّط خلايا الدم، وتطرد السموم من الجسم، وتُنقّي المعدة.

ـ ورق العنب: غنيّ بالبوتاسيوم، والحديد، والفوسفور، ومليء بالفيتامينات كالـA، وB1، وB6، وC. تبيّن أنه يخفّض مستوى الكولسترول السيّئ، وينظّم وظائف القلب ويحميه من الأمراض، ويعزّز نشاط الكبد، ويقاوم الإلتهابات، وينشّط الدورة الدموية، ويُفيد مرضى السكري.

ـ السِلق والسبانخ: يحتويان الحديد، والكالسيوم، والماغنيزيوم، والبوتاسيوم، وجرعة هائلة من مضادات الأكسدة، والفيتامينات خصوصاً A، وC، وE.

ـ البقوليات: مشبّعة بالبروتينات النباتية، والأحماض الأمينية، والألياف المهمّة للوقاية من الإمساك وخفض مستوى السكر في الدم.

ـ السمك كالسلمون، والتونة، والسردين: غنيّ بالفيتامين D خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بالسردين المليء أيضاً بالكالسيوم.

كلّ هذه الأنواع تزوّد الجسم بالفيتامين B12 الذي يتدنّى خلال فترة الصوم بما أنه موجود تحديداً في اللحوم الحيوانية. وبذلك يساهم السمك في الوقاية من فقر الدم، ودعم وظائف الدماغ والجهاز العصبي.

كذلك يحتوي هذا الطعام مادة الأوميغا 3 المهمّة لصحّة القلب والوقاية من تصلّب الشرايين، جنباً إلى البروتينات خصوصاً القريدس الذي يُعتبر مصدراً مهمّاً أيضاً للكالسيوم، واليود الأساسي للغدّة الدرقية، والحامض الأميني  Tryptophanالذي يحسّن المزاج، والسلينيوم الذي يحمي من السرطان، ومعادن الفوسفور، والحديد، والنحاس، والماغنيزيوم. لكن يجب تناول القريدس بإعتدال لغناه بالكولسترول.

لتفادي نقص هذه المواد

من جهة أخرى، لفتت إلى “إحتمال التعرّض لمخاطر صحّية عديدة في حال الصوم عشوائياً وإهمال نوعية الأكل. ولعلّ أبرز العناصر الغذائية التي يتدنّى مستواها خلال هذه المرحلة:

ـ الحديد: مهمّ جداً لتكوين خلايا الدم الحمراء، ما يعني أنّ إنخفاضه في الجسم يسبب فقر الدم. إنه متوافر خصوصاً في اللحوم الحمراء، وبما أنّ الكثيرين يمتنعون عنها خلال الصوم، من المحتمل جداً تدنّي مستوياته. صحيح أنّ الجسم يمتصّ الحديد بسهولة من المصادر الحيوانية، إلّا أنه يمكن إستمداده من المصادر النباتية (العسل، والعدس، والفاصولياء البيضاء، وفول الصويا، والقمح، والسبانخ) شرط إضافة إليه الفيتامين C لتعزيز إمتصاصه. يمكن مثلاً شرب عصير الليمون الطازج مع الأكل، أو إضافة عصير الحامض إلى السَلطات والأطباق.

ـ الفيتامين B12: متوافر خصوصاً في اللحوم، والسمك، والبيض. إنه أساسي لخلايا الدم الحمراء، والوظائف العصبية لأنه يدخل في صناعة غلاف المِيالين للألياف العصبية. إلى جانب التركيز على السمك خلال هذه الفترة، يمكن إستهلاك الأطعمة المدعّمة بالفيتامين B12، كالصويا، والفول المدعّم، ورقائق الذرة المدعّمة.

ـ الكالسيوم: يمكن الإفتقار إلى هذا المعدن المهمّ لصحّة العظام والأسنان في حال التوقف عن إستهلاك الأجبان والألبان. للتعويض عنه، يُنصح باللجوء إلى مصادره الأخرى كالسمسم، والسردين، والخضار الورقية الخضراء، والبروكولي، والصويا، والمنتجات المدعّمة به كرقائق الذرة.

ـ البروتينات: متوافرة خصوصاً في اللحوم الحمراء، والدجاج، والسمك. إنها أساسية لبناء الأنسجة، وتزويد الجسم بالقوّة والطاقة. لتفادي نقص البروتينات، يمكن التركيز على مصادرها النباتية كالصويا، والفول، والحمّص، والكينوا، والفاصولياء، والمكسرات، والبذور، والأفوكا، والسمك، والقريدس.

مَن عليه الحذر؟

ودعت خبيرة التغذية بعض الأشخاص إلى الحذر من الصوم أو التصرّف بتهوّر خلال هذه الفترة تفادياً لأيّ تعقيدات مُحتملة، وتحديداً:

ـ مرضى السكري: خصوصاً من النوع الأول الذين يتلقّون الإنسولين بما أنّ عليهم الإلتزام بمواعيد محدّدة، لذلك يجب إستشارة الطبيب أو خبير التغذية لمراقبة معدل السكر لديهم بإنتظام وتفادي هبوطه.

الأفضل عدم الإمتناع عن الأكل، وفي حال أرادوا الصوم عليهم فحص معدل السكر بإنتظام، والحذر من أعراض الجفاف بسبب إنخفاض شرب المياه، وتعديل البروتوكول الغذائي بشكل مناسب خصوصاً في ما يخصّ النشويات التي يجب أن تكون كاملة (خبز نخالة، وأرزّ أسمر، ومعكرونة سمراء) بما أنها تساعد على إستقرار معدل السكر في الدم وتضمن الشبع لوقت أطول.

ـ مرضى القصور الكِلوي المُزمن: يؤثّر الصوم في مياه الجسم وأملاحه، ما يزيد مضاعفات القصور الكِلوي. لذلك يجب على هؤلاء الأشخاص عدم الإكثار من الخضار والفاكهة الغنيّة بالبوتاسيوم والبروتينات بما أنهما يرفعان معدل البوتاسيوم واليوريا في الدم. يمكنهم الصوم شرط تناول الأطعمة بإعتدال وبإشراف الخبراء المعنيين.

ـ الحوامل: صحيح أنّ جسم المرأة قادر على حماية الجنين خلال الصوم، لكن يجب الحذر من ألّا يكون ذلك على حساب صحّتها. في حال الشعور بأعراض معيّنة، كأوجاع الرأس، ومشكلات في الهضم، وحرقة، وإمساك، يجب على الحامل التوقّف فوراً عن الصوم والإنتباه إلى كمية أكلها ونوعيّته، والتركيز على المواد الصحّية المتنوّعة كالخضار والفاكهة، والبقوليات، والسمك، والنشويات الكاملة، ومصادر الكالسيوم والبروتينات، وتفادي الأطعمة الغنيّة بالسكر والدهون منعاً لزيادة الوزن، وشرب كمية جيّدة من المياه، والحصول على المكمّلات الغذائية اللازمة في موعدها لتفادي أيّ نقص أو تعب.

ـ الأطفال والمسنّون: يُعتبرون من بين الفئات العمرية الدقيقة، ويجب دراسة كلّ حالة على حدة لمعرفة قدرتها على تحمّل الصوم.

خطوات أساسية

وختاماً أوصت قسطنطين قرّاء “الجمهورية” بـ:

1ـ تنظيم الوقت جيداً للسماح بالحصول على الوجبات الغذائية الرئيسة الثلاث، فيتمّ تناول الفطور عند الساعة 12 ظهراً، والغداء ما بين 3 و4 عصراً، والعشاء 8 مساءً، مع تأمين سناكين بينها (فاكهة، أو مكسرات نيّئة، أو خضار طازجة) لتفادي الشعور بالجوع الذي يدفع إلى إستهلاك كمية طعام أكبر على الوجبة التالية.

2ـ  التنويع قدر الإمكان وعدم التركيز على عناصر غذائية معيّنة على حساب إهمال مجموعات أخرى.

3ـ  الإكثار من شرب المياه لتعويض النقص الذي يحصل عند الصوم لـ12 ساعة، وتفادي الجفاف، وتنشيط الجسم، ومساعدته على طرد السموم والدهون عن طريق البول.

4ـ ممارسة الرياضة بإعتدال، كالمشي والهرولة، لتفادي زيادة الوزن.

5ـ خفض جرعات مصادر الكافيين لأنها تدرّ البول وبالتالي تعزّز الجفاف. الأفضل إستبدال القهوة والشاي الأسود بالمياه، والزهورات، والشاي الأخضر.