IMLebanon

“تحمية” تصاعدية للمعركة الوشيكة ضدّ “داعش”

 

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: …كلّ العيون السياسية في بيروت معلَّقة على سلسلة الجبال الشرقية المتاخمة للحدود مع سورية والمتداخلة مع التحوّلات الهائلة في بلاد الشام… فلبنان الذي لم يكن يوماً بمنأى عما يحوطه، التحق أخيراً عبر الجغرافيا القاسية وممرّاتها الصعبة في الجرود الحدودية بالتموْضعات الجديدة في سورية ومُقاطَعات النفوذ الدولي والإقليمي على أراضيها السائبة.

وفي الجرود التي طوتْ صفحة «جبهة النصرة» بمعركةٍ خاضها «حزب الله»، وتتّجه لطيّ صفحة تنظيم «داعش» بمعركةٍ يستعدّ لها الجيش اللبناني، تَرْتسم معالم حقبة لبنانية جديدة تعلو فيها إرادة «حزب الله» وتُطرح معها أسئلة عن مصير حكومة «التسوية الاضطرارية» ومآل الضغوط الغربية والعربية، إضافة الى مستقبل التركيبة اللبنانية برمّتها في ظل التسليم بتحوّل «حزب الله» جيشاً رديفاً في البلاد.

فمعركة الجرود، في مغزاها الاستراتيجي مكّنتْ «حزب الله»، الذي يقاتل في سورية لتوسيع رقعة النفوذ المشترك لنظام الرئيس بشار الأسد وإيران في اتجاه البادية والحدود مع العراق، من اقتلاع «الشوكة الأخيرة» من على الحدود اللبنانية – السورية على النحو الذي يَضمن له تفوقاً استراتيجياً على الجغرافيا السورية وكذلك اللبنانية وبمفاعيل إقليمية لا يُستهان بها.

وبدا أن «حزب الله» في معركته العسكرية التي انتهتْ بتفاوضٍ أخرج «النصرة» من لبنان، حقّق ما أراد عبر معركة إعلاميةٍ – سياسية موازية خاضها ببراعةٍ وتجلّت نتائُجها في انضباط الداخل اللبناني تحت سقف أجندته، وهو ما عبّر عنه الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله حين حرص في اطلالته التلفزيونية اول من امس على «التنويه» بأدوار ومواقف رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة وتعاونهم.

ورغم التسليم العام بـ «الانتصار» الذي حقّقه الحزب تحت وطأة حملات الترويج التي جاءت بمثابة «إنزال» على البيئات السياسية – الطائفية المختلفة من «خلف خطوط» تموْضعات خصومه، فإنه ظهَر مرتاباً مما بقي من أصوات اعتراضٍ آخذة في التصاعد لحرمانه من اعترافٍ شامل بأدواره ووضعيّته خارج الدولة خصوصاً في ظلّ دعوات لتوسيع مفاعيل نطاق القرار 1701 لتشمل الحدود الشرقية للبنان.

ووسط استمرار «الغبار» السياسي حول عملية جرود عرسال التي نفّذها «حزب الله» وملابسات التفاوض الذي أَخرج «النصرة» الى إدلب، بدأ الجيش اللبناني عملية «تفاوض بالنار» مع تنظيم «داعش» المنتشر في جرود القاع ورأس بعلبك (امتداد لعرسال) لطرْد مسلّحيه من البقعة اللبنانية واسترداد أسرى الجيش التسعة الذين سبق ان وقعوا في قبضة «داعش» إبان معركة 2 اغسطس 2014.

وارتفعتْ في الساعات الماضية وتيرة القصف المدفعي والصاروخي من الجيش اللبناني في اتجاه مواقع «داعش» في الجرود، وسط تقارير عن ان طائرة نوع «سيسنا» تابعة لسلاح الجو في الجيش استهدفت مراكز للتنظيم وشنّت غارات على أكثر من موقع له، ما أوحى بأن الساعة صفر للمعركة تقترب، في ظلّ بدء ارتسام حساسيّتها من خلال الكلام الذي أطلقه نصرالله وبدا معه كأنه حدّد مسارها «خلال أيام» والأهمّ أنه حسم أمر الشراكة العسكرية فيها بين الجيش اللبناني و«حزب الله» والجيش السوري على قاعدة «الجبهة الواحدة» بين المقلبيْن اللبناني والسوري «والتوقيت بيد الجيش اللبناني، وفي الجبهة السورية سيكون الجيش السوري وحزب الله وسنقاتل هناك».

وفيما أعلن الجيش اللبناني عن استهداف وحداته مراكز «داعش» في جرود رأس بعلبك «براجمات الصواريخ والمدافع الثقيلة حيث دمّرتْ عدداً من التحصينات والآليات وأوقعتْ إصابت مؤكّدة في صفوف الإرهابيين»، كان بارزاً ما أبلغه مصدر عسكري لبناني لـ «رويترز» من «أن الجيش اللبناني لن يتعاون مع الجيش السوري لقتال داعش في المعركة المنتظرة في جرود رأس بعلبك والقاع»، مشيراً الى «أن الجيش اللبناني لديه من القدرة العسكرية ما يمكنه من مواجهة التنظيم المتشدد وهزيمته دون أي دعم إقليمي أو دولي».

وبدا كلام المصدر في سياق احتواء اي تفاعلات داخلية وخارجية لما ظهر وكأنه «أمر اليوم» من نصرالله، الى جانب قطع الطريق على ما تردّد عن امكان تلقي الجيش غطاء جوياً أميركياً – روسياً في معركته المرتقبة.

ولم تستبعد أوساط سياسية ان يفضي مسار المواجهة الوشيكة مع «داعش» الى إذعان التنظيم للتفاوض على النحو الذي يَضمن استرداد أسرى الجيش وخروج مسلّحي «داعش» الى البادية السورية او الرقّة في تكرار للسيناريو مع «النصرة».