IMLebanon

“فوبيا الارتباط”… من يخشاها أكثر؟!

 

 

يخشى كريم الارتباط بشخص آخر، وهو إن تجرّأ وأرسى علاقة عاطفية مع إحدى الفتيات سرعان ما تنتهي بعد بضعة أشهر أو حتّى أسابيع إذ يتركها لأي سبب تافه، إنما يكون بنظره مهماً: “بيعمل من الحبّة قبّة”. يبدو أنه مُصاب بـ”فوبيا الارتباط”.

يخاف كريم أن يسلب أحد حريته، ولا يتحمّل تقديم التنازلات بل يتوقّع التنازلات من الشريك الذي يريده أن يتأقلم مع نمط حياته. وحتّى لو وجد كل المواصفات المطلوبة بفتاة معينة، فهو يتركها أمام أي سبب أو نقص يراه فيها. في كل مرّة يبدأ بالتعلق عاطفياً بشخص أو تأخذ العلاقة منحى جدياً، يشعر بالخوف ويتخلّى عنها متوقّفاً عند أسباب غير جوهرية أو حتّى مخترعاً الأسباب ومتوجساً.

وتؤدي وسائل التواصل الاجتماعي دور المنقذ بالنسبة للمُصاب بفوبيا الارتباط، فيتّكل على هذه التطبيقات ليداوي وحدته ويتعرّف الى أشخاص جدد، معتقداً أنه سيجد أفضل من الذي رحل. وهكذا يتابع المُصابون بفوبيا الارتباط تبديل شركائهم المحتملين بوتيرة سريعة، مخلّفين وراءهم ضحايا هلعهم من العلاقات طويلة الأمد.

يوضح جيربريت سينج لصحيفة الاندبندنت البريطانية، وهو أحد المرشدين العلاجيين، أنّ “فوبيا الارتباط تعني الخوف من الالتزام بعلاقة ما أو حتّى الدخول في علاقة”. وتشير الدكتورة أبيجايل سان، المتخصّصة في علم النفس السريري، إلى أنه “على رغم أنّ فوبيا الارتباط لا يمكن قياسها، لكنّ درجاتها تختلف من شخص لآخر”.

أهم أسباب الخوف من الارتباط

يلفت الخبيران إلى علاقة الأبناء مع آبائهم كأحد أهم مسبّبات هذه الفوبيا، فنوع من خوف الارتباط ينمو بسبب تجارب الأبناء مع والديهم في فترة مبكرة من الحياة أي أثناء الطفولة أو النمو أو المراهقة. على سبيل المثال، عدم اتفاق الولد مع أحد والديه ومعاناته من آراء “الكبير” المتسلّطة، وعدم استجابته لرغبات ولده ومتطلباته وآرائه إلّا في وقت متأخر بعد تحوّل الولد إلى راشد، عوامل تنمّي في نفس هذا الولد تناقضاً في تصرّفاته وردود أفعاله تجاه الآخرين، كما يخاف ربط حياته بشخص آخر، وبمسؤوليات تكبّله. وتقول أبيجايل: “إنّ الشخص البالغ الذي يُعتبر أكثر انفصالاً وانعزالاً مقارنةً بغيره ربما كان أكثر انفصالاً عن الأبوين في صغره”.

تجربة سابقة فاشلة

يمكن أن تطرأ فوبيا الارتباط على حياتك إذا تأذّيت من شريك سابق. ويؤكد سينج: “إذا خان محبوب أو شخص تعتمد عليه ثقتكَ في الماضي وتعمّد أذيتك، يُمكن لهذا أن يؤثر على قدرتكَ في الوثوق بأيّ شخص آخر مرّة أخرى. فقد يولد لديك خوف من أن يخونك الآخر كما حدث في المرّة السابقة، ويؤدي هذا الخوف إلى عجز الشخص عن الارتباط”.

عدم تقدير الذات

ويعتقد سينج أنّ ضعف تقدير الذات يمكن أن يسبّب خوفاً من الارتباط، فربّما لا يثق هذا الشخص بأنّ أحداً سيحبّه فعلاً ويختاره لمتابعة الحياة إلى جانبه، ما يجعله لا يؤمن بالحب والارتباط الجدي. وكم من شخص يسعى وراء حبّ مستحيل محاولاً الارتباط بشخص متزوج أو غير قابل للارتباط، فـ”لماذا لا يُقدِّر هؤلاء أنفسهم ويسعون نحو الأفضل؟”.

من يمتنع عن الارتباط أكثر الرجل أم المرأة؟

“إنّ الخوف من الارتباط لا يرتبط بنوع معين، فالمرأة التي واجهت طفولة قاسية تُعد أكثر احتمالاً للإصابة بخوف الارتباط مثل الرجل الذي واجه ماضياً مماثلاً”. ويعتبر سينج أنّ الرأي القائل إنّ الرجال أكثر خوفاً من الارتباط مقارنةً بالنساء يعدّ خرافة إلى حد كبير، بغياب أي إحصاءات تؤكد ذلك.

في المقابل، تشير أبيجايل إلى إظهار دراسات أخرى أنّ النساء أكثر احتمالاً لامتلاك أسباب إنشاء علاقات في حين أنّ الرجال أكثر احتمالاً لامتلاك أسباب إحجام عن الارتباط.

التغلّب على فوبيا الارتباط

يتفق كل من سينج وأبيجايل على أنّ المُصاب بفوبيا الارتباط قادر على التغلّب عليها، وأولى الخطوات هي فهمه للارتباط وقبوله ومن ثم التعامل معه. ويقدّم الخبيران النصائح التالية:

لا تقارن نفسك بالآخرين، وبعلاقاتهم أو طرق ارتباطهم، فلكل شخص حياته المستقلّة وظروفه المختلفة عن غيره. فليس بالضرورة أن تتكرّر في حياتك أحداث علاقة صديقك السعيدة بحبيبته، أو أن ينطبق فشل علاقة أحدهم عليك. قدّر ذاتك، وامنحها ما تريد وما تحبّ. إذهب إلى صالة الرياضة، تناول البرغر، شاهد الأفلام في السينما، ولا تجعل مشاعر الآخرين السلبية تجاه ما تقوم به تغيّر من تصرفاتك. وبالتدريج سيختفي الإحساس بأنّ الارتباط من شأنه أن يمنعك من فعل الأشياء التي تُحبّها.