IMLebanon

إنتظار الحرب أو السلم (بقلم بسام أبو زيد)

 

كتب بسام أبو زيد

لن يكون لبنان أبدًا بعيدًا عن أي توتر أو تحسّن في العلاقة الأميركية – الايرانية. وبما أنّ كلّ المؤشرات المتوفرة إلى الآن تشير الى أنّ كفة التوتر هي الراجحة، فسيكون لبنان أقلّه المنصّة الخلفية لتبادل الاتهامات والتحريض بين من يدورون في فلكي الإيرانيين والأميركيين أو حلفائهم.

قد يكون من حسن حظ لبنان أن يبقى في داخله بين هاتين القوتين صراع اتهامات وتصريحات وتحريض، وألا يتطور بالدرجة الأولى إلى صراع سياسي داخلي يعطل البلد ويشلّ مؤسّساته، وينذر بأي لحظة في اندلاع مواجهات على خلفيات مذهبية لأنّ وقود هذه المواجهات يكمن تحديدًا في التوتر الذي تأثيره الهجمات المتبادلة بين أطراف لبنانية ضدّ السعودية من جهة وإيران من جهة ثانية وتحديدًا بين “حزب الله” وتيار “المستقبل”.

وإذا كان الصراع الميداني الداخلي مازال يتمتّع بضوابط، تنطلق من أنّ لا الأميركيين ولا الإيرانيين يرغبون بتعزيز حال التطرف في لبنان، فإنّ الخشية الأكبر تكمن في الخطر الأكبر، وهو إمكان اندلاع حرب مع الإسرائيليين يسهل إيجاد المبرر لها ولا سيما من قبل الإسرائيلي.

في هذا المجال، لا يرى المتابعون للسياسة الأميركية الجديدة وللوضع في الشرق الأوسط أي مؤشرات حاسمة تقول بأنّ حربًا من هذا النوع قد أصبحت وشيكة.

ففي الولايات المتحدة ما زالت إدارة ترامب تستكمل ذاتها، وهمها الأساس أن تنطلق في قرارات وتدابير تعيد التوازن إلى الداخل الأميركي بين الموالين والمعارضين، وألا تصاب بالمزيد من النكسات في قرارات تتخذها، على أن تنصرف فيما بعد إلى مواجهة الاستحقاقات الخارجية ومن ضمنها الاستحقاق الإيراني.

في هذا الاستحقاق تتحضّر الإدارة الأميركية جيدًا لممارسة ضغوط على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهي ضغوط قد تقود إلى احتمالين: الأول هو أن ترضخ القيادة الإيرانية لها تحت عنوان مصالح اقتصادية وانفتاح عالمي، والاحتمال الثاني هو عدم الرضوخ تحت عنوان أنّ خطوة كهذه ربما تصيب تصدير الثورة بأضرار والدور الإيراني في المنطقة بتراجع ليس هو من مصلحة القيادة الإيرانية والمتشددين فيها.

إنّ الاحتمال الثاني وهو المرجح وقد استعد له الإيرانيون في شكل جيد ويواصلون الاستعداد له، ويدرك الأميركيون هذا الواقع ولذلك يعملون على تحضير مواجهة دبلوماسية وسياسية أولا، مع وضع خطط لأيّ مواجهة عسكرية محتملة، وهي مواجهة يدرك الأميركيون أنّ مسرحها لن يكون في إيران فقط بل ستمتد إلى مناطق أخرى في الإقليم ومنها لبنان.

في هذه المواجهة، يشير المتابعون إلى أنّ لإسرائيل و”حزب الله” دورا أساسيا فيها، لا سيما وأنّ جدالا قد بدأ داخل الإدارة الأميركية عن مسار أي ضربة عسكرية ما إذا كانت تشمل الرأس فقط أم الأطراف أيضا، مع الإدراك بأن أي شكل من أشكال هذه المواجهة لن يكون سهلا بل هو صعب ومدمر. وهنا تبرز مسؤولية الحكم و”حزب الله” في لبنان لجهة تحييد هذا البلد عن أي صراع عسكري قد يشهده المسار الأميركي الإيراني، علما أنّ ضمان الموقف الإسرائيلي بعدم الاعتداء على “حزب الله”  في لبنان هو من الأمور التي لا يمكن الجزم بها، رغم أنّ الفاتورة التي سيدفعها كل من إسرائيل ولبنان على حدّ سواء ستكون مرتفعة.

في السنتين الأوليتين من حكم ترامب، كل الأمور متوقعة في العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكل القرارت في هذا المجال ستتخذ في خلالهما، لأنّ الجمهوريين يسيطرون على الكونغرس وبالتالي قد تتصاعد طموحاتهم أيضا للسيطرة على المنطقة.