IMLebanon

انتقاد واسع لتغييب الدولة في صفقة “حزب الله” و”النصرة”

 

كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الأوسط”:

أثارت صفقة تبادل الأسرى بين «حزب الله» و«جبهة النصرة»، اعتراضا سياسيا في لبنان، خصوصا أنها شملت الإفراج عن عناصر يتهمهم القضاء اللبناني بالتورط في أعمال إرهابية، مقابل الإفراج عن عناصر من الحزب أسرتهم «النصرة»، وهو ما اعتبره سياسيون «انتقاص من سيادة الدولة اللبنانية»، هو ما وضع الدولة في موقف المتفرّج، وأثبت أن قرار الحرب والسلم رهن إرادة «حزب الله» دون سواه.

وسارع رئيس حزب «الكتائب» اللبنانية، النائب سامي الجميل، إلى توجيه سؤال عبر رئاسة مجلس النواب إلى رئيس الحكومة ووزراء العدل والدفاع والداخلية في موضوع الاتفاق مع «جبهة النصرة»، وسأل «من أخذ القرار وسمح بترك المجرمين المقاتلين في جرود عرسال، وسهّل عودتهم إلى بلادهم دون محاكمة وعقاب؟ من أخذ القرار بتخطّي القضاء اللبناني وإطلاق سراح مجرمين متهمين بالإرهاب وبالانتماء إلى تنظيم إرهابي من السجون اللبنانية؟».

وتابع الجميل «من أخذ القرار بتدخّل السلطات السياسية والأمنية بالقضاء اللبناني، ومنع محاكمة الإرهابيين الموقوفين وتحقيق العدالة؟، ما موقف وزير العدل مما حصل؟ هل هذه هي الاستراتيجية التي ستتّبعها الحكومة بالتعامل مع كل الإرهابيين الذين يتعرضون لأمن لبنان؟، كيف ستردع الحكومة اللبنانية مجموعات إرهابية وإجرامية أخرى، أو كل من تسوّل له نفسه القيام بانتهاك السيادة اللبنانية»؟. وطالب الجميل رئيس الحكومة ووزراء الدفاع والداخلية والعدل بـ«إجابة خطية على سؤاله، وإلا سيتم تحويله إلى استجواب».

حملة الانتقادات التي طالت الحكومة والطبقة السياسية، سواء في التصريحات الإعلامية، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لم توفر القضاء ودوره في هذه العملية، لكن مصدراً قضائياً أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «قرار الإفراج عن عدد قليل من الموقوفين (التابعين لـ«جبهة النصرة»)، لا تشوبه شائبة، وجاء بالاستناد إلى أحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية». ولفت إلى أن قرار تركهم «جاء معللاً، باعتبار أن المخلى سبيلهم، قضوا في السجن مدة طويلة توازي المدة التي يتوقّع تجريمهم بها». وشدد المصدر القضائي على أن «المحكمة العسكرية ماضية بمحاكمة هؤلاء المخلى سبيلهم، وإذا لم يحضروا جلسات المحاكمة التي ستبدأ في وقت قريب، ستجري محاكمتهم بالصورة الغيابية باعتبارهم فارين من العدالة، وستصدر أحكام غيابية بحقهم وستشدد عقوبتهم».

ويبدو أن موجة الاعتراض على هذه الصفقة آخذة في الاتساع، حيث أيّد عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب أمين وهبي الأسئلة التي وجهها رئيس حزب «الكتائب» إلى الحكومة والوزراء المختصين. ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «صفقة التبادل بين الحزب و«جبهة النصرة»، فيها انتقاص من سيادة الدولة اللبنانية». وقال: «أصلاً نحن ضدّ وجود سلاح (حزب الله)، وإذا كانت هناك معارك ضرورية مع الإرهابيين فالجيش اللبناني هو من يتولاها»، مؤكداً أن «قرار الحرب والسلم هو بيد الحزب وليس بيد الدولة، بدليل أن (حزب الله) يخوض معاركه في سوريا والعراق واليمن، ولديه مجموعات إرهابية في الكويت ودول الخليج، تنفذ سياسيات إيران».

وكان «حزب الله» اعترض مرات عدة على صفقة التبادل التي أبرمت بين الدولة و«جبهة النصرة» في العام الماضي، وأدت إلى الإفراج عن جنود من الجيش اللبناني كانوا أسرى لدى «جبهة النصرة»، ورفض إطلاق سراح عدد من الموقوفين بحجة تورطهم بـ«أعمال إرهابية وتفجيرات»، في حين أصر الآن على تسريع الصفقة من أجل تحرير مقاتليه الأسرى لدى «النصرة».

أما عضو كتلة «الكتائب» النائب فادي الهبر، فاعتبر أن «ما يجري يثبت بأن القرار السياسي في لبنان هو بيد (حزب الله)». وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة التي يفرضها الحزب في البيانات الوزارية، تستثمر على الحدود، سواء في إعلان الحرب مع إسرائيل أو مع الجماعات المسلحة، أو بخوض الحروب في الخارج».

ومع استفحال هذه الحالة، التي تضرب ما تبقى من كيان الدولة ومؤسساتها الدستورية، أكد النائب الهبر، أن «لا أمل في حياة سياسية في لبنان، قبل وضوح الرؤية الإقليمية والدولية، حيث تدور حرب عالمية على أرض سوريا»، مشيراً إلى أن «الدولة اللبنانية كلها تأتمر بأمر (أمين عام «حزب الله») السيد حسن نصر الله». وقال: «الحكومة كلها باتت رهن إرادة (حزب الله) الآمر الناهي في كل شيء»، مستغرباً «الاستسهال في استباحة الدولة والقضاء والسجون، وبالتالي استباحة السيادة اللبنانية بهذه الطريقة المذلّة».