IMLebanon

الاعتراف بالأسد قائم (بقلم بسام أبو زيد)

 

كتب بسام أبو زيد

في الأعراف الديبلوماسية ووفق القانون الدولي، عندما تقدم حكومة مجتمعة بتعيين سفير في دولة ما، فهو اعتراف بهذه الدولة وبنظام الحكم القائم فيها، لاسيما وأن قرار التعيين لم يترافق مع أي قرار آخر يقول بعدم تقديم أوراق الاعتماد أو الاستمهال في الموضوع.

هذه الحال تنطبق تماما على الحكومة اللبنانية التي عينت سفيرا للبنان في دمشق هو سعد زخيا، ويفترض أن يقدم أوراق اعتماده للرئيس السوري بشار الأسد ليس بصفته الشخصية وإنما بصفته ممثلا عن الحكومة والدولة اللبنانية.

هذا هو إذا أول اعتراف واضح من الحكومة اللبنانية مجتمعة بالنظام السوري، ولم تتصاعد أصوات معارضي النظام في الحكومة اللبنانية مستنكرة لهذا التعيين كما لم تعتبره أبدا في غير مكانه. والسؤال المطروح هنا إلا يؤدي هذا التعيين إلى تعويم نظام الاسد؟ ألا يجعل هذا التعيين من لبنان بنظر المجتمع العربي والدولي داعما لهذا النظام؟

وبالانتقال إلى استجرار الكهرباء من سوريا، لبنان يستفيد حاليا من 108 ميغاوات من الكهرباء المنتجة في سوريا ويمكن أن ترتفع هذه الكمية إلى نحو 270 ميغاوات، ويدفع لبنان ثمن الكيلووات الواحد نحو 14 سنتا وفق أسعار النفط الحالية، أي أن الخزينة اللبنانية تدفع للنظام السوري سنويا 100 مليون دولار، بأمر من مصرف لبنان وبموافقة وزارتي المال والطاقة. ألا يشكل ذلك دعما مباشرا للنظام السوري لم يعترض عليه معارضو هذا النظام في الحكومة اللبنانية؟

بين لبنان وسوريا معاهدة التعاون والأخوة والتنسيق وهي معاهدة لا تزال موجودة ولم تلغ، ولم يتم حتى تعليق العمل بها من قبل الحكومات اللبنانية المتعاقبة والتي كان معارضو النظام السوري ممثلين فيها ولم يتمكنوا من تحقيق هذه الخطوة وحتى قبل اندلاع الثورة السورية. هذه المعاهدة نجم عنها المجلس الأعلى اللبناني السوري والذي يملك هيكلية إدارية يرأسها الأمين العام نصري خوري وهو لبناني، ولهذه الهيكلية موازنة مالية مشتركة بين لبنان وسوريا، ويقر لبنان سنويا في موازنته حصته من الأرقام المالية المخصصة للمجلس الأعلى من دون أي اعتراض من المناهضين للرئيس السوري في لبنان. أليس هذا وجها من أوجه الاعتراف والدعم للنظام في سوريا؟

كثيرة هي الحالات التي يدعم فيها لبنان الرسمي النظام السوري، وتؤكد يوميا على الاعتراف به، وهذا أمر لن يتبدل ولن يتغير في معيار ميزان القوى القائم حاليا، إذ إن المعارضين لنظام الأسد في لبنان لم يتمكنوا بعد الانسحاب السوري في العام 2005 من فرض أي من شروطهم ومطالبهم، وقد ازداد هذا الأمر صعوبة لا بل أصبح مستحيلا مع السنوات التي تلت رغم اندلاع الثورة السورية وما لاقته من دعم عربي ودولي، وقد أصبح الأمر الآن أكثر استحالة مع استعادة هذا النظام للكثير من مواقع القوى في سوريا وفي لبنان على الاقل، وبالتالي لم يتبق أمام بعض معارضيه الحكوميين في لبنان سوى رفع الصوت وأحيانا بخفر.