IMLebanon

الحريري: نعوّل على المساندة الدولية والعربية لضمان استقرار لبنان

 

أكّد الرئيس سعد الحريري أنّ أبرز ما تحتاجه منطقتنا العربية هو الاستقرار الذي يجب أن يكون الهدف الأساسي خاصة وأن الجماعات المتطرفة تحاول ضربه. ولفت الى أنّ دولنا العربية تواجه تحديات عديدة لكن الهدف واحد إيجاد فرص عمل للشباب، وهذا لا يمكن بلوغه إلا بتحفيز النمو الاقتصادي.

كلام الحريري جاء خلال إلقائه كلمة أثناء مشاركته في منتدى الدوحة في قطر، حيث قال إنّ لبنان يواجه عائقا أمام ورشة النمو الاقتصادي يتمثل بوجود مليون ونصف نازح سوري ولن يتمكن من مواجهة تداعيات هذه الازمة منفردا، معوّلاً على المساندة الدولية والعربية لضمان استقرار بلدنا ومناعته وقدرته على الصمود في وجه الاعاصير التي تلف المنطقة.

 

وفي يلي نص الكلمة:

صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر،

أصحاب السمو والفخامة والدولة والمعالي،

أيها الحضور الكريم،

يسرني أن أتواجد معكم اليوم في الدوحة بمناسبة انعقاد منتداها السابع عشر، هذا المنتدى الذي يثبت أهميته عاما بعد عام لطرح المواضيع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأكثر إلحاحا في المنطقة والعالم، ويتيح فرصة نقاشها مع نخبة من القادة والخبراء والأكاديميين ورجال الاعمال من مختلف دول العالم، للوصول لحلول تحقق الاستقرار لكل دولنا.

أيها الحضور الكريم،

إن أبرز ما تحتاجه منطقتنا العربية اليوم هو الاستقرار. فلا أمن من دون استقرار، ولا تنمية من دون استقرار ولا ازدهار من دون استقرار. هذا بنظري يجب أن يكون الهدف الأساسي الذي نعمل على تحقيقه سويا وبأسرع وقت. خاصة وأن الجماعات المتطرفة تعي هذا الأمر جيدا وتحاول ضرب الاستقرار في كل أنحاء العالم، حتى باتت تشكل خطرا يتطلب مواجهته بالتعاون بين كل الدول وكل المجتمعات وكل الأديان والثقافات.

في زمن العولمة، صار التطرف معولما، وصار الإرهاب معولما، وصارت الأخطار كلها معولمة. فلا مجال لمواجهتها أو مواجهة جزئياتها إلا برد معولم.

أيها الحضور الكريم،

دولنا العربية اليوم تواجه تحديات عديدة، منها ما هو مشترك، ومنها ما هو خاص بكل دولة على حدة. ولكل دولة ومجتمع مقاربته الخاصة لمواجهة هذه التحديات، إلا أن الهدف، برأيي، من كل المعالجات، هو واحد، ويجب أن يكون واحدا، وهو إيجاد فرص العمل، وللشباب بشكل خاص. وهذا هدف لا يمكن بلوغه، إلا بتحفيز النمو الاقتصادي،

بالشراكة الكاملة بين القطاعين العام والخاص. ونحن في لبنان نضع في أولويات حكومتنا إنجاز قانون الشراكة بين العام والخاص، ليكون إطارا لرعاية هذه الشراكة وتفعيلها.

ولا يخفى على أي منكم، أن لبنان عانى من شلل سياسي انعكس اقتصاديا طوال قرابة ثلاثة أعوام. أما اليوم، وبعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة “استعادة الثقة” فإن المؤشرات عادت للتحسن وإن ببطء، وشرعنا بإطلاق ورشة من الإصلاحات للنهوض باقتصادنا بكل قطاعاته، ولا بد لي هنا من شكر الصناديق العربية التي كانت دائما محركا وداعما للمشاريع الإنمائية في كل المناطق اللبنانية.

أيها الحضور الكريم،

إن لبنان، يواجه صعوبة خاصة وعائقا أساسيا أمام ورشة النمو الاقتصادي، يتمثل بوجود مليون ونصف مليون نازح من إخواننا السوريين، أضيفوا إلى قرابة نصف مليون لاجئ فلسطيني، على أراضيه. لقد قام اللبنانيون، دولة ومجتمعا مدنيا، بكامل واجباتهم والتزاماتهم حيال هذه الأزمة الإنسانية، وما زالوا، وهذا ليس فيه منّة أو جميل لأحد. لكن لبنان لن يتمكن من الاستمرار بمواجهة تداعيات هذه الأزمة منفردا. فأعداد النازحين واللاجئين في بلدنا، تلامس نصف عدد المواطنين، ما رفع نسبة الفقر إلى 30 في المئة، وضاعف معدلات البطالة إلى 20 في المئة، وأكثر من 30 في المئة بين الشباب، وأرهق الخدمات العامة والبنى التحتية، وزاد من عجز المالية العامة، في وقت تراجع النمو الاقتصادي من 8 في المئة سنويا قبل الأزمة، إلى ما يقارب الواحد في المئة حاليا.

ولأعطيكم مثالا واحدا، فإن عدد التلامذة السوريين في المدارس الرسمية اللبنانية، بات 230 ألفا، في مقابل 200 ألف تلميذ لبناني! هذا مع العلم أن التسرب المدرسي تقارب نسبته الخمسين في المئة بين الإخوة النازحين السوريين، وأن المدرسة الرسمية اللبنانية تعمل على مدار الساعة تقريبا، لإستيعاب هذا الضغط، الذي تشهد مثله المستشفيات والمستوصفات والمياه والكهرباء والطرقات وكل الخدمات والبنى العامة.

البنك الدولي يقدر إجمالي الخسارة التي تكبدها الناتج المحلي اللبناني جراء هذه الأزمة حتى نهاية 2015 فقط بأكثر من 18 مليار دولار، وهو رقم بات يقارب 25 مليار دولار اليوم.

أيها الحضور الكريم،

إن حكومتنا قررت مواجهة هذه الأزمة، وهي وضعت رؤية موحدة بهذا الهدف، قائمة على رفع مستوى البنى التحتية والخدمات العامة لإعادة تأهيلها بعد الضغط الذي تعرضت له وتمكينها من الاستمرار باستيعابه. ونحن نطلق هذه الخطة الطموحة لأن واجبنا هو النهوض باقتصادنا وحماية بلدنا وتوفير فرص العمل لشبابنا. إلا أننا نعوّل على المساندة الدولية والعربية في تمويل برنامج الاستثمار في البنى التحتية والخدمات العامة، ونعلم أن اخواننا العرب الذين كانوا دائما إلى جانب لبنان في السراء والضراء، سيكونون في طليعة المشجعين وفي قيادة المجتمع الدولي إلى المساهمة معهم في ضمان استقرار بلدنا ومناعته وقدرته على الصمود في وجه الأعاصير التي تلف المنطقة.

ختاما، اشكر سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وحكومة قطر وشعبها، على وقوفهم الدائم إلى جانب قضايا الحق، وإلى جانب لبنان تحديدا في الأيام الحلوة كما الصعبة، كما أتوجه بالشكر للقيمين على هذا المنتدى ولكم جميعا على إتاحة هذه الفرصة أمامي.

وشكرا.

والتقى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على هامش مشاركته في “منتدى الدوحة”، رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية القطري عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني في حضور الوزراء: معين المرعبي، بيار أبي عاصي وملحم رياشي والسفير اللبناني في قطر حسن نجم والسيد نادر الحريري.

وجرى خلال اللقاء عرض لآخر المستجدات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها.

وكان الرئيس الحريري قد التقى كذلك رئيس جمهورية مالي إبراهيم أبو بكر كيتا وعرض معه آخر التطورات والعلاقات الثنائية.

وأقام وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني مأدبة غداء على شرف رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والوفد المرافق في فندق “فور سيزون” في الدوحة، جرى خلالها تبادل وجهات النظر بشأن آخر المستجدات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين.