IMLebanon

“فتح” تصرّ على الحسم في عين الحلوة!

أكدت مصادر فلسطينية لصحيفة “الراي”  الكويتية ان حركة “فتح” اتخذتْ قراراً بتصفية الناشط الاسلامي بلال بدر ومجموعته الإسلامية المتشددة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين (صيدا) وكسْر “مربّعه الأمني” الذي يتحصن فيه في “حي الطيرة”، بعدما أطلقت مجموعته النار على “القوة المشتركة” التي كانت تتموْضع في مكتب “الصاعقة”، ما أدى الى سقوط قتيلين وعدد من الجرحى.

وساندتْ القرار “الفتحاوي” القوى الوطنية والاسلامية بما فيها حركتا “حماس” و”الجهاد الاسلامي” و”عصبة الانصار الاسلامية” و”الحركة الاسلامية المجاهدة”، وسط اعتبار مصادر فلسطينية ان الاعتداء على “القوة المشتركة” هو اعتداء على كافة القوى الفلسطينية وقد “طفح الكيل” من إصرار بدر على افتعال الأحداث الأمنية المتنقلة وعدم استجابته لأي مبادرة للتهدئة، مذكّرة بموافقته الطوعية على تموْضع “القوة المشتركة” في مكتب “الصاعقة” في الشارع الفوقاني، حيث وضع شروطاً، منها دفع أموال والتعويض المادي عن الأضرار وعدم إطلاق النار على حي “الطيرة” عند أي إشكال، في محاولة لتكريس نفسه كمرجعية لـ “القوى الإسلامية” الأخرى.

ولفت الانتباه في هذه “المعركة”، ان بعض القوى الاسلامية حرصت على إصدار بيانات تأييد للقوة المشتركة بما يشبه رفع الغطاء السياسي عن بدر، حتى لا يقال انها تدعمه سراً، كما اتُهمت في مرات سابقة، اضافة الى ان المعركة هذ المرّة تختلف عن سابقاتها اذ تدور رحاها بين القوى الفلسطينية كافة وبين مجموعة بدر وحيدة، بينما كانت سابقاً بين مجموعته وحركة “فتح” وحيدة، وسط صمتٍ من بعض القوى التي كانت ترى في هذه المعارك كسراً لشوكة “فتح” وهيبتها وإضعافاً لنفوذها امام التمدد الاسلامي، وهو ما يشكل الآن غطاء لتصفية بدر أو تحجيمه واعتقاله وكسر “مربعه الامني المغلق”، فيما اللافت هو حصر الاشتباك في منطقة “الطيرة” وحدها من دون ان تمتد الى باقي المناطق.

وكشفت “الراي” ان حركة “فتح” استقدمت مقاتلين مدرَّبين على مدى يومين متتالين من مختلف المخيمات الفلسطينية ولا سيما من الجنوب للمشاركة في المعركة وحسمها سريعاً، بعدما استطاعت خلال عمليات كرّ وفرّ ليلية وصباحية، الوصول الى أطراف “الطيرة” والدخول الى منزل بدر الجديد عند الطرفي الشرقي المحاذي لـ “بستان الطيار” من دون ان تتمكن من الوصول الى معقله الرئيسي، في وقت ترددت معلومات عن اصابة ثلاثة من مجموعته بينهم مرافقه الشخصي وإصابته خطرة.

وأشارت مصادر فلسطينية الى ان حركة “فتح” رفضتْ مساعٍ من بعض الناشطين لهدنةٍ تقوم على: وقف اطلاق النار دون شروط، والموافقة على انتشار “القوة المشتركة” في مكتب الصاعقة والشارع الفوقاني. اذ أصرّت على انهاء “المربع الامني” الذي يتحصن به بدر في حي “الطيرة” نهائياً وتسليم نفسه ومجموعته للاقتصاص العادل منه.

وتعتبر الاوساط في “عين الحلوة” ان نجاح “فتح” في هذه المهمة وبدعم القوى الفلسطينية سيفتح الأبواب المغلقة امام القوة المشتركة لإسقاط اي من المربّعات الأمنية، لينعم أبناؤه بهدوء واستقرار بعد مرحلةٍ من الفراغ الأمني والأحداث المتنقلة منذ تعليق عمل اللجنة الامنية الفلسطينية العليا وحلّ القوة الامنية المشتركة، وهما الإطاران اللذان كانا يشكلان مظلة حماية سياسية للمخيم وأمنه والجوار اللبناني.

وحصدت الاشتباكات العنيفة قتيلين، أحدهما احد عناصر “القوة المشتركة” الملازم موسى الخربيتي واكثر من 15 جريحاً، بينهم عدد من عناصر القوة، إضافة الى أضرار جسيمة في المنازل والممتلكات ولا سيما في حي الطيرة الذي تعرّض لسقوط قذائف من منطقة جبل الحليب المشرفة عليه، في وقت سُمعت أصوات القذائف الصاروخية والأسلحة الرشاشة في ارجاء مدينة صيدا، وجرت اتصالات لبنانية وفلسطينية لمنع تفاقم الأمور، فيما نزح عدد كبير من عائلات المخيم إلى خارجه تحسباً لاتساع رقعة الاشتباكات التي بقيت محصورة في الشارع الفوقاني.

وأشارت مصادر لصحيفة “السياسة” الكويتية الى أن هناك اصرارا على “حسم موضوع المتمردين والتعامل معهم بحزم وتوقيفهم”، موضحة أن هذه الخطوة التي تجري في المخيم “تأتي بالتوافق مع السلطات اللبنانية” التي قدمت للجهات الفلسطينية ملاحظاتها بشأن “مطلوبين بجرائم تمس الأمن القومي اللبناني”.

وأشارت إلى أنه بعد استقرار الوضع في المخيم جرى تزويد القوة الامنية الفلسطينية من قبل السلطات اللبنانية بقائمة أسماء المطلوبين للتأكد من وجودهم داخله ومن ثم تسليمهم للجيش اللبناني، لافتة إلى أنه جرى اجلاء المرضى من مستشفى صيدا الحكومي الذي يقع عند أحد مداخل المخيم خشية تطور الوضع وتهديد حياتهم، موضحة انه تم توزيعهم على المستشفيات في مدينة صيدا البعيدة والآمنة.

وتوقعت مصادر لصحيفة “الجريدة” الكويتية بقاء الوضع في عين الحلوة على حاله، لان حركة “فتح” وحدها غير قادرة على حسمه، وخصوصا لجهة السيطرة على كل المربعات الامنية التي يسيطر عليها المتشددون، بغطاء مباشر او غير مباشر من عصبة الانصار الاسلامية، التي ترفض وتمتنع انطلاقا من عقيدتها الانجرار في أي اقتتال مع أي طرف محسوب على الإسلاميين، وإنما على العكس تماما فإنها كانت ولا تزال تشكل الغطاء الأمني والسياسي والديني لكل العناصر والمجموعات المتشددة.

وتخوفت المصادر من اتساع رقعة المعارك والاشتباكات الى أحياء اخرى تعتبر مربعات أمنية لمسؤولين وكوادر معروفة بتشددها وتأييدها لداعش واخواتها، وهي أكثر قوة من حيث التسلح والتنظيم، ولديها قدرة عالية في الاقتتال، وفي الدفاع عن مربعاتها وشن الهجمات.

ورأت أوساط فلسطينية مطلعة لصحيفة “المستقبل” أن مؤشرات عدة لافتة تميّز اشتباكات عين الحلوة الحالية عن سابقاتها، منها أنها المرة الأولى التي تحظى فيها حركة “فتح” بإجماع فلسطيني خلف عمل أمني تقوم به ضد مجموعة مسلحة في المخيم وتحديداً ضد مجموعة بلال بدر، والمؤشر الثاني وهو أكثر دلالة، موقف “عصبة الأنصار” الداعم ضمناً لـ”فتح”، بحيث ترجمت العصبة هذا الدعم بعدم السماح لأحد بفتح جبهة الصفصاف معقل العصبة وهو ما قابلته الحركة بالمثل بإبقاء جبهة البركسات المقابلة هادئة. أما المؤشر الثالث، فهو تركز الاشتباكات على محور واحد وعدم فتح جبهات أخرى يمكن أن تشتت تركيز “فتح” ومعها القوة المشتركة على المحور الأول، ما يشير الى أن الوضع الميداني كان يتابع بدقة شديدة من قبل “فتح” والعصبة على السواء.

وكشفت “المستقبل” أن “فتح” تلقت عرضاً من قبل بعض من كانوا يشكلون نواة الشباب المسلم في المخيم نقلته اليها “عصبة الأنصار” ويقضي بأن تتسلم الأخيرة حي حطين ويوضع بلال بدر في تصرفها، مقابل أن لا تدخل بقية المجموعات المسلحة في المعركة الى جانب بدر، وأن الحركة لم تجب على هذا العرض لأنها كانت منشغلة في الميدان.