IMLebanon

عين الحلوة… طريق الجهاد (بقلم بديع قرحاني)

 

بقلم بديع قرحاني

ليس سراً أنّ ارتفاع صور الزرقاوي واللافتات المؤيدة  للدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) في داخل مخيم عين الحلوة، اضافة الى صور العديد من “الشهداء” الذين سقطوا في العراق وسوريا هو تعبير صريح عن  مدى انتشار الفكر “الجهادي” أو “التكفيري” داخل المخيم. وهذا الواقع هو عنوان واضح باتجاهين الخصومة القائمة مع “حزب الله” من جهة ومع الدولة اللبنانية من جهة ثانية.

إنّ ما يحدث داخل مخيم عين الحلوة  جنوب لبنان، من اشتباكات من حين الى آخر ومن فترة لأخرى، وتحت عناوين مختلفة لهذه الاشتباكات المرفوضة لبنانيا وفلسطينيا، وبما أنّ لمخيم عين الحلوة خصوصية امنية لبنانية ودولية، وذلك بسبب انتشار فكر الجماعات الاسلامية المسلحة، وبعض هذه الجماعات  العابرة للحدود جعلت هذا المخيم تحت المجهر الأمني دوليا، هذه الجماعات التي لا يخفي بعضها نهائيا ارتباطه بتنظيم “القاعدة” على الأقل فكريا.

ومن ابرز هذه الجماعات جماعة “عصبة الانصار” الذين يعتبرون أنّ ابن لادن رمز جهادي وعنوان لمحاربة الاستكبار الاميركي، اضافة الى مجموعات إسلامية صغيرة ترتبط بشكل مباشر مع تنظيم “داعش” او “النصرة”. وهذه المجموعات تحاول الاستفادة من تدخل “حزب الله” في العراق وسوريا لتجنيد المزيد من العناصر المؤيدة لهذا الفكر تحت عنوان ظاهري مواجهة “حزب الله” وعنوان باطني مواجهة الدولة اللبنانية، حيث أنّ معظم هذه المجموعات قد أعلنت بشكل أو بآخر تكفير الدولة اللبنانية والجيش اللبناني وغالبية الطوائف اللبنانية ومن ضمنهم معظم رموز الطائفية السنية.

كانت لي لقاءت عدة أجريتها في السابق مع كبار رموز التيار السلفي الجهادي في أفغانستان وذلك في التسعينيات، وكان ابرزها  اللقاء الذي أجريته مع  السوري مصطفى ست مريم المعروف باسم ابو مصعب السوري، والذي كان يشرف على معسكر خاص به يحمل اسم “معسكر الغرباء” في كابول  قبل أن يتم اعتقاله من قبل الاستخبارات الأميركية في باكستان في عام ٢٠٠٥. وقال لي حرفيا عندما سألته عن لبنان: “إن كلفة تدريب اي أخ يريد ان يأتي الى أفغانستان من أجل الجهاد مرتفعة جداً، وهي تقارب الألفي دولار أميركي، وحماية المتدربين بعد عودتهم الى بلاد الشام عملية صعبة وبالغة التعقيد لأن كل من يأتي الى افغانستان يصبح مشبوهاً، ولذلك تم اتخاذ قرار على مستوى القيادة يقضي بأن يذهب الاخوة الى مخيم عين الحلوة لأن الكلفة هناك اقل و لن تكون هناك شبهات. ونظرية أبو مصعب السوري تقول إنّ الجهاد قادم لا محالة الى سوريا ولبنان، كجزء من “المقاومة الاسلامية العالمية”، ولا بد من ضرب فرنسا بسبب تدخلها في لبنان”، مما يعني وبشكل واضح وصريح أنّ مخيم عين الحلوة لطالما كان هدفا استراتيجيا لهذه الجماعات ومنذ زمن بعيد.

وفي عام ٢٠٠٨ قمت بإعداد ريبورتاج لصالح القناة الفرنسية – الألمانية Arte وأجريت أثنائها لقاءات عدة، وكان ابرزها مع “عصبة الانصار” و”الاسلامية المجاهدة”، إضافة الى “شحادة جوهر” الذي اغتيل فيما بعد، والذي كان يشكل حالة منفردة شأنه شأن العديد من الإسلاميين المتواجدين اليوم على الساحة داخل مخيم.

اذكر تماما ما قاله المسؤول الاعلامي لعصبة الانصار الشيخ شريف عقل: “نحن صِمَام أمان داخل المخيم” وبالرغم من تأييده العلني لزعيم تنظيم “القاعدة” اسامة بن لادن، الا انه أضاف: “نحن أبناء هذا المخيم وقد ولدنا هنا وعائلاتنا تعيش هنا داخل المخيم ، فلا يمكن لعصبة الانصار الا ان تكون متعاونة مع الدولة اللبنانية والجيش اللبناني،وسوف نقف في مواجهة اي مشروع يستهدف الجيش، ولم يخفي عقل امتعاضه، من وجود أفراد ومجموعات صغيرة غير منضبة من بينهم أنذاك “جند الشام”.

بناء على هذا الواقع لا بد من حل جذري لموضوع مخيم عين الحلوة كي لا نصل الى يوم يكون فيه الحل باهظ الثمن على الجميع فلسطينيا ولبنانيا.

والحل ليس فقط أمنيا، بل هو حل اقتصادي واجتماعي لإخراج المخيم من واقعه المزري والمعيب في آن، ومن ثم يأتي الحل الأمني، كما انه يتوجب العمل بجدية من الجهات الفلسطينية وخاصة عصبة الانصار التي أعلنت انه من غير المقبول لجوء الفارين من وجه العدالة اللبنانية الى المخيم، كما يجب على عصبة الانصار بالتعاون مع كافة الفصائل الفلسطينية منع تواجد اي من المجموعات التي تحمل افكارا تكفيرية وقد تستهدف الامن في لبنان، وتسليمهم الى الدولة اللبنانية، وصولا الى نزع السلاح الفسلطيني من داخل المخيم وتكون السلطة الشرعية اللبنانية الوحيدة التي تبسط الامن داخل المخيم.

كما انه من الواجب الوطني والاخلاقي ان تقوم الدولة اللبنانية بإصدار قوانين تسمح فيها للفسلطينيين المقيمين في لبنان ان يحصلوا على حقوقهم المدنية كاملة، وبصورة خاصة العمل، وان ينعموا بحياة كريمة، فالواقع يقول نحن أمام جيل ثالث من اللاجئين الفلسطينيين في ومعظمهم لا ترابطهم اي صلة بفلسطين الا الاسم! بانتظار حق العودة ان تحققت يوما ما.