IMLebanon

نقيب المحامين: التعديلات لبعض مواد قانون الاجراءات الضريبية مرفوضة

 

 

 

عقد نقيب المحامين في بيروت انطونيو الهاشم مؤتمرا صحافيا، حدد خلاله موقف النقابة ونقابات المهن الحرة من التعديلات المقترحة لبعض مواد قانون الإجراءات الضريبية”، مؤكدا انها “مخالفة للدستور وللمعاهدات الدولية لجهة عدم المساواة بين المكلفين في سداد الضرائب ودور المواطنين في الدفاع عن حقوقهم”.

هاشم، وفي كلمة ألقاها في المؤتمر، قال: “كان لغياب الموازنة العامة والموازنات الملحقة لسنوات خلت، الأثر السلبي على الوضع المالي بالنظر لتزايد الحاجات الضرورية للادارة العامة التي تواجهها مشكلة غياب الإيرادات التي من شأنها تغطية الزيادة في الإنفاق. هذا الأمر أدى إلى مضاعفة الدين العام، كما وأدى إلى الحد من إمكانية تنفيذ المشاريع ذات المردود الإقتصادي على البلد ما استوجب المضي بورشة إصلاحات تبدأ بتحديث الدولة لتشريعاتها”.

أضاف: “إلا أن ثغرات عدة طالت هذا المشروع بحيث أظهر سلسلة إجراءات غير مبررة لزيادة الإيرادات الضريبية وغيرها لتغطية بعض النفقات وتأمين التوازن للحد من وتيرة إزديار عجز الموازنة. إلا أن الأمر لم يأت بنتائجه على ما كان المراد، تحت شعار الحفاظ على الإستقرار المالي والخزينة العامة، ومع عودة موضوع السلسلة إلى التداول، عاد تمويلها مادة يستحضرها الرافضون لإقرارها، لضرب مطالب الشعب”، مشيرا الى ان الرافضين للسلسلة من السياسيين، يغضون النظر عن مصادر الفساد والهدر التي يمكن ان تشكل مصادر تمويل حقيقية دون اللجوء إلى جيوب المواطنين”.

وتابع: “إذا كانت هذه الشركات أو المؤسسات غير قادرة على دفع غراماتها وضرائبها، فهل من الجائز ان تلجأ الدولة إلى تهديد كاهل المواطن العادي بفرض ضرائب إضافية؟ إن الجهود المبذولة من نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس ونقباء المهن الحرة إلى جانب السادة أعضاء المجلس النيابي، إنصبت وتصب على تظهير معالم استقلالية السلطة القضائية طمعا بقضاء أفضل. وهذه المساعي تستدعي المحافظة على كل ما هو ضمانة معنوية للقضاة بحيث لا يجوز تضمين أي من النصوص ذكرا لصندوق تعاضد القضاة في عداد سائر الصناديق، ما استوجب العمل على حذف هذا البند من نص المادتين 33 و35 من المشروع مع إدخال عبارة “ما عدا القضاة” على الأولى وإضافة عبارة “ما عدا صندوق تعاضد القضاة” في آخر عنوان المادة 35 من هذا المشروع”.

أضاف:”أما المادة 24 من مشروع قانون السلسلة، فمن غير الجائز إدراج نصوص تتعلق بالعطلة القضائية في معرض مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب. فللسلطة القضائية قوانينها الخاصة ولا يدخل القضاة في عداد الموظفين، وبالتالي لا يجب المساس بمدة العطلة القضائية التي لا تتجاوز الشهرين بعدما كانت شهرين ونصف، فإلى جانب المستوى المعيشي اللائق المفروض تأمينه للقضاة كي يتمكنوا من الإنصراف كليا إلى عملهم، لا بد من تأمين ضمانات كافية تشجعهم على الصمود وتحفزهم على المزيد من الجهد”.

وتابع: “في ما يتعلق بنا كنقابة محامين، فهي ما اجتمعت مع السياسة في تلاق مرة، إلا حين كانت النقابة ترى نفسها في موقف دفاع واجب عن كرامتها وديمومتها ضد محاولات النيل منها أو هضم حق من حقوقها، فما كانت تخرج من ذلك الموقف إلا ظافرة، لأن الحق شعارها ولا شي غيره. ففي كل مرة تمتد اليد إلى موارد النقابة كان الموقف حاسما ومحذرا. فنضالنا الذي سيقارب المئوية الأولى بعد سنتين، نضال دائم ومستمر مع القضاء، فنحن وإياه في خندق واحد ونهدف برسالة واحدة إحقاق الحق ورسم أبهى صور للعدالة”.

وقال: “ثمة ملاحظات حول أهم البنود الورادة في مشروعي تمويل السلسلة والموازنة وهي مستوجبة الدرس والمناقشة أكثر فأكثر تفاديا لردود الفعل السلبية عليها ولكي لا تمر مرور الكرام. لذا فإن استحضار نصوص قانونية متفرقة في قانون الموازنة لا تمت إليه بصلة، يفترض أن تكون بشكل قوانين مستقلة. كما وان من شأن التعديلات المقترحة لبعض مواد قانون الإجراءات الضريبية ولا سيما المواد المتعلقة بزوال الموجب الضريبي والتحصيل أي مرور الزمن على التحصيل. فقد تم تبرير ذلك بالنقص الذي تعاني منه الإدارة في ملاكاتها والذي يحول دون تمكينها من إتخاذ الإجراءات الآيلة إلى عدم سقوط الضرائب غير المسددة بمرور الزمن”.

أضاف: “التعديلات مرفوضة وفقا لرأي هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل، لعلة مساسها بالحقوق والضمانات الأساسية المعترف بها للمكلف تجاه ممارسة حق الإعتراض على أي تكليف بالضريبة، ولمخالفتها مبدئيا المساواة أمام الأعباء العامة واستقرار الأوضاع القانونية وللمبادىء العامة لقانون المحاسبة العمومية”.

وأورد “ملاحظات حول أهم البنود الضريبية الواردة في مشروعي تمويل السلسلة والموازنة:

1 – فرسان الموازنة (“les cavaliers budgétaires”):

وجود نصوص قانونية متفرقة في قانون الموازنة لا تمت إليه بصلة ويفترض أن تكون موضوع قوانين مستقلة. الإستفادة من حجم البنود والإعتمادات التي تستوجب الدرس والنقاش كما والضجيج الإعلامي الذي يرافق التصويت على الموازنة لتفادي ردود الفعل السلبية عليها وتسهيل تمريرها دون درس متمعن.

2 – التعديلات المقترحة لبعض مواد قانون الإجراءات الضريبية رقم 44/2008.

أ‌- تعديل المواد المتعلقة بزوال الموجب الضريبي والتحصيل (مرور الزمن على التحصيل):

تم تبرير ذلك بالنقص الكبير الذي تعاني منه الإدارة في ملاكاتها ويحول دون تمكينها من إتخاذ الإجراءات الآيلة لعدم سقوط الضرائب غير المسددة بمرور الزمن.

جرى عرض الموضوع مرارا في السابق على مجلس الوزراء الذي حوله إلى هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل التي أصدرت رأيين مماثلين بهذا الخصوص رفضا للتعديلات المقترحة لعلة مساسها بالحقوق والضمانات الأساسية المعترف بها للمكلف تجاه ممارسة حق الإعتراض على أي تكليف بالضريبة كما ولمخالفتها كل من مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة ومبدأ إستقرار الأوضاع القانونية والمبادئ العامة لقانون المحاسبة العمومية.

ب – تعديل المادة 27 من قانون الإجراءات الضريبية المتعلقة بإجراءات التبليغ:

” يسمح هذا التعديل للادارة عندما تكون ملزمة بتبليغ المكلف بالاكتفاء وفقا لخيارها بإرسال التبليغ بواسطة الفاكس أو البريد الإلكتروني بدلا من الآلية الراهنة أي الإشعار عن طريق التبليغ الشخصي والتوقيع على الاستلام. يمس بحقوق المكلف لجهة ممارسة حقه بالاعتراض قبل مرور الزمن.

ت – تعديل البند 3 من المادة 54 من قانون الإجراءات الضريبية المتعلقة بإسترداد الضريبة:

“تم الربط هنا بين حق إسترداد الضريبة من جهة والإمكانية للإدارة الضريبية بتمديد مهلة رد المبلغ المستحق ووضع ملف المكلف على برنامج التدقيق الضريبي عن فترات سابقة لطلب الإسترداد.

“كيدي وتعسفي وتهديدي بمعنى أنه يعتمد التخويف (chantage) لثني المكلف عن المطالبة بحقه وإلا يفتح ملفه وإن زورا وعن غير وجه حق.

3 – تعديل بعض أحكام قانون ضريبة الأملاك المبنية المتصلة بالشغور.

“إن التعديلات المزمع إدخالها على القانون بحيث تستحق الضريبة بعد إنقضاء مهلة محددة للشغور (6 أشهر أو 18 شهر لتجار الأبنية) وإن بقي البناء شاغرا، أو لجهة تعديل التقديرات المباشرة الخاضعة لضريبة الأملاك المبنية للوحدات المشغولة من غير المستأجرين أي المالكين فيها إجحاف وتجاهل لأبسط المبادئ الضريبية.

“لا يجوز التكليف بالضريبة دون إيراد محقق فعليا؛ سيما لجهة أن التكليف المقترح هنا مفروض على دخل وهمي غير مترتب وغير مستحق وغير مقبوض مما يفضي إلى أن الحدث المنشئ للتكليف غير متوفرة أو متحققة عناصره في الحالة الحاضرة حتى إذا ما إعتبرنا (وعن غير حق) أن المالك الذي يقطن مسكنه مستأجر من نفسه.

“وإذا ما اعتبرناه رسما كما في البلاد الأخرى (taxe foncière)، فأن فرض الرسم مرتبط بتقديم خدمة مقابلة من قبل الجهة المكلفة ويؤول مردوده وريعه إلى السلطات المحلية (بلدية، إتحاد، إلخ.) لا إلى الخزينة.

 

4 – التعديلات المقترحة على المرسوم الإشتراعي رقم 46/83 الخاص بشركات الأوف شور.

“أي زيادة قيمة الضريبة المقطوعة من مليون ليرة سنويا إلى خمسة ملايين ليرة لبنانية كما والتشدد في العقوبات وإلغاء بعض الإعفاءات.

“لا يستحسن القيام بها في الظروف الراهنة نظرا لما تمثله هذه الشركات من حافز للاستثمار وجذب للرساميل الضرورية.

“أي تعديل غير مدروس سيؤدي حكما إلى نقل محافظ إستثمارات هذه الشركات، ولا سيما الأساسية منها، إلى شركات موجودة أو ستؤسس في الخارج في إطار قوانين ضريبية محفزة (لا تفرض أي ضريبة عليها) كتلك الموجودة في قبرص والإمارات العربية المتحدة.

5 – تعديل المادة 51 من القانون رقم 497 تاريخ 30/1/2003.

“إن الإعتراض هنا هو على البند ثانيا من المادة 22 من المرسوم 10415 الرامي إلى تمويل سلسلة الرتب والرواتب والمادة 67 من مشروع قانون الموازنة للعام 2017.

يتضمن زيادة عبء ضريبي على الأشخاص الخاضعين للتكليف على أساس الربح المقطوع ولا سيما منهم المهن الحرة (محامين، مهندسين، أطباء، وإلخ.) دون سواهم من المكلفين كالموظفين والأجراء، يتمثل بإلزامية إدخال الإيرادات المالية المدفوع عنها الضريبة في إحتساب إيراداتهم السنوية المهنية الخاضعة لضريبة الدخل.

هذا التدبير يفرض ازدواجية ضريبية (تسديد ضريبتين على نفس الإيراد). يخالف مبدأ المساواة أمام الضريبة المنصوص عنه في كل من الفقرة (ج) والمادة 7 من الدستور اللبناني (“المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل”) ويجعله قابلا للطعن أمام المجلس الدستوري. يصعب تطبيقه في ظل استفادة المقيمين من قانون السرية المصرفية. من الأفضل إدراجه ضمن مشروع شامل متكامل للضريبة الموحدة على الدخل خاضع للبحث والتمعن.

6 – الإجازة لوزير المالية تحديد فئات المكلفين الذين يستوفى منهم مبلغ على حساب الضريبة المتوجبة (المادة 59):

هذا الإجراء تعسفي ويتجاوز صلاحيات الوزير وحد السلطة، بحيث يعود للمشرع وحده وإستثنائيا لمجلس الوزراء مجتمعا أمر تحديد من يطاله التكليف أو يلزم بالإقتطاع وذلك عملا بأحكام المادتين 81 و82 من الدستور اللبناني. يفتح الباب للإستنساب والتجاوزات والكيدية (لا سمح الله).

7 – بالنسبة لسائر التعديلات الحاصلة في مواد متفرقة من قانون رسم الطابع المالي المنظم بالمرسوم الإشتراعي رقم 67/67 (المواد 49 لغاية 57 من مشروع قانون الموازنة للعام 2017):

نحذر من الإستسهال في فرض ضرائب غير مباشرة تعمق الهوة مع الضرائب المباشرة وتطعن بالعدالة والمساواة الضريبيتين. كان يقتضي أن تترافق مع إجراءات وتعديلات ضرورية أخرى كفرض الرسم على أصل الصكوك فقط (وليس على النسخ مهما تعددت)؛ أو تمديد مهل التسديد (10 أيام بدلا من 5)؛ أو آليته، بحيث يصبح يستوفى في السجل التجاري مباشرة.

8- الرسم السنوي المقطوع (المادة 29 من القانون رقم 173/2000) الذي حدد القانون رقم 20 تاريخ 10/2/2017 تاريخ انفاذه إبتداء من 2018: عدم ملاءمة إدخال رسم جديد كهذا، غير عادل وغير محق وغير مرتبط بتحقيق أرباح، على المشهد الإقتصادي والواقع الإجتماعي اللبناني المتأزمين أصلا وتحميل وزر عبئه لجميع فئات المكلفين على إختلاف إنتماءاتهم ومشاربهم. نقترح إلغاءه نهائيا”.

أضاف: “إننا وفي المناسبة، نسجل لدولة الرئيس الزميل الأستاذ نبيه بري موقفه الحاسم والمؤازر لموقف نقابة المحامين ووقوفه إلى جانبنا كما وإلى جانب القضاء كسلطة، عبر سحب البنود والمواد التي تمس أو تنال من هيبة وكرامة هاتين المؤسستين. كما وننوه بالدور الحاسم أيضا لمعالي وزير العدل الزميل الأستاذ سليم جريصاتي الساند والداعم للقضاء من خلال تأكيده المطلق والداعم لعمل صندوق التعاضد وحرصه التام على عدم المس بالعطلة القضائية، والشكر أيضا إلى معالي وزير المالية الزميل الصديق علي حسن خليل لتجاوبه السريع مع مطالبنا وسحب المادة 77 من مشروع الموازنة من التداول إلى النواب الكرام الذين تفهموا موقفي مجلس القضاء الأعلى ونقابة المحامين”.

وختم: “إننا في السياق عينه، نؤكد كنقابات مهن حرة الوقوف جميعا إلى جانب القضاء يدا بيد، لما فيه خير البلد والعدالة. كما أوجه التحية إلى نقباء المهن الحرة الذين لبوا الدعوة، فما يمسنا يمسهم ونحن وإياهم في مسار واحد وهدف واحد هو بناء مشروع دولة لا مشروع سلطة، فالغاية قطع رأس الفساد والهدر المستشري في الإدارة”.